استقالة من الحجم الثقيل : الأسباب و التداعيات

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5e107645351a01.89203081_oihmnlpqkjegf.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم الأستاذ بولبابه سالم (*)

التقيت السيد عبد الحميد الجلاصي مرتين لما نزل ضيفا في برنامج "هنا تونس" على راديو Diwan FM ،، رجل يحمل كل معاني الانسانية و الأدب و البشاشة وهو عقل مفكر داخل النهضة و قيادي من جيل المؤسسين ، و ليس من زمرة الانتهازيين الذين قدموا للنهضة و تقربوا لرئيسها طمعا في مغانم السلطة بعد ان أصبحت حزبا ثابتا في الحكم منذ 2011 .





الحديث معه ممتع فهو متواضع و يتكلم بصراحة عن المطبخ السياسي التونسي و النهضاوي على وجه الخصوص و علاقاته جيدة حتى مع معارضي النهضة و بعض المثقفين (عاشق للأدب) .

هناك ممارسات و توجهات و مواقف لم تعد تعجبه داخل النهضة، و عبّر عنها قبله القيادي محمد بن سالم الذي اتهم بعض قيادات الحزب بالتطبيع مع الفاسدين وهو يطالب بالتغيير صلب الحركة .

و لا يبدو السيد عبد اللطيف المكي راضيا بدوره على أداء حزبه و شكّل معارضة شرسة لقيادة راشد الغنوشي و عبّر اكثر من مرة عن خوفه أن تلقى النهضة مصير الحزب الاشتراكي الدستوري بعد مؤتمر 1974 عندما غابت الديمقراطية و شرّعت الرئاسة مدى الحياة ، و تلك نقطة أشار لها الجلاصي أيضا .

اعتبر استقالته ضربة موجعة للنهضة و ربما أدرك أن التغيير في المؤتمر القادم المنتظر للحزب صار مستبعدا مع وجود بطانة حول رئيس الحركة تمهد له ولاية جديدة رغم ان القانون الداخلي للحزب لا يسمح له بذلك ، كما انتقد الجلاصي غياب البعد الاجتماعي في أداء النهضة و تماهيها مع السيستام في كل ما يطلبه منذ 2011 و خاصة بعد 2014 مما جعلها حزب "ما يطلبه المستمعون" كما ورد في نص الاستقالة و أخذت مكان التجمع الدستوري باعتبار ان الأحزاب الأخرى تشقها صراعات عنيفة ،، و لام الجلاصي بشدة قيادة حزبه بعد انتخابات 2019 و كيفية أدائه للمفاوضات إبان تشكيل حكومة الحبيب الجملي .

و لا يخفي عبد الحميد الجلاصي ايضا امتعاضه من المناورات الداخلية و طغيان النزعة الفردانية .

صحيح ان النهضة حزب منظم و له مؤسسات قوية، وغادرها قبله قيادات وازنة مثل عبد الفتاح مورو قبل عودته لكن يبدو أن رياح التغيير ستهب و تداعيات استقالة عبد الحميد الجلاصي ستكون مؤثرة هذه المرة لأن وزنه و تجربته الطويلة و رمزيته النضالية تفوق السيد عبد الفتاح مورو .

فهل تكون استقالته إنذارا للتدارك ام قرارا لا رجعة فيه ؟

للإشارة رسالة استقالة الجلاصي المكتوبة في تقييمه لما يجري داخل قيادة النهضة يمكن سحبها كذلك على ما يجري داخل احزاب عديدة.

كاتب و محلل سياسي


Comments


5 de 5 commentaires pour l'article 199197

Karimyousef  (France)  |Jeudi 5 Mars 2020 à 11:48           
Ce monsieur est un homme profondément blessé, qui a sacrifié sa vie pour ses principes,il a été sauvagement torturé et a passé 17ans derrière les barreaux.
Il semble estimer qu'au regard de ses sacrifices,il ne pourra pas se retrouver dans la position de celui qui collabore avec des personnes accusées de corruption.
Il semble être un homme de principes purs et non de compromis.
Mais la politique c'est le domaine des compromis.

BenMoussa  (Tunisia)  |Jeudi 5 Mars 2020 à 10:38           
ليس من الحكمة الاستقالة عقب تكوين حكومة لان دلك يفهم ردة فعل على عدم التوزير فان كان هدا الواقع فهو وضيع
وان كان فهما خاطءا فالاستقالة تنم عن سوء تدبير

Sarramba  (France)  |Jeudi 5 Mars 2020 à 10:30           
بطبيعة الحال نأسف لتخلّي سي الجلاصي على الباخرة و بكل موضوعية لا نرى مبررا لهاذا في هذا الوقت. ربما و مع الأسف ما يوجد في تصرفات و مواقف كثير من التونسيين : "نلعب و الآانحرم" و أو بالشعبي "عندي تقرع" وهذا في الحقيقة لا أضنّه في سي الجلاصي و لاكن السؤال باق : لماذا؟
من الحكمة، مثل التي عاودنا عليها سي عبدالحميد، بالعكس عندما يو قع انزلاق ما من الأنجع و من المسؤولية و حتى النجاعة أن يبقى في داخل المكينة و لو في صمت و حتى انعزال مؤقت والعمل بحكمة و رصانة و ترصّد الفرص و الوقت المناسب للمساهمة في تصليح الخلل و ردع الباخرة لأقرب ما يكو ن الى الطريق اللأفضل و الأصح. ربما تدوم (مثل المقولة الفرنسيين) مدة قطع الصحراء وقتا طويلا لاكن أكيدا "انّ مع اليسر يسرى" عندها يكون الحكيم الوفي في صدارة الموكب. لاكن
السياسيون عندنا في فترة نقاهة و ليس لهم النفس الكافة لممارسة السياسة و دهاؤها و حكمتها . هذا الذي ينقصنا فعلا
والحمة هي : ان الله مع الصابرين

Moutawassity  (Tunisia)  |Jeudi 5 Mars 2020 à 10:14           
من يعرف عبد الحميد الجلاصي لا يمكن أن يعتبر موقفه أو قراره الذي فاجئنا مثل من سبقه من الإستقالات ؛ لأنّه وربما يكون الوحيد الذي بإمكانه التغيير من الداخل ؛ولذا إن لزم الأمر إستعمال أدوات للضغط وتواصل مع أعضاء مجلس الشوري ومع القواعد ، وبسط الأمور على الطاولة يكون أفضل ، لأن الإستقالة ليست حلاّ.

Jraidawalasfour  (Europe)  |Jeudi 5 Mars 2020 à 08:55           
اللي بعدو،،،،،،⏰

السياسيون راحلون و الشعوب باقية ولا لعبادة الكراسي و المناصب
فأفسحوا المجال لجيل الشباب يا شياب

🗣⚖🗣⚖🗣⚖🗣⚖🗣⚖🗣


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female