في ذكرى انتصار الثورة... الأسئلة الحارقة ليوم 14 جانفي 2011

بقلم الأستاذ بولبابه سالم*
يحيي التونسيون الذكرى الحادية عشر لانتصار ثورتهم ضد نظام الرئيس زين العابدين بن علي الذي حكم تونس بقبضة أمنية حديدية طيلة 23 سنة ، و لا شك أن وحدة قوى المعارضة الوطنية و الشارع الغاضب من حجم الفساد المنتشر في البلاد خاصة لدى عائلة الرئيس المخلوع قد ساهم في تأجيج موجة الاحتجاجات من شمال البلاد الى جنوبها.
يحيي التونسيون الذكرى الحادية عشر لانتصار ثورتهم ضد نظام الرئيس زين العابدين بن علي الذي حكم تونس بقبضة أمنية حديدية طيلة 23 سنة ، و لا شك أن وحدة قوى المعارضة الوطنية و الشارع الغاضب من حجم الفساد المنتشر في البلاد خاصة لدى عائلة الرئيس المخلوع قد ساهم في تأجيج موجة الاحتجاجات من شمال البلاد الى جنوبها.
و تتحدث شهادات عديدة عن حياد الجيش الوطني وقتها ثم انحياز بعض الأجهزة الامنية الحساسة يوم 14 جانفي الى الشعب عندما خرج سمير الطرهوني عن فرقة مكافحة الارهاب من ثكنة بوشوشة نحو مطار قرطاج لايقاف افراد من عائلة الرئيس الذين كانوا يعتزمون مغادرة البلاد.
عندما ادرك بن علي انه فقد السيطرة على وزارة الداخلية قرر الفرار و غادر البلاد ،، لكن تساؤلات عديدة طرحت فيما بعد على علاقة بأداء وزارة الداخلية و طبيعة التغييرات التي حصلت و خاصة الاقالات و الإعفاءات التي طالت قيادات أمنية مشهود لها بالكفاءة . بعض هذه القيادات كانت ممنوعة من المناصب العليا لأسباب جهوية منذ ما قبل الثورة و ارادت بعض اللوبيات المتنفذة اقصائهم من المشهد بعد انتصار الثورة لأن هؤلاء من أبناء تونس العميقة و منحازون إلى جماهير شعبهم في تطلعه نحو الحرية والكرامة و لهم إرادة التغيير الحقيقي حتى تكون تونس لكل التونسيين .
للأسف تكررت مقولة "منا الأمراء و منكم الوزراء" و طغت حسابات الغرف المغلقة على آمال الشعب الثائر ، و بدأ الانحراف بالثورة بإحالة 42 إطار امني على التقاعد الوجوبي دفعة واحدة و كان على رأسهم العقيد لطفي القلمامي وهو ما ساهم في ارباك عمل وزارة الداخلية في فترة حساسة من تاريخ تونس . و كان القلمامي قد اتهم الجنرال رشيد عمار باقصائه من الوزارة .
و رغم تظلم بعض هذه القيادات الى القضاء و انصافها لكن لا أحد من المسؤولين الجدد نفذوا حكم المحكمة الادارية لفائدة العقيد القلمامي و نجد جميعهم يرفعون شعار علوية القانون.
و من نكبات الثورة التونسية المغدورة انها بلا منبر إعلامي مما سمح لاعلاميي العهد البائد ممن تعودوا على التعليمات و الأجندات المشبوهة ان يسيطروا على المشهد بعد ان لبسوا جبة الثورة و انخرطوا في النقابات ، و اصبحت البلاتوات يديرها رواد الملاهي الليلية بتوجيه من كبار اللوبيات مما أغرق البلاد في التفاهات و الصراعات العبثية التي جعلت الناس تكره السياسة والسياسيين بعد شيطنة مستمرة .
من ناحية اخرى و في انحراف خطير بمسار الثورة التي و للأسف كانت بلا قيادة تمسك زمام البلاد في فترة حساسة جدا عمدت عصابات اجرامية متحالفة مع نظام المخلوع الى محاولة تهريب كميات كبيرة من العملة الأجنبية و الذهب و تصدر لها شرفاء أمن المطار مما جعلهم يدفعون الثمن غاليا لاحقا ووقعت شيطنتهم و تلفيق التهم لهم لانهم قاموا بعمل وطني سيذكره التاريخ.
و لأن الثورة هي تحرر اقتصادي و سياسي و تحقيق لمفهوم السيادة الوطنية فقد عملت الدوائر الاستعمارية على ترذيلها بالتواطئ مع عملائها في الداخل ، كما طغت المطلبية المشطة التي اثقلت كاهل ميزانية الدولة.
في الأثناء لم يكن الحكام الجدد يملكون برنامجا حقيقيا للإصلاح و لم يستطيعوا جمع الفرقاء حول أهداف واضحة ، فالممسك بالسلطة يتحمل المسؤولية كاملة او يتركها .
للأسف الشديد ، من سيطر على تونس بين 14 جانفي حتى انتخابات 23 اكتوبر 2011 هي الدولة العميقة و مراكز النفوذ و أدواتهم و هؤلاء لا يظهرون في الصورة لكنهم أداروا المرحلة حتى يعود الملك لهم ،، هؤلاء هم العائلات المتنفذة التي سيطرت على مفاصل اقتصاد البلاد منذ الاستقلال و تفعل كل شيء للحفاظ على مصالحها .. و ساعدهم في ذلك تصحر سياسي جعل عموم الشعب لا يعرف ما يدبر له.
*كاتب و محلل سياسي
Comments
1 de 1 commentaires pour l'article 239484