استقالة من الحجم الثقيل : الأسباب و التداعيات

بقلم الأستاذ بولبابه سالم (*)
التقيت السيد عبد الحميد الجلاصي مرتين لما نزل ضيفا في برنامج "هنا تونس" على راديو Diwan FM ،، رجل يحمل كل معاني الانسانية و الأدب و البشاشة وهو عقل مفكر داخل النهضة و قيادي من جيل المؤسسين ، و ليس من زمرة الانتهازيين الذين قدموا للنهضة و تقربوا لرئيسها طمعا في مغانم السلطة بعد ان أصبحت حزبا ثابتا في الحكم منذ 2011 .
التقيت السيد عبد الحميد الجلاصي مرتين لما نزل ضيفا في برنامج "هنا تونس" على راديو Diwan FM ،، رجل يحمل كل معاني الانسانية و الأدب و البشاشة وهو عقل مفكر داخل النهضة و قيادي من جيل المؤسسين ، و ليس من زمرة الانتهازيين الذين قدموا للنهضة و تقربوا لرئيسها طمعا في مغانم السلطة بعد ان أصبحت حزبا ثابتا في الحكم منذ 2011 .
الحديث معه ممتع فهو متواضع و يتكلم بصراحة عن المطبخ السياسي التونسي و النهضاوي على وجه الخصوص و علاقاته جيدة حتى مع معارضي النهضة و بعض المثقفين (عاشق للأدب) .
هناك ممارسات و توجهات و مواقف لم تعد تعجبه داخل النهضة، و عبّر عنها قبله القيادي محمد بن سالم الذي اتهم بعض قيادات الحزب بالتطبيع مع الفاسدين وهو يطالب بالتغيير صلب الحركة .
و لا يبدو السيد عبد اللطيف المكي راضيا بدوره على أداء حزبه و شكّل معارضة شرسة لقيادة راشد الغنوشي و عبّر اكثر من مرة عن خوفه أن تلقى النهضة مصير الحزب الاشتراكي الدستوري بعد مؤتمر 1974 عندما غابت الديمقراطية و شرّعت الرئاسة مدى الحياة ، و تلك نقطة أشار لها الجلاصي أيضا .
اعتبر استقالته ضربة موجعة للنهضة و ربما أدرك أن التغيير في المؤتمر القادم المنتظر للحزب صار مستبعدا مع وجود بطانة حول رئيس الحركة تمهد له ولاية جديدة رغم ان القانون الداخلي للحزب لا يسمح له بذلك ، كما انتقد الجلاصي غياب البعد الاجتماعي في أداء النهضة و تماهيها مع السيستام في كل ما يطلبه منذ 2011 و خاصة بعد 2014 مما جعلها حزب "ما يطلبه المستمعون" كما ورد في نص الاستقالة و أخذت مكان التجمع الدستوري باعتبار ان الأحزاب الأخرى تشقها صراعات عنيفة ،، و لام الجلاصي بشدة قيادة حزبه بعد انتخابات 2019 و كيفية أدائه للمفاوضات إبان تشكيل حكومة الحبيب الجملي .
و لا يخفي عبد الحميد الجلاصي ايضا امتعاضه من المناورات الداخلية و طغيان النزعة الفردانية .
صحيح ان النهضة حزب منظم و له مؤسسات قوية، وغادرها قبله قيادات وازنة مثل عبد الفتاح مورو قبل عودته لكن يبدو أن رياح التغيير ستهب و تداعيات استقالة عبد الحميد الجلاصي ستكون مؤثرة هذه المرة لأن وزنه و تجربته الطويلة و رمزيته النضالية تفوق السيد عبد الفتاح مورو .
فهل تكون استقالته إنذارا للتدارك ام قرارا لا رجعة فيه ؟
للإشارة رسالة استقالة الجلاصي المكتوبة في تقييمه لما يجري داخل قيادة النهضة يمكن سحبها كذلك على ما يجري داخل احزاب عديدة.
كاتب و محلل سياسي
Comments
5 de 5 commentaires pour l'article 199197