مهرجان الحمامات يودّع فاضل الجزيري… وأوتار النغوني من مالي تعزف أنغام السلام في عرض باسكو كوياتي

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/689b29fb07df48.14328397_jeqofnhklmpgi.jpg width=100 align=left border=0>


"رحل فاضل الجزيري… رحل صاحب البصمة الفريدة في المسرح والسينما والموسيقى التونسية، تاركا إرثا فنيا لا يزول، وذكرى راسخة في قلوب عشاق الإبداع". بهذه الكلمات المؤثرة استهلت سهرة الاثنين 11 أوت 2025 في مهرجان الحمامات الدولي ضمن فعاليات دورته التاسعة والخمسين، في لحظة خيّم عليها الحزن والصمت والاعتراف بجميل فنان حمل على كتفيه الكثير من ملامح الثقافة التونسية.
وكانت هذه الكلمات إشارة إنسانية بأن الفن، حتى وهو يحتفي بالحياة، لا يغفل عن وداع مبدعيه. إثر ذلك انطلق العرض في رحلة موسيقية حملت الجمهور بعيدا نحو أعماق الصحراء الإفريقية بقيادة باسكو كوياتي المولود في قلب مالي وحارس لذاكرة موسيقية ضاربة في عمق التاريخ ومجدّد أعاد تعريف حضور آلة "النغوني" في المشهد المعاصر. وهذه الآلة الوترية القريبة في روحها من آلة القمبري في تونس، تراوحت أعداد أوتارها بين أربعة وسبعة لتكون في يد كوياتي أداة حوار بين الماضي والحاضر.
تضم فرقة باسكو كوياتي أربعة "نغوني" مختلفة، بينما تضيف زوجته آمي ساكو صوتا صادحا بالغناء. وتميز هذا العرض بتركيبة موسيقية متفردة وغير مألوفة، حيث اصطف أربعة عازفين على "النغوني" بأحجام مختلفة فأنتجوا فسيفساء صوتية متداخلة صنعت إيقاعا نابضا بالحياة رغم القصص التراجيدية التي تُروى خلف هذه الموسيقى من استعباد الناس وسلب حرياتهم وتجريدهم من إنسانيتهم. فكانت الموسيقى المنبعثة صادحة بالقيم الإنسانية السامية وفي مقدمتها الحرية والعدالة والسلام. وقد تولت آمي ساكو بحضورها الركحي المتميز قيادة الجانب الغنائي داعية إلى الوحدة والتضامن الإنساني دفاعا عن قيم الحياة.

وانطلقت مسيرة كوياتي الفنية في ثمانينات القرن الماضي، حين انضم إلى أوركسترا "سيميتريك" بقيادة تومايني دياباتيه، مسافرا معها إلى أوروبا وأمريكا. ومن هناك بدأ اسمه يلمع على الساحة الدولية خاصة بعد تعاونه مع أساطير مثل تاج محل وعلي فاركا توري. وفي عام 2005، أسّس فرقته الخاصة "نغوني با" التي أصبحت لاحقا علامة مسجلة في المهرجانات العالمية.




باسكو كوياتي: "تونس بيتي الثاني… وآلة "النغوني" إرث إفريقي يجب حمايته" //

وعبّر الفنان المالي باسكو كوياتي، خلال الندوة الصحفية التي تلت عرضه في مهرجان الحمامات الدولي، عن سعادته الكبرى بالأجواء التي شهدتها السهرة، قائلا: "استمتعت كثيرا هذا المساء وكان لدينا جمهور رائع ودافئ يحب الموسيقى يرقص ويغني معنا". وأضاف أيضا: "أحببت تونس كثيرا وهي قريبة إلى قلبي خصوصا أن ابنتي درست هنا لمدة خمس سنوات وأعتبر هذا البلد بيتي الثاني وعائلتي". مشيرا إلى أنه يخطط للعودة إلى تونس خارج إطار المهرجان لقضاء العطلة رفقة أفراد أسرته.

وتحدث كوياتي عن آلة "النغوني" التي تعدّ من أقدم الآلات الموسيقية في مالي، قائلا إن هذه الآلة وُجدت قبل ميلاد المسيح وانتقلت عبر قرون طويلة من جيل إلى جيل من أيام موسى وحتى اليوم. أفاد أن هذه الآلة الوترية خاصة بالرواة والموسيقيين التقليديين في بلاده وقد ورثها عن والده وأجداده. كما أفاد أن والده شجعه على تعلمها منذ سن الحادية عشرة، مؤكدا أنها جزء من هويته ويجب حمايتها والترويج لها عالميا. وأشار إلى أن أبناءه وأحفاده اليوم يواصلون حمل هذا الإرث بما يضمن استمراريته عبر الأجيال.
كما استعرض خلفية أحد المقطوعات التي قدّمها في العرض، وهي مقطوعة "Poye" التي تعود إلى نحو 700 عام، مبينا أنها كانت تعزف خصيصا للملوك والمحاربين الكبار قبل المعارك. وتحمل طابعا مقدسا مرتبطا بالقوة والشجاعة سواء كان العازف يحيّي بها ملكا أو قائدا أو عالما كبيرا.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن الموسيقى بالنسبة إليه هي فن ورسالة للحفاظ على التراث الثقافي ونقله للأجيال القادمة، مضيفا: "علينا نحن أن نواصل حماية هذه الآلة والتعريف بها فهي جزء من روح مالي وتاريخها".


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 313234


babnet
*.*.*
All Radio in One