
خير الدين بربروس، حكاية قرصان الجزائر الذي أصبح "ملك البحار" Bookmark article

في أغسطس/آب عام 1543 فرض أسطول عثماني بقيادة خير الدين بربروس حصاراً بحرياً على شواطئ مدينة نيس الفرنسية في حرب ضد الإمبراطورية الرومانية المقدسة (إمبراطورية هابسبرغ)، في وقت كان يحتل فيه اسم بربروس مكانة بارزة في البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا. فمن هو خير الدين بربروس؟
في جزيرة ليسبوس في بحر إيجة، وهي جزء من اليونان الحالية، وتحديداً في سبعينيات القرن الخامس عشر عندما كانت الجزيرة تحت السيادة العثمانية (خضعت الجزيرة للعثمانيين بين 1462 و1912)، ولد واحد من أبرز أبطال الإمبراطورية العثمانية وهو "قرصان الجزائر" الذي تحول لاحقاً إلى ملك البحار، خير الدين باشا بربروس، ويعني لقبه باللغة الإيطالية صاحب اللحية الحمراء، كما ولد هناك أيضاً شقيقه عروج.
مقاومة النفوذ الإسباني
كان الأخوان بربروس يمارسان القرصنة في البحر الأبيض المتوسط عندما بسطت إسبانيا سيطرتها على قرطبة عام 1492، لتهزم آخر دويلة إسلامية في شبه الجزيرة الأيبيرية، فانتقل السكان المسلمون إلى شمال إفريقيا.
وفي عام 1505، كان الإسبان والبرتغاليون يتطلعون إلى تحقيق توسع إقليمي في شمال إفريقيا، فشنوا هجمات على المدن الساحلية للمنطقة.
في ذلك الوقت، كان خير الدين وعروج يمارسان القرصنة بتوجيهات من كوركود، نجل السلطان العثماني بايزيد الثاني، فكانا يعطلان حركة الملاحة الإسبانية والبرتغالية في غرب البحر المتوسط.
وبموت بايزيد الثاني عام 1512، دب صراع بين ولديه سليم وأحمد، ومع هزيمة أحمد تدفّق أنصاره إلى شمال إفريقيا.
وقد أعدم السلطان سليم أخاه كوركود الذي لم يكن يثق فيه، فهرب الشقيقان بربروس إلى شمال إفريقيا ليبتعدا عن حاكم من الواضح أنه كان معادياً لهما، وانضما إلى جهود تلك المنطقة في مقاومة النفوذ الإسباني.
وفي خلال السنوات الثلاث التالية، برز اسم الشقيقين بربروس في الحملات البحرية المناوئة للإسبان والبرتغاليين في غرب المتوسط.
دولة القراصنة
وفي عام 1516، شن الشقيقان هجوماً على مدينة الجزائر التي بسط عروج سيطرته عليها.
وقد اعترف العثمانيون بهذه التطورات الجارية على الأرض في شمال إفريقيا، وعرضوا الدعم المالي والسياسي على الأخوين، الأمر الذي مكّنهما من تعزيز مكاسبهما.
ثم عرضت الدولة العثمانية منصب حاكم الجزائر على عروج، ومنصب أمير البحر في غرب المتوسط على خير الدين، لكن اندماج الشقيقين لم يكن اندماجاً تاماً في الدولة العثمانية.

وفي عام 1518، لقي عروج حتفه في قتال الإسبان الذين استعادوا السيطرة على مدينة الجزائر، وفي ذلك الوقت تقدم خير الدين، الذي حمل لقب بربروس، لقتال الإسبان، وطلب مساعدة العثمانيين، ونجح في السيطرة مجدداً على المدينة التي تحولت تدريجياً لأول دولة للقراصنة، التي تنامى استقلالها العسكري والسياسي بمرور الزمن عن الدولة العثمانية.
كان العثمانيون قد استخدموا الجزائر في وقت لاحق كقاعدة عمليات متقدمة لهم في غرب البحر المتوسط، وفي ذلك الوقت ارتبط بربروس رسمياً بالدولة العثمانية.
وفي عام 1522، استولى السلطان العثماني سليمان القانوني على جزيرة رودس ونصّب بربروس حاكماً عليها.
وبعد استيلاء بربروس وقواته على تونس عام 1531، جعله القانوني الأدميرال الأكبر (قبطان باشا) للدولة العثمانية، وصار يعمل رئيساً لأركان حرب البحرية العثمانية.
وكانت أعظم معارك بربروس البحرية، هي عند انتصاره في بريفيزا (اليونان) عام 1538 على أساطيل فينيسا وجنوه وإسبانيا والبرتغال ومالطة ودولة البابا.
وكان سر انتصاره، اعتماده على السفن ذات المجاديف بدلاً من السفن الشراعية التي تعتمد على الرياح، ما جعل سفنه تتمتع بقدرة أكبر على المناورة، فنجح أسطوله الذي ضم 122 سفينة في هزيمة 300 سفينة للأساطيل المعادية.
وقد فتح له هذا النصر الطريق أمام سيطرة العثمانيين على طرابلس وشرق البحر المتوسط.
وبعد ذلك، شارك بربروس في عدة حملات عسكرية، من بينها مساعدة الفرنسيين ضد الإمبراطورية الرومانية المقدسة (إمبراطورية هابسبرغ) في عام 1543 الذي شهد حصار شواطئ مدينة نيس، وفي عام 1544.
وتوفي خير الدين بربروس في القسطنطينية عام 1546.
- ما قصة فاطمة الفهرية التي أسست أقدم جامعة في العالم؟
- الثورة الجزائرية: قصة مروحة اليد التي أوقعت الجزائر في فخ الاستعمار الفرنسي
- كيف فقد مسلمو الأندلس "فردوسهم"؟
