على هامش الانتخابات التركية: هل تقتصر الديموقراطية, فقط على صناديق الاقتراع !

مرتجى محجوب
اعلن السيد "اردوغان" عن فوزه في الانتخابات الرئاسية التركية, حتى قبل اقرار ذلك رسميا من طرف الهيئة المشرفة عليها, كما اعتبر في خطابه انه يوم مشهود و انتصار للشعوب المقهورة! و للديموقراطية في تركيا! خصوصا في ظل نسبة اقبال مرتفعة ناهزت 90 % من مجموع الناخبين .
اعلن السيد "اردوغان" عن فوزه في الانتخابات الرئاسية التركية, حتى قبل اقرار ذلك رسميا من طرف الهيئة المشرفة عليها, كما اعتبر في خطابه انه يوم مشهود و انتصار للشعوب المقهورة! و للديموقراطية في تركيا! خصوصا في ظل نسبة اقبال مرتفعة ناهزت 90 % من مجموع الناخبين .
كنت شخصيا ,ساوافقه الراي, لو لم تجرى الانتخابات في ظل حالة طوارئ معلنة من طرفه ,و لو لم تضيق السلطات في عهده الخناق على الاعلام و حرية التعبير و على سائر المعارضين السياسيين . كنت ساشيد بالتجربة الديموقراطية التركية, لو لم يقدم على اعتقال مئات الالاف من الموظفين و الامنيين و العسكريين و رجال الاعمال ,بدعوى تورطهم في محاولة انقلاب سنة 2016, و تقديمهم لمحاكمات تحت سلطة قضائية لا يمكن ان نصفها حاليا بالمستقلة ,
دون ان نغفل ,ما تسبب فيه حزبه من انقسام حاد و استقطاب خطير صلب المجتمع التركي, نتيجة توظيفه للدين في المسالة السياسية, يمكن ان يدفع لحرب اهلية او اقتتال داخلي ,قادر على محو كل النجاحات الاقتصادية و التنموية المحققة على مدى سنوات .
في نفس السياق ,لا بد من الاشارة الى ما اثبتته عمليا تجارب عديد الدول, حيث حلت الفتنة و الانقسام و حتى التفكيك ,اينما حل ما يسمى "بالاسلام السياسي" و لو بدرجات متفاوتة .
الديموقراطية اذا, يا سيد "اردوغان" و سائر انصار و اتباع ما يطلق عليه "بالاسلام السياسي", و الاسلام منهم براء, لا تقتصر على صناديق الاقتراع, و الا لكنا صنفنا انظمة "بن علي" في تونس او "مبارك" في مصر ضمن الانظمة الديموقراطية ,اذ كانت تجرى في عهدهم انتخابات رئاسية و تشريعية و بلدية ,و لا تحدثني عن التزوير او التزييف و ان كان مبالغا فيه عندهما ,لاننا نعيش له اليوم اشكالا جديدة و متعددة, متعلقة بالمال السياسي الفاسد و الماكينات الاعلامية و الدعم و التاثيرالخارجيان و غيرها من ادوات البروباغندا و التحيل على ارادة الناخبين و الناخبات .
الديموقراطية الحقيقية, هي اعلام حر و مسؤول ,و قضاء مستقل ,و امن و جيش محايدان و جمهوريان ,و فصل صريح بين الدين و السياسة ,مع التزام الدولة في نفس الوقت بحماية الاديان و المعتقدات, و تفريق بين السلطات, و ضمان للحقوق السياسية و الفردية و الجماعية, و شفافية مالية ,و نزاهة انتخابية و غير ذلك, مما تقوم عليه دولة القانون و المؤسسات, الضامنة للتداول السلمي على السلطة و للاستقرار السياسي و الاجتماعي, و القائمة على تنافس برامجي بين الاحزاب و الاطراف السياسية و ليس على صراع وجودي و استئصالي خطير و مدمر .
و تخيلوا,و هو في الحقيقة واقع الحال , لو اضفنا للمشهد التركي الداخلي المحتقن بطبيعته, وهم عظمة, ساكن في مخيلة قائده, يمكن ان تكون اسبابه قناعات و تاويلات دينية اوهلوسات و امراض نفسية او لا ادري ماذا ! من اجل قيادة العالم الاسلامي و تزعمه عبر استراتيجيات تشبيكية حزبية خارجية , تضرب في العمق وحدة الاوطان المستهدفة و سيادتها و علوية مصالحها .
يصبح الامر حينئذ, خطيرا لا على تركيا فقط بل كذلك على غيرها من الدول و منها تونس للاسف .
Comments
1 de 1 commentaires pour l'article 163901