جندوبة: تدهور المخزون الغابي في الولاية يسرع في تقدم الصحراء من جهة الشمال

<img src=http://www.babnet.net/images/8/foret2012.jpg width=100 align=left border=0>
صورة توضيحية


وات - تحرير منية تريمش - اتخذ سكان ولاية جندوبة، عروس جبال خمير بالشمال الغربي، منذ العصور القديمة، من المناطق الجبلية والغابية أماكن لإقامة مساكنهم، ولتوفير رزقهم اليومي، غير أنّ المنظومات الغابية في هذه المنطقة تشهد حاليا ضغوطات عدّة من أبرزها غياب المقاربة البيئية عند تنفيذ المشاريع الاقتصادية، والتغييرات المناخية وتأثيرها في تدهور المخزون الغابي، إضافة إلى تسارع وتيرة تقدم الصحراء من جهة الشمال.

محافظ متحف شمتو الأثري بعين قصير بولاية جندوبة، عمر المبروكي، أوضح في تصريح ل(وات) أنّ تاريخ تشييد البناءات بولاية جندوبة ارتبط بالمناطق الجبلية وبالمرتفعات، وبمسلك وادي مجردة، إذ أن السكان في الحقب القديمة كانوا في حاجة إلى المياه لممارسة أنشطتهم الفلاحية، وقد اختاروا المرتفعات حتى تحميهم من الفيضانات ومن الأعداء في حال وقوع حروب.





وتطالع زائري موقع شمتو الأثري آثار مبان سكنية وصناعية ودينية شيّدت في القرن 19 ميلادي حول مقطع للحجارة، وعند التنقل نحو مناطق الشريط الساحلي بولاية جندوبة تلاحظ انه تمت تهيئة وتنفيذ عدّة مشاريع سياحية منذ سبعينات القرن 20 وتتواصل إلى يومنا هذا.

الاستاذ فؤاد الحسناوي المختص في مجال حماية البيئة بمعهد الغابات والمراعى بطبرقة ونائب رئيس بلدية المكان أوضح أنّ منطقة خمير هي من أكثر المناطق التي تضررت فيها المنظومات البيئية، فالمساحات الغابية في تراجع إذ بلغت نسبة تقلصها قرابة 400 كلم على عدّة قرون، والصحراء بصدد الاقتراب حاليا من جهة الشمال، مع انقراض الغابات بعد جهة فرنانة.

الحسناوي يؤكد أنّ منطقة خمير، وهي منطقة ساحلية وجبلية، تشهد منذ مدة طويلة تقلصا هاما في المساحات الغابية، وندرة كبيرة للمياه، إضافة إلى تأثيرات التغييرات المناخية وما يرافقها من أمطار طوفانية تتهاطل بكميات كبيرة في فترة وجيزة جدّا، والانزلاقات وحتى الزلازل، ولكن بدرجة ضعيفة إلا أنها تشكل عامل تهديد للبناءات غير المدروسة وكذلك للمنظومات الهشة وخاصة المنظومات البحرية.

كما يشهد المخزون الغابي والبيئي، وخاصة في منطقة الشمال الغربي، تدهورا كبيرا حيث تراجعت مساحات شجرة الفرنان بنسبة 50 في المائة في ظرف 80 سنة، فبعد أن كانت تمسح في الأربعينات والخمسينات قرابة 140 ألف هك أصبحت الآن لا تتجاوز 70 ألف هك، وفق الحسناوي، الذي بين أنّ المشكل ليس في تقلص المساحات بل في تقلص الكثافة التي بلغت حاليا 350 شجرة في الهكتار الواحد مقابل 800 شجرة فرنان في الهكتار الواحد سابقا.

ويعود تقلص المنظومات الغابية، التي ترتكز خاصة على غابات الفرنان والزان، إلى عدّة عوامل منها الطبيعية كانتشار الأمراض غير المعروفة سابقا، ومنها المرتبطة خاصة بالتغييرات المناخية، إذ ظهرت الكثير من الفطريات ومن الحشرات الضارة، فضلا عن الاستغلال المجحف والرعي الجائر، وغياب دراسات لتهيئة المنظومات الغابية الحساسة، وعدم القيام غياب بأشغال تهيئة تتماشي مع خصوصيات هذه المنظومات الغابية .

وينبه الباحث في المجال البيئي إلى التأثيرات الكبيرة للتغييرات المناخية على المنظومات البيئية قائلا: "في القريب العاجل، وحتى على المدى البعيد، سنعيش تغيرات مناخية وتحولات كبيرة في الفصائل الغابية فلن نجد نفس الفصائل الغابية الموجودة حاليا" .

ويتسبب تقلص الغابات في انعكاسات سلبية على المحيط وخاصة في الانزلاقات الخطيرة التي تهدد السكان، إذ يوجد قرابة 1 مليون ساكن في المناطق الغابية أي قرابة 250 ألف أسرة وجميعها مهددة بالانزلاقات في حال لا تقع المحافظة على المخزون الغابي.

وتصبح التساقطات، مع تدهور المساحات الغابية، مضرة للتربة التي تجرفها المياه نحو السدود مما ينعكس سلبا على جودة المياه التي تسجل تلوثا بسبب وجود مصانع غير مراقبة وغياب محطات التطهير في المناطق الريفية.

ويتابع الحسناوي قائلا بمرارة: " لا يجب أن ننسى أنّ تونس عرفت للأسف توجهات خاطئة إذ وقع المس من المنظومات الغابية الواقعة على السواحل التي أزيلت وأقيمت محلها منشآت سياحية مع اهمال المقاربة البيئية"، معتبرا أنّ اقصاء التوجه البيئي يجعل "الطبيعة في الأخيرة تعود وتنتفض ويمكن عندها أن نخسر الاقتصادي والبيئي" على حد قوله

ويتوقع هذا الباحث مزيد تقلص الشريط الساحلي، داعيا إلى مراجعة التوجهات في ما يتعلرق باستغلال المنظومات البيئية الحساسة، خاصة وأنّ التنمية المستدامة تحتم الأخذ بعين الاعتبار الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية عند بعث المشاريع وتنفيذها للحفاظ على الحق في العيش الكريم لكلّ المواطنين .


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 223992


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female