النهضة ترفض التداول السلمي على السلطة وتصر على البقاء السلمي في السلطة!

نصرالدين السويلمي
2011 : النهضة / المؤتمر/ التكتل
2011 : النهضة / المؤتمر/ التكتل
2014 : النهضة / النداء / آفاق / الحر
2019 : النهضة / الفخفاخ / التيار / تحيا / الشعب
ما معنى هذا؟
عندما انطلقت الثورات العربية سنة 2011، هبت الكثير من الشعوب تطلب الانتقال الديمقراطي، تبحث عن دستور وهيئة انتخابات ثم انتخابات ثم الانتقال بالصراع الدموي على السلطة إلى الصراع السياسي على السلطة... واليوم وبعد تسع سنوات، ليس غير تونس في المشهد، كل الدول التي أقلعت مع تونس مازالت تمارس الصراع الدموي على السلطة وحدها تونس تمارس منذ تسع سنوات الصراع السياسي على السلطة، وحين نقول أن بلادنا هي الاستثناء وانها تنجح بشكل مشرف، تقفز قوى التثبيط وتكشر وتشرع في ضخ الإحباط والتهكم من تلك المقاربات، بينما العقل والمنطق والرياضيات والبديهيات والحاسة السادسة كلها تحيل على تلك المقارنة، فلسنا السويد لتتم مقارنتنا بالنرويج ولا نحن ألمانيا لنقارن أوضاعنا بفرنسا.
لقد تأكد للعقل والعاقل ومن يعقل اننا الاستثناء والامل في الوطن العربي، وأننا السفينة التي انطلقت فاخترقت، ثم انطلقت خلفها بقية السفن العربية فغرقت، واننا السفينة التي تحاول إدراك الشاطئ واذا ادركته ورست ، سترسل الى الشعوب العربية جرعة أقوى من 2011، حينها ستشهد المنطقة عملية إقلاع شعبية جارفة تنهي قرون الجبرية الدامية.
وكما كانت تونس الاستثناء والتجارب الاخرى عابرة، كانت النهضة الاستثناء في الساحة الحزبية والتجارب الاخرى عابرة، رافقت التجربة منذ اقلاعها الى اليوم، أصابت وأخطأت، هادنت وقاطعت، توافقت واختلفت.. سددت وقاربت، راوحت هنا وهناك، لكن البوصلة الكبرى ثابتة والتجربة تتحرك بثقل ثم بثبات نحو مستقرها ومستودعها. تمارس الأحزاب التونسية التداول السلمي على السلطة وتمارس النهضة البقاء السلمي في السلطة، ليس لأنها حزب الله في الأرض ولا لأنها معصومة ولا مأمورة، بل لان الساحة التونسية مازالت لم تفرز تلك الأحزاب المعمرة، التي تتمتع بخصائص البقا. وبعيدا عن المكابرين يدرك اصحاب العقول ان الاحزاب تحتاج في المراحل الانتقالية إلى قواعد ثابتة مخلصة، ولا تحتاج الى الجماهير الغفيرة التي تطلب رغد العيش وتنّقل أفئدتها بشكل سريع وقلق في بحث متوتر عن جنة الأرض الموعودة، فالجماهير المستقلة الغير موصولة بهذا الحزب أو ذاك والتي لا اجندة فكرية وسياسية لها غير الحرية والتنمية، هذه النوعية من الجماهير وهي السواد الغالب، وحين يتم استفزازها و تتأخر الرفاهية، تكون مستعدة لتحويل الساحة الحزبية الى مخابر للفئران، تنحر فيها الكيانات السياسية دون ان تذكر اسم الله عليها، بلا تسمية ولا تذكية، ساعتها لا يمكن للأحزاب أن تهرب من تحت سكين الشعوب الغاضبة، الناقمة على تردي بضاعة الانتخابات، لا يمكن لتلك الاحزاب ان تنجو إلا بقواعد وفية تكبّن وتحضن وتصبر حين يشرع الشعب الغاضب في استبدال سلعة الصناديق! صناديق الاقتراع.
إن المراحل الانتقالية عادة ما تحلّق فيها مطالب الشعوب وتطلعاتها، وعادة ما تصاب فيها البلاد بأزمات متعددة خاصة تلك الدول التي عاشت تحت يد واحدة، هي التي تملك لوحة المفاتيح، وهي التي تحكم وتسرق، حينها تكون الشعوب جاهزة لاقتلاع أحزاب السلطة كما تقتلع بذور الدلاّع، هناك وهناك بالتحديد تحتاج الاحزاب الى قواعد وفيّة تحضنها بقوة لمّا يهجم تسونامي الجماهير المحبطة، وتحميها من الغرق حين تشرع الشعوب في موسم الهجرة إلى الصناديق لتدشن دورة انتقام جديدة.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 198330