حرب نجوم بين إيران وإسرائيل بالوكالة... القوى العظمى تخوض حربها الرقمية

p
بقلم: ريم بالخذيري
تبادل الرشقات الصاروخية والقصف المتبادل بين إيران وإسرائيل تحوّل إلى حرب غير تقليدية بين دولتين لا حدود مشتركة بينهما ولا نزاعات تاريخية مباشرة.
فالحروب التقليدية هي مزيج من القصف الجوي والاشتباك البري وكرّ وفرّ وضحايا من الجيشين وأسرى. العامل البشري هو من يحدد المنتصر فيها من المنهزم.
لكن ما نشهده اليوم في سماء إيران وإسرائيل هو "حرب نجوم" تقوم على الاعتراضات، والمناورات، والتخفي، حيث تفرض التكنولوجيا سيطرتها المطلقة.
العالم لا يشاهد حربًا عادية، بل مزادًا وسوقًا للأسلحة الرقمية المتطورة من منصات صواريخ وطائرات مسيّرة وطائرات "إف-35" الشبحية، التي تُستعمل لأول مرة.
تجار هذا السوق ليسوا طرفي الحرب، بل من موّلوهما بالتكنولوجيا:
* إيران تعتمد على الأسلحة والتكنولوجيا الروسية والصينية
* إسرائيل تستعمل تكنولوجيا أمريكية وبدرجة أقل ألمانية
إنها حرب بالوكالة واستعراض للتكنولوجيا الحربية، ستنتهي حالما تُستكمل تجارب هذه المنتجات ليتم تسويقها وفرضها على الدول المهووسة بالتسلّح.

حرب تُكتب بالخوارزميات والطائرات دون طيار
الحرب الحالية بين إيران وإسرائيل تُكتب بخوارزميات معقدة وطائرات دون طيار، ويخوضها خبراء إلكترونيات ومهندسو أمن معلومات بقدر ما يخوضها الجنود.إنها حرب تكنولوجية بامتياز، ونموذج مرعب لحروب المستقبل، حيث يكون الحاسوب أول من يطلق النار.
من يملك السماء يفرض واقعه على الأرض
تكشف الحرب أن العالم يعيش تحوّلا جذريًا في مفهوم الحرب الجوية:لم يعد الانتصار مرتبطًا بعدد الطائرات أو سرعة المناورة، بل بـ:
* مستوى البرمجة
* دقة الخوارزميات
* فعالية الأنظمة الذاتية
تمتلك إسرائيل واحدة من أكثر القوات الجوية تطورًا، بـ300 طائرة مقاتلة منها طائرات "F-35" التي حصلت عليها من الولايات المتحدة.
ووفق مجلة "فوربس"، نفذت إسرائيل أكثر من 4000 غارة في سوريا منذ 2012 دون خسارة تُذكر، لكنها مؤخرًا فقدت 4 طائرات "F-35" نتيجة تكنولوجيا صينية وروسية معدّلة في طهران، مما شكل ضربة كبيرة للمشروع الترويجي الأمريكي لهذه الطائرة.
في المقابل، إيران ردّت في أفريل 2024 بهجوم صاروخي وطائرات مسيّرة على تل أبيب، فأسقطت الدفاعات الإسرائيلية المدعومة بـ "القبة الحديدية" و"مقلاع داوود" أكثر من 90% من المقذوفات، في أداء دفاعي غير مسبوق.
ورغم ضعف سلاح الجو الإيراني تقنيًا، فإن العدد الهائل للطائرات المسيّرة والصواريخ ساهم في موازنة المعادلة جزئيًا.
وقد نشرت إيران عام 2023 أكثر من 250 طائرة انتحارية من نوع "شاهد-136" في هجمات ضد مصالح أمريكية وإسرائيلية.
لكن الهيمنة الجوية بقيت بيد إسرائيل التي تلقت دعمًا أمريكيًا عبر تحديث مجالها الجوي بـ:
* صواريخ Patriot PAC-3
* طائرات مراقبة دون طيار
حروب بلا جنود وسماء مكتظة بالتكنولوجيا
المعارك لم تعد تُحسم على الأرض فقط، بل في سباق تكنولوجي عسكري رهيب:* الطائرات الشبح
* الصواريخ الذكية
* أنظمة الدفاع الفائقة
الطائرات دون طيار (UAVs) أحدثت ثورة كبرى:
* بيرقدار TB2 التركية غيّرت موازين الحرب في ليبيا وأوكرانيا
* MQ-9 Reaper الأمريكية بمدى 1800 كلم، تحليق 24 ساعة، وقدرة عالية على التخفي، يُرجّح استخدامها في عمليات الاغتيال الإسرائيلية الأخيرة
إيران تمتلك:
* "شاهد-136": طائرة انتحارية بسيطة لكنها فعالة ومنخفضة الكلفة
* أنظمة S-500 الروسية: تسقط أهدافًا على ارتفاع 200 كلم
* مقابل "القبة الحديدية" الإسرائيلية بنسبة اعتراض تتجاوز 90%
أما الامتياز الأكبر فيبقى لصواريخ Patriot PAC-3 الأمريكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد وتدمير الأهداف.
صواريخ فرط صوتية تغيّر قواعد اللعبة
دخلت الصين وروسيا والولايات المتحدة سباق الصواريخ الفرط صوتية Hypersonic بسرعة 25,000 كلم/س، منها:* "أفانغارد" Avangard الروسية
* DF-17 الصينية
* ARRW الأمريكية
يمكنها حمل رؤوس نووية، وتصل أي هدف في العالم خلال دقائق، وتجعل الإنذار المبكر شبه مستحيل.
الذكاء الاصطناعي: السلاح الحاسم في الحروب المقبلة
السلاح الأخطر هو الذكاء الاصطناعي العسكري، الذي سيعوّض:* القادة
* الجنود
* الخطط الحربية
ومن أبرز تطبيقاته:
* طائرات ذاتية التوجيه تتخذ قرار القتل دون تدخل بشري
* روبوتات قتالية تتنقل في الميدان وتتعلّم من البيئة
مشاريع مثل:
* "Skyborg" الأمريكية
* "Ghost Bat" الأسترالية
تؤكد أن المستقبل حروب هجينة بين البشر والآلات.
الحرب السيبرانية... المعركة الخفية
إلى جانب الحرب الجوية، أصبحت الهجمات الرقمية تُعادل أو تفوق الضربات العسكرية:* فيروس Stuxnet عطّل البرنامج النووي الإيراني
* عمليات يومية تنفذها وحدات إلكترونية في إسرائيل، روسيا، الصين، وإيران
* استهداف للبنية التحتية، القنوات التلفزية، كابلات الإنترنت
خاتمة: حرب تُدار من "السيرفر" وليس الميدان
الحروب لم تعد مواجهات ميدانية، بل معارك ذكية تُدار بخوارزميات تفوق سرعة القرار البشري.الصراع الإيراني الإسرائيلي هو مخبر مفتوح لاختبار الأسلحة، وسوق لترويج التكنولوجيا الحربية.
القوى العظمى تخوض معاركها الرقمية على أراضي الآخرين:
* أمريكا تدعم إسرائيل بأنظمة "باتريوت"، "MQ-9"، و"F-35"
* الصين وروسيا تدفعان بإيران لاختبار صواريخهما وطائراتهما وأنظمة "S-500"
اليوم، لا حاجة لإرسال الجنود، بل يكفي لوحة مفاتيح على بعد آلاف الكيلومترات لشن هجوم شامل.
إنها حرب بلا جغرافيا، بلا خرائط ورقية، وبلا حدود، من يملك السماء ويسيطر على البيانات، يفرض واقعه على الأرض.
ما نعيشه اليوم هو النموذج المصغّر لحروب الغد:
حروب تُكتب على الخوادم، وتُحسم بالخوارزميات، ويُعاد فيها رسم خرائط العالم... بلا قطرة دم، بل بنقرة زر.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 310388