المهدي الشيوعي المنتظر..

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5defd82c3c6b68.84121667_jqgfkhienolmp.jpg width=100 align=left border=0>


نصرالدين السويلمي

ندرك أنه من حق السيد رضا شهاب أن يقترح ما يريد ويسوق لما يريد، ندرك ايضا ان عصر الحجر على الفكرة انتهى، فقط لابد من التفريق بين الالتجاء الى المجتمع لتصعيد الفكرة بقوة الإقناع مع اعتماد التدرج، أو الالتجاء الى هرم الدولة لتنزيل الفكرة بقوة السلطان، ذلك ان الفروقات شاسعة بين فكرة تنمو بشكل طبيعي داخل المجتمع وفكرة تنمو في الزوايا وتشرع في التسلل إلى اعلى منارة سياسية في البلاد ثم ترمي بنفسها فوق الوطن، والأخطر من ذلك أن طبيعة الدولة المعاصر بتوافقات واتفاقيات تكره المغامرة وتتأذى من التغييرات الراديكالية وخاصة الغامضة الملتبسة منها.





هل ندري أن الولايات المتحدة ورشة العالم ومطمورها المالي بجبروتها، بهوامينها وقوارينها وفراعينها غير قادرة على استيعاب فكرة "حادة" مستعجلة نزلت متوترة من البيت الأبيض دون أن تمرّ عبر مصفاة الجامعات والندوات والمؤسّسات ودون أن يتمّ اختبارها لعقود طويلة ومن ثمّ تصعيدها بشكل ليّن وعلى طريقة القطرة قطرة.. هل ندري أن احتياطي الولايات المتحدة الأمريكيّة من العملة والذهب لا يمكنه مجابهة التداعيات التي يمكن أن تخلّفها فكرة تغيير متطفّلة مبتورة تتدحرج فجأة ودون مقدمات من البيت الأبيض، إذا سترتاب منها المبادلات والمداولات، يرتاب منها سوق الشغل وأداء البورصة وحركة المال والأعمال! تلك أمريكا شمطاء المال العالمي، فكيف يمكن لتونس المرهقة المتعثّرة المتلعثمة أن تتماسك أمام كتلة حمراء متدحرجة نحو المجتمع بقوّة الدفع القرطاجي، كركوبة مبهمة ترغب في نسف كل شيء وتَعِد بكل شيء!!!!

هل ندري أنّ أوروبا طرحت أواخر 2016 فكرة التخلّي عن التوقيت الحالي، وأنّ مراكز وشركات متعدّدة في القارة نفّذت منذ ذلك الحين أكثر من 150 استطلاعا حول رأي الشعوب الأوروبيّة في التوقيت الصيفي والشتوي، وأنّ مؤسّسات الاتحاد اتفقت سنة 2019 على تغيير التوقيت، لكنّها أجّلت التنفيذ إلى سنة 2021 وتركت حرّيّة الاختيار لبعض الدول التي ترغب في الإبقاء على التوقيت الحالي مع توصية تحثّها على الانسجام مع قرارات الاتحاد!!! دول ثريّة تدرس منذ 2016 التخلّي عن تغيير ساعة زمن، تطلّب الأمر 3 سنوات لتخرج بقرار غير ملزم، إلى جانب مهلة بسنتين للشروع في التنفيذ، إلى جانب عشرات الدراسات والندوات تمّ تمسيكها في خلاصة وُجّهت إلى مؤسّسات الاتحاد جاء فيها أنّ تقديم الساعة 60 دقيقة في مارس وتأخيرها في أكتوبر تسبّب في رفع حوادث السير وأثّر على الانتاج في بعض المجالات كما أثّر على الأوضاع النفسيّة، إلى جانب استنتاجات أخرى.. اتحاد أوروبي يحاذر ويتلطّف ويعمّق دراساته من أجل تغيير 60 دقيقة، والسيد رضا يعد تونس بانقلاب كامل في مفاهيم الدولة وقانونها ودستورها ولم يقدّم في ذلك ولو مسودّة واحدة لمركز دراسات هامشي حديث عهد بالسّاحة!

هل تدري أنّ الكثير من البورصات العالمية تضرّرت من حرب الإشاعات، وأنّ شركات عابرة للقارات مختصّة في صناعة الإشاعة وبيعها كأسلحة للنيل من هذا الاقتصاد أو ذاك، وأنّ أثرياء من روسيا صنعوا ثروتهم من تأليف وإعداد الإشاعة وبيعها والإشراف على تنزيلها.. إذا وإذا كانت الإشاعة أربكت الاقتصاد بل اسقطته، فكيف بعمليّة إنزال جافّة غامضة تستهدف دستور البلاد وقانونها وسوق العمل وسوق الإنتاج، وتنسف الأحزاب التي تعتبر أرقى التعبيرات السياسيّة التي انبثقت وارتقت من عصر التكتّلات العرقيّة والعصبيّة والدينيّة وقبلها القبليّة.

وحدها الأنظمة الشموليّة الفاشلة التي تحكمها شلّة من النياشين النصف متعلّمة والنصف جاهلة، وحدها وخلال خمسينات وستينات القرن الماضي تقوم بتغييرات راديكاليّة على أنماط مجتمعاتها ومنوالها الاقتصادي مباشرة بعد استتباب الأمر للدبابة وبعد تلاوة البيان رقم واحد، وحدها الأنظمة الشموليّة الجاهلة، تنام في حضن الرأسماليّة، حتى إذا عاتبتها واشنطن في أو تركتها معلّقة تصبح تستنفر شعوبها وتكّدس المناجل والمطارق وتصدر قرارات التأميم والإصلاح الزراعي، ثم تغضب عند موسكو إلى أجل غير مسمى.

وحدها الشعوب المعطوبة وخاصّة الشعوب العربيّة تقبل أن تتحوّل إلى فئران مخابر، وحدها شعوب العسكر والقوادة تنام على صور ايزنهاور وكيندي تغدّر شاشاتها ثم تصحو على صور خروتشوف وبريجنيف.. وحدها شعوب المحيط والخليج جعلها أولاد الكلب مخابر تجارب، وحدها الأسر العربيّة في الزمن اللاّجميل تسهر السبت على أفلام فرانسيس فورد كابولا، ستانلي كيوبيرك، ديفيد لينش، ستيفن سبيلبرغ.. ثم وفجأة تسهر الأحد على أفلام سيرجي إيزنشتين، دزيجا فيرتوف، بدوفكين، ألكسندر دوفجينكو وكولشوف... حينما تختفي الممثلة بيتي دايفس من على شاشات العسكر العربي وتبزغ فجأة مارينا لادينينا!!! حينها تدرك العائلات العربيّة المقهورة أنّ هوليود بالغت في احتقار الطاغية العربي، فلجأ إلى حضن لادينينا إلى حين!.. حتى تتدخّل باريس فتعيد المياه إلى بركتها.

دعونا إذا من مختبرات الفئران، دعونا من المهدي الشيوعي المنتظر يكفينا المهدي الشيعي المنتظر، دعونا من المخ المتوقّف في 1959 ودرجْ! دعونا من الهرج الفكري المنغولي، دعونا من عقليّة الرجل الخارق والــ12 مليون جاهل! دعونا نستحي! فإن لم نستحِ من نعمة العقل ونعمة المنطق فلا أقل من الحياء من نعمة سبعطاش ديسمبر، دعونا نركز على إعلاء فضيلة العمل، وإنفاذ القانون وتنزيل الدستور بشروطه وطرد الميليشيات المنقّبة من المؤسّسات العموميّة وترقية تلك المؤسّسات وإعادة هيكلتها، دعونا من رزق البيليك، دعونا نرسم الحدود السّياسيّة ونمرّ إلى ترسيم الحدود الاجتماعيّة الاقتصاديّة، دعونا! دعونا!! فلا تحتاج تونس إلى المزيد من العبرنة والرحونة والبسمنة والفهرنة والليننة والحفترة والبشرنة والسيسنة.. تحتاج تونس إلى المزيد من التونســـــــــــة.


Comments


2 de 2 commentaires pour l'article 194156

Sarramba  (Tunisia)  |Mardi 10 Decembre 2019 à 21:17           
الشعب يريد حرية التعبير و الفكر والايمان والتنقل والابداع والاختراع وملكية العقار والمال ورأس المال" لكم أملاككم و رؤوس أموالكم" و أن يتخلص من عقلية "شفون حل" كل واحد يشمر على ذراعوا
الغريب والمذهل والمحبط أن مثقفين واختصاصيين في الشئن والقانون الدولي المتكرك والمتغير في كل لحضة منالزمن يبقوا رهناء اديولوجيات بائدة والتي أثبتت خرابها للمجتهع. شي يحير لعقل
في كل أي حال لاتمر و لن تمر فكرة ماركس المنتضر عبر مجلس الشعب. الحمد لله لازال ناس عقلاء في هذا البلد الحبيب

RESA67  (France)  |Mardi 10 Decembre 2019 à 19:44           
Vous avez raison mais il faut rajouter pas de système des Ikhwans non plus. Soyons Tunisiens.


babnet
*.*.*
All Radio in One