نَكَّلوا بهم أحياء فارحَموهم شهداء

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/chahadatx1lesbarakettt.jpg width=100 align=left border=0>


أبو مــــــــــازن

هل نجح أهل البلد في رفع كل التحديات الوطنية العاجلة والآجلة و حلّ كافة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية و تحقيق أهداف الثورة و غيرها من المفردات والمصطلحات التي لا يخلو منها خطاب الساسة والمتسلقون لسلّمهم. لماذا بتنا نصنّف اليوم هذا شهيد و ذاك لا وكأننا نمتلك علم الساعة أو أننا نصّبنا مراقبين للصراط أو حجّابا لجنّة عرضها السموات والأرض يلجها من نال رحمة الله ومغفرته. الشهادة لغة هي الاخبار ومنها الشهادة البيّنة والشهادة الزور وفي المصطلح هي الموت دون وجه حق تنكيلا أو تجويعا أو كمدا لأجل غاية سامية عادة ما ترتبط بالموطن أو الهوية أو الفكرة أو غيرها من العناوين المتصلة بحقوق الانسان.

...

الشهيد عند الاغريق "مارتيروس" وعند اللاتين "مارتير" وفي دول أسيا الوسطى "شهيد" بنطق مختلف وعند الروس و أغلب دول الشرق الأوربي "مشنوق". الشهادة اصطلاح ينسب تكريما للانسان الذي فارق الحياة عند عديد حضارات العالم و لغاتها فتمنحه تكريما خاصا وعرفانا بالجميل ليبقى مثالا يحتذى في الوطنية والشجاعة والتضحية. أما الاسلام خاتم الأديان فقد رعا هذا الاصطلاح بالرفعة والأجر الحسن و مجاورة الأنبياء في أعلى عليين. قال الله تعالى "وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ" وقال أيضا بيانا لعلو مقامهم عند الله "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ۞ فرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۞ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ۞.

انّ ما قيل اثر جلسات الاستماع التي أذيعت أخيرا و ما حفّ بقضايا شهداء الثورة والاغتيالات التي تلتها من حديث و تيه في المفاهيم ونسْب للشهادة أو عدمه لأمٌر محيّر يدلّ على شحناء غريبة تسري في عروق بعض الناس من أقصى اليمين الى أقصى اليسار و ممن لم يشملهم يمين و لا يسار. بيننا أقوام يبخسون استشهاد خيارنا تحت آلة التعذيب أو غدرا بالرصاص أو بأي صورة تظهر بشاعة كامنة في شواذ يقاسموننا الهواء والماء. يستكثرون لفظ شهيد بإذن الله لمن قضى نحبه ظلما وعدوانا و كأنّ اللفظ سيكلفهم أموالا مرصودة أو عقارات أو بساتين شاسعة. هنا انقسم المجتمع أصنافا أبرزها :
1) أهل العُهر الفنّي و الاعلامي: وهم قلة قليلة ممن اشتهر من الفنانين و الاعلاميين. هؤلاء لا يتخذ رأيهم دليلا ولا حكمة لسفاهة أصابتهم منذ أمد بعيد فبعضهم اشتهر لوضاعته ولأدوار مبتذلة تقلدها أو لتدوينات تقطر حقدا و كرها لبعض اهل البلد أو جلّهم. زد على ذلك الألم الذي بات لا يفارقهم حزنا على ولي النعمة الفارّ الذي يزجي لهم العطايا و المنح. قالوا مسرحية سيئة الاخراج وقالوا بكم كيلو النضال لكن دموع الضحايا و عوائل الشهداء أصابت أهل العهر الفني و الاعلامي في مقتل فلم يعرهم المجتمع أيّ اهتمام أو تقدير.

2) الأزلام المتململون: يغيضهم تقليب الماضي وهم جزء فاعل فيه باركوا وأيدوا و ناشدوا ثم تظاهروا في كل كبوة للثورة المباركة الى أن حدثونا بحديث الندم والتوبة فلا يؤاخذنا المخلوع اذا رجع ويشفعون لنا عنده. الشهداء باذن الله قتلوا دون مقاومة ولا قتال بل أعدموا بدم بارد تحت رعاية الطب شرعي و شهود الزور وهم كثر. الأزلام يخسرون درب الثورة المضادة التي تسارعت خطاها منذ أمد غير بعيد. سوف يحملهم ذلك الى الاعتذار و لو كان كاذبا والتطبع بأخلاق الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان.

3) أطراف اليمين المتزمت الذين يخلطون مفاهيم الشهادة فيحصرونها في القتل في سبيل الله وينسون حديثا للمصطفى صلى الله عليه وسلم " مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ " . وقوله أيضا صلى الله عليه وسلم " الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله". لماذا اذن تستنقصون لقب الشهيد لكل من خالفكم الفكرة أو الايديولوجيا وقد اغتيل و قُتّل فتيتّم أبناؤه أتستنقصون رحمة الله التي وسعت كل شيء أو جناته التي يلجها الناس والخلائق بعطف منه. من اطلع على الغيب وعلم يقينا أن فلانا كُتب شقيا أو سعيدا في الدار الآخرة؟ تالله انكم تحاسبون الناس والله محاسبهم لا محالة فيثيبهم بالخير ان شاء وهو الغني.

4) أطراف اليسار الراديكالي الذين يصرّون على نسب الشهادة لفقيد عزيز دون غيره اعتمادا على المصطلح الكوني للشهادة في سبيل قضية عادلة قد تخالف المفهوم الديني الاسلامي. هناك تختلف الفكرتان و تضطرب المشاعر و يكثر اللغط و يلج المتطرفون من كلا الفريقين في السب والشتم والحال أن الشهداء عند ربهم في الرفيق الأعلى و هو المتفرد بالإطلاع على حالهم.
لا ينسى أحدكم أنّ الأعزاء الذين افتقدهم الوطن تحت نير التعذيب و التنكيل أو في مقارعة الارهاب المجرم هم عند ربهم جميعا يحيون حياة البرزخ ينتظرون دعوة بالرحمة والمغفرة و ينتظر أهليهم و عوائلهم رعاية خاصة من الدولة والمجتمع. تلك هي المهمة الأساسية للأحياء بعد أن استفادوا من نور شمعة احترقت و أضحوا يتمرّغون في حرية و خير وليتركوا الجزاء لصاحب الجزاء تعالى وهو الرحمان الرحيم الغفور الحليم.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


5 de 5 commentaires pour l'article 134205

BenMoussa  (Tunisia)  |Mardi 22 Novembre 2016 à 07h 52m |           
درس جميل ومفيد في معاني كلمة شهيد

Mourad Jemni  (Tunisia)  |Lundi 21 Novembre 2016 à 14h 06m |           
ما لفت انتباهي هو ان ثلة من القضاة اضفوا شرعية و ان كانت مزيفة على جرائم الجلادين ليتحولوا بقدرة القانون الى ابرياء و ما يخيفني ان تتحول حصص الاستماع الى الضحايا مجرد عندي ما نقلك بدون متابعة كاي مشروع يبدا و لا ينتهي

MOUSALIM  (Tunisia)  |Dimanche 20 Novembre 2016 à 21h 08m |           
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (الحج 17)،

Rami Bebes  (Mauritania)  |Dimanche 20 Novembre 2016 à 12h 40m |           
Oui je suis d'accord avec vous M. Abou Mazen (pour une fois au moins).
Mais je vous dis sur un autre sujet, il faut tenir compte d'un point très sensible et el A7deth ont montré l'influence de ce point. La Tunisie a un personnage central dans son histoire récente...ce personnage complexe a contribué largement à forger la tunisie et à faire partie du Tunisien...mais avec ces défauts et ces excès...cependant, il est considéré par beaucoup de tunisiens (et c'est important de le dire) comme le père à qui on a toléré
et on tolère les dépassements...la complexité de ce personnage se voit même dans la réaction des gens (comment un Raja Farhat adore cet homme alors qu'il état derrière l'exécution de son père ou la réaction du grand mounadhil de bizerte qui après les tortures parlent d'un grand homme)...votre cheikh a compris les enjeux et a changé (ou a fait semblant) d'avis par ce qu'il a compris que la perte des élections a été en partie la présence de ce
personnage fi wejdene ettouensa...donc je vous conseille d'être prudent en évoquant Zaim car c'est un sujet sensible et beaucoup de tunisiens peuvent être très virulents quand vous leur toucher au fond d'eux mêmes....

Mandhouj  (France)  |Dimanche 20 Novembre 2016 à 11h 46m |           
التعذيب هو معول من ليس له هدف سوى التغول على العباد .. هو معول من هو سارق للوطن .. هو معول الحاكم الضعيف ، المغتصب ... رسالة الشهداء هي: علينا أن نبني تونس الكرامة .


babnet
All Radio in One    
*.*.*