
"الحرب في السودان دلالة مأساوية على عجز الولايات المتحدة" - مقال في لوموند
في جولة الصحف اليوم، نستعرض مقالين مختلفين عن الدور الأمريكي في الحرب في السودان والحرب بين روسيا وأوكرانيا، في حين يدعو مقال ثالث إلى تحالف اقتصادي بين أوروبا والولايات المتحدة.
نبدأ عرض الصحف بمقال في صحيفة لوموند الفرنسية بعنوان "الحرب في السودان: دلالة مأساوية على عجز الولايات المتحدة" للكاتب الفرنسي نويه هوشيت بودين، يناقش خلالها وعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنها الحرب في السودان.
يقول الكاتب إنه على الرغم من تصريحات ترامب على منصة "تروث سوشيال"، التي قال خلالها إن قادة دول عربية طلبوا منه استخدام نفوذه لإنهاء الحرب، "إلا أن وقف إطلاق النار لا يزال مستبعداً".
فالحرب في السودان، حسب الكاتب، لا يُمكن اختزالها "في حربٍ بين جنرالين... إذ أنها أعادت فتح جراح دارفور القديمة، التي كانت مسرحاً للإبادة الجماعية في أوائل القرن الحادي والعشرين".
فهي تُؤجج "مشاعر الاستياء والمجازر بين السكان المهمشين من العرب وغير العرب بإقليم دارفور، في هذه الصحراء الشاسعة غرب البلاد..التي تُضاهي مساحتها مساحة إسبانيا"، بحسب الكاتب.
ويشير المقال إلى أن السودان وموارده من ثروات الذهب، وميناء يطل على البحر الأحمر، وأراضٍ خصبة شاسعة "قد غذت طموحات العديد من القوى الخليجية، مما حوّله إلى ساحة حرب بالوكالة".
ويزعم الكاتب أن الإمارات العربية المتحدة تُزوّد قوات الدعم السريع بالأسلحة والوقود.
ويضيف أنه "على الرغم من أن العلاقات المالية بين حميدتي وأبو ظبي راسخة منذ زمن طويل، لا سيما تلك المرتبطة بتهريب الذهب، إلا أن الاستراتيجيين الإماراتيين راهنوا على الميليشيات شبه العسكرية (الجنجويد سابقًا، الذين روعوا سابقأً سكان دارفور) لإسقاط الجيش الوطني الذي يعتبرونه مُخترقاً من قِبل عناصر إسلامية موالية لجماعة الإخوان المسلمين".
وتنفي دوماً الإمارات تدخلها في الصراع في السودان، حتى خلال نقاشات خاصة مع دبلوماسيين غربيين كبار.
ويرى الكاتب أنه من ناحية أخرى، تدعم دول الجنرال البرهان مثل مصر، "التي على الرغم من عدم ثقتها في العناصر الإسلامية داخل الجيش، فإنها تعتمد على الجنرال لضمان استقرار السودان".
أما تركيا، فتزود القوات المسلحة السودانية بالأسلحة بينما تراقب الموارد المعدنية في البلاد، فيما تدعم قطر الحركة الإسلامية السودانية التي تربطها بها علاقات وثيقة.
ويتساءل المقال عن كيفية لجوء ترامب إلى هذه الدول، لإيجاد حل للحرب، على الرغم من تأييدها لأطراف في الصراع.
ويرى الكاتب أن انخراط هذه الدول جعل الصراع السوداني مُعقّداً، إذ تعتمد الولايات المتحدة على هذه الدول نفسها لإيجاد حل للحرب.
فبعد فشل مفاوضات جدة عام 2024، لجأت واشنطن إلى ما يُسمى بـ "الرباعية" التي تضم الولايات المتحدة ومصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، والتي تُعتبر الأطراف الأكثر نفوذاً في السودان، حسب الكاتب.
ويرى الكاتب أن واشنطن ليست وحدها العاجزة عن حل هذا الصراع، فالحكومات الغربية لا تمتلك أي نفوذ، و"حتى العقوبات الصارمة التي فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية على حميدتي والبرهان، لم تكن سوى إجراءات رمزية دون أي تأثير حقيقي، نظراً للشبكات المالية المعقدة التي بناها الطرفان المتحاربان في الخليج".
ويقول كاتب المقال إن "مسؤولاً في وزارة الخارجية الأمريكية، طلب عدم الكشف عن هويته، اعترف بأن واشنطن اضطرت إلى غض الطرف عن الأنشطة الإماراتية في السودان، نظراً للأهمية البالغة للعلاقات الثنائية مع أبوظبي".
كما تعهدت الإمارات باستثمار 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة على مدى عقد من الزمان.
بوتين يعتقد أن حرب أوكرانيا أنهكت الغرب
ونطالع مقالاً آخر في صحيفة "تايمز" البريطانية عن مساعي ترامب والغرب لإنهاء الحرب في أوكرانيا بعنوان "بوتين يعتقد أن حرب أوكرانيا أنهكت الغرب" للكاتب البريطاني روجر بويز.
و يرى روجر بويز أن هدف واشنطن هو وقف إطلاق نار خلال عيد الميلاد، أما موسكو فهدفها استمالة ترامب أثناء عملية التفاوض أو المماطلة حتى يفقد اهتمامه، ويُعلن "أن الأراضي الأوكرانية هي حق أصيل تابع لروسيا"، بحسب الكاتب.
ووفقاً للمقال، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد "إعادة تعريف الحدود الغربية لروسيا كمنطقة أزمة سياسية دائمة. وهذه هي الطريقة الأوضح لردع الناتو عن توسيع نفوذه".
ويرى الكاتب أن هناك تصدعاً داخل حلف الناتو، لأن هناك دولاً حليفة قريبة من الحدود الروسية لديها قناعة بأنها ستكون التالية في الصف (التي تتعرض لهجوم) بعد إعلان انتهاء الحرب في أوكرانيا، كإستونيا وليتوانيا ولاتفيا، التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفيتي السابق".
أما في غرب أوروبا، فيقول الكاتب "إن إسبانيا تُنفق مبلغاً قليلاً على ميزانية الدفاع". ويضيف أن أيرلندا دولة محايدة، وليست عضواً في حلف الناتو، غير أن "ميزانيتها الدفاعية هي الأصغر في الاتحاد الأوروبي... وليس لديها وكالة استخبارات مُخصصة، وبالتالي فهي في وضع ضعيف لرصد التسلل الروسي".
ويختتم الكاتب مقاله، قائلاً إن بوتين يريد إطالة أمد عملية السلام بطريقة توحي بأن دول الغرب بها تصدعات بدلاً من ظهوره كشخص مهزوم، فهو يريد محو عجزه كقائد حرب، وأن تكون صورته صورة المدافع البطل الذي شقق حلف الناتو، وحاصر جيوشه، واستعاد نفوذ روسيا".
" يجب على أوروبا أن تلغي سياساتها التي تقتل النمو الاقتصادي"
ونختتم جولة عرض الصخف بمقال ثالث في صحفية "فاينانشيال تايمز" لأندرو بودزر، سفير الولايات المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي، بعنوان " يجب على أوروبا أن تلغي سياساتها التي تقتل النمو الاقتصادي".
ويرى بودزر أن الاتحاد الأوروبي يمر بفترة تحول جذري، لأن "اقتصاده اعتمد على مدار عقود على الطاقة الروسية الرخيصة وسوق استهلاكية صينية قوية، بينما غطت الولايات المتحدة الجزء الأكبر من تكاليف الدفاع الأوروبية".
غير أن هذا الدعم الثلاثي انهار منذ عام 2023، بحسب الكاتب.
ويوضح السفير الأمريكي لدى الاتحاد الأوروبي أنه يجب على الاتحاد أن يكون قادراً على الوصول إلى طاقة آمنة وموثوقة وبأسعار معقولة، ولن يتحقق هذا إلا بنجاحه في جهوده المستمرة لإلغاء أو تحييد ما يعرف اختصاراً باسم (CS3D)، أو اتفاق توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية".
ويرى كاتب المقال أنه إذا أُلغي هذا الاتفاق، سيكون "الحليف الأوروبي" شريكاً تجارياً أقوى، وقادراً على الدفاع عن نفسه وقادراً على العمل مع الولايات المتحدة لمعالجة بؤر التوتر في جميع أنحاء العالم.
ويحث المقال الاتحاد الأوروبي على الاعتماد على إمدادات كافية من الوقود الأحفوري من حلفاء موثوقين، مثل الولايات المتحدة، إذا كان الاتحاد ينوي إعادة التصنيع والمشاركة كذلك في اقتصاد الذكاء الاصطناعي الذي ينمو سريعاً و يستهلك الطاقة بكثافة.
كما يشير الكاتب إلى أن الحزمة الـ 19 من العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا بحظر واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي ستبدأ في الأول من يناير/كانون الثاني 2027، "بينما تقف الولايات المتحدة وحلفاؤها على أهبة الاستعداد لسد هذه الفجوة ما لم يمنعنا الإطار التنظيمي للاتحاد الأوروبي من القيام بذلك".
فضلاً عن ذلك، يرى المقال أن هناك دعماً لإلغاء اتفاق "توجيه العناية الواجبة للاستدامة المؤسسية"، مما سيمهد الطريق إلى ازدهار اقتصاد أوروبا. ففي 13 نوفمبر/تشرين الثاني، صوت البرلمان الأوروبي على إلغاء هذا الاتفاق.
ويختتم الكاتب مقاله بالحديث عن أن هناك خيارين أمام قادة القارة العجوز؛ الأول هو استمرار هذا الاتفاق وترك اقتصادهم مثقلاً بالقيود التنظيمية ويعتمد بشكل كبير على طاقة باهظة الثمن، أمأ الخيار الثاني فهو تحرير أوروبا من القيود التنظيمية لهذا الاتفاق، وتوفير طاقة وفيرة وموثوقة،" مما يسمح لشركاتها ومواطنيها بالازدهار. وسيكون من مصلحة كلٍّ من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اللجوء إلى الخيار الثاني".


سيد مكاوي - يا ملّيني