الفرق بين أروى القيروانية، و بية الزردي و من والاها..

كتبه / توفيق زعفوري..
ما دعاني إلى كتابة هذا المقال هو شرارة الفتنة الآتية من إعلام المجاري الذي ما فتئ يروج لتعدد الزوجات، و يثير الموضوع في كل مرة، و كأنه شان عام و لابد من الإفتاء فيه، و الإستئناس به و المصادقة عليه!!!..
ما دعاني إلى كتابة هذا المقال هو شرارة الفتنة الآتية من إعلام المجاري الذي ما فتئ يروج لتعدد الزوجات، و يثير الموضوع في كل مرة، و كأنه شان عام و لابد من الإفتاء فيه، و الإستئناس به و المصادقة عليه!!!..
أعود إلى أروى القيروانية، بإختصار هي إبنة أكبر تجار القيروان في القرن التاسع ميلادي، أفتتن بها الخليفة المنصور فأراد الزواج بها، و لكنها إشترطت عليه شرطا واحدا،. و هو ألا يتزوج عليها أخرى، فكان لها ما أرادت، و ضل الخليفة المنصور وفيا لعهده الذي قطعه على نفسه، إكراما لها حتى ماتت.. ذاك كان شرف أروى و عهد الخليفة، ذاك كان الزواج على معنى الصداق القيرواني، تكريما للمرأة و قطعا مع عادات الخلفاء في توارث الجواري و الغلمان و ضياع الآداب و إختلاط الأنساب..
أما ما تروج له بية الزردي و أخواتها إثر تصريح لها في برنامج jeu dit tout ، بأنها تقبل أن تكون زوجة ثانية لو سمحت القوانين بذلك، فهو من قبيل البدعة و الضلالة، فمنذ الاستقلال كانت طبيعة الأحوال الشخصية مظبوطة بقانون نافذ دأبنا عليه و إستأنسنا به منذ أكثر من نصف قرن...
مروّجو هذا الرأي الذي يبيح تعدد الزوجات و يغض الطرف على زواج المحارم و الزواج العرفي يجدون ضالتهم في بعض التفاسير التي خفّ ظبطها و هي "متون" بلا سند، و هرطقات لا تعدو ان تكون نزوات فرضتها ظروف تاريخية معينة و زمن محدد و إنتهى الأمر..
أغلب نساء تونس تجدد في تعدد الزوجات إهانة لكرامتهن و شرفهن، التونسيات يختلفن في تكوينهن الثقافي و الإجتماعي عن الشرقيات، و الرجل التونسي على شرقيته الزائفة لا يعدو أن يكون شمال إفريقي أقرب إلى الأمازيغي الأوروبي منه إلى الشرقي، و زاده التحرر و الإنفتاح في تكوينه ما يدحض فكرة الزواج العرفي و تعدد الز جات من تفكيره و بنية تكوينه..
التونسيات ، رغم صعوبة الواقع المعاش و حتى إن تم إقرار تعدد من باب الجدل و السجال، فإنها ترفض مبدأ التعايش الثنائي أو تقاسم الرجولة، فهي بالنسبة لها إما رجلا كاملا و إما عنوسة حتى يأتي ما يخالف ذلك..
الزواج مسألة إجتماعية بالأساس ليس مسألة شخصية كما في مجتمعات الغرب، و تأخر سن الزواج أصبح أمرا واقعا، و عدم المبادرة و الرغبة فيه أصبح أيضا مسألة شخصية لا ينظر إليها كما في السابق، يعني أن هناك نسبة قليلة ترفض مبدأ الزواج أصلا، و فئة أخرى لا بأس بها تأخر سن الزواج لديها بكثير و مع ذلك لا تنظر إلى تعدد الزوجات كحل العنوسة..
المسألة أعمق من تفكير بية الزردي بل تتنزل في سياق اجتماعي و اقتصادي و ثقافي أعمق و أكبر فالمجتمع الا نسي قد تخلص من اغلاله التاريخية، و هو في طريق الإنفتاح أكثر بحكم التطور الإقتصادي و ارتفاع مستويات الدخل ما يعزز استقلالية المرأة أكثر، و مع ذلك تبقى تونسية قيروانية.. لا بيّة!!!!.
Comments
9 de 9 commentaires pour l'article 214527