أزمة التعليم الثانوي : اجتماعية أم سياسية ؟

بقلم الأستاذ بولبابه سالم
تشهد تونس ازمة حادة بين جامعة التعليم الثانوي (النقابة) ووزارة التربية حيث تطور الامر من حجب الاعداد الى تعليق الدروس منذ الثلاثاء الفارط وهو ما جعل المسالة قضية راي عام في الشارع و في مواقع التواصل الاجتماعي ، و لعبت بعض وسائل الاعلام دورا مشبوها في شيطنة جامعة التعليم الثانوي و كاتبها العام لسعد اليعقوبي و حدث تجييش كبير للاولياء و تحركت جمعيات من سباتها لتجد الابواب مفتوحة في الكثير من البرامج الاذاعية و التلفزية .
تشهد تونس ازمة حادة بين جامعة التعليم الثانوي (النقابة) ووزارة التربية حيث تطور الامر من حجب الاعداد الى تعليق الدروس منذ الثلاثاء الفارط وهو ما جعل المسالة قضية راي عام في الشارع و في مواقع التواصل الاجتماعي ، و لعبت بعض وسائل الاعلام دورا مشبوها في شيطنة جامعة التعليم الثانوي و كاتبها العام لسعد اليعقوبي و حدث تجييش كبير للاولياء و تحركت جمعيات من سباتها لتجد الابواب مفتوحة في الكثير من البرامج الاذاعية و التلفزية .
بين المطالب الاجتماعية المشروعة لنقابة الاساتذة و حق الاضراب الى دقة المرحلة التي تمر بها السنة الدراسية مع قرب الامتحانات الوطنية ، الى الارباك الذي اصاب العائلات التونسية ومنهم عائلات الاساتذة انفسهم باعتبارهم اولياء ايضا، الى شرط وزير التربية بتسليم الاعداد الى الادارة قبل الجلوس الى طاولة المفاوضات ،، كلها اسئلة طرحها الجميع لكن لا احد طرح الاسئلة الحارقة ؟
اين القيمة الرمزية للمدرس ؟ لماذا غاب ملف التعليم عن برامج الاحزاب و الدولة الا في بعض البيانات الخجولة المناسباتية ؟
ينتمي الاساتذة الى الطبقة الوسطى في المجتمع و لا احد ينكر انهيار هذه الطبقة وسط تدهور اقتصادي سببه اختيارات فاشلة و غياب الحوكمة و انتشار الفساد مما ساهم في ثراء الاثرياء و فقر الفقراء . و لا احد يذكر من السياسيين الجدد ان قطاع التعليم الثانوي هو الوحيد الذي لم يطالب بزيادات او امتيازات بعد الثورة حيث تجند الاساتذة وقتها لانجاح السنة الدراسية للعام 2011 وسط انفلات امني و مطلبية مشطة اطلقتها قطاعات اخرى لا تملك تاريخا نضاليا مثل التعليم الثانوي الذي كانت نقابته من القلائل التي تنفذ اضرابات او احتجاجات زمن بن علي مثلما حدث عند اعلان زيارة الارهابي شارون . لكن حساسية قطاع التعليم الثانوي جعل تحركاته الاجتماعية تلقى هجمات منظمة من بعض الابواق التي تصر ان تكون عصيّا عند اسيادها رغم ظهور اصوات معتدلة تدعو الى مناقشة كل مطالب الاساتذة على طاولة المفاوضات و تناول مسائل الاصلاح التربوي و صيانة المؤسسات التربوية و المحافظة على المدرسة العمومية الذي تصر عليه جامعة الثانوي .
يتناسى الجميع ان الاساتذة هم العمود الفقري للكثير من الاحزاب و الجمعيات و منظمات المجتمع المدني ، و نقابة التعليم الثانوي هي الاقوى داخل الاتحاد العام التونسي للشغل و الاكثر تنظما ، و للتذكير فان مقرات الاتحاد و نقابة التعليم الثانوي ساهمت في تاطير الاحتجاجات الشعبية في ثورة 17 ديسمبر .
هذا الامر تدركه المنظمة الشغيلة التي تبنت قرارات الهيئة الادارية للتعليم الثانوي خاصة انها اليوم في مواجهة مفتوحة مع الحكومة و لا تريد ان تكون شاهد زور في وثيقة قرطاج 2 باعلانها رفضها و تصديها لشروط صندوق النقد الدولي الذي انخرطت فيه الحكومة بامكانية بيع بعض المؤسسات العمومية مثل شركة تونس الجوية و شركةالتبغ و الوقيد و الستاغ غيرها ،، و شهدت اجتماعات الاساتذة داخل المعاهد نقاشات عميقة حول ضرورة التصدي لهذه الخيارات لانها قد تساهم في ضرب التعليم العمومي خاصة بعد الماسي الاخيرة التي عاشتها بعض المبيتات المدرسية المهترئةو تردي ظروف العمل فلا توجد دولة حققت نهضة اقتصادية باملاءات صندوق النقد الدولي ،، ربما كان امام الدولة خيارات اخرى مثل تطبيق القانون على المتهربين من الضرائب و تفعيل ملف الاملاك المصادرة التي تؤكد القاضية الفاضلة ليلى عبيد انه قادر على توفير امكانيات هامة للدولة لكن لا توجد ارادة لانجازه و بقيت لجنة التصرف فيه هيكلا يكلف الدولة اموالا دون نتيجة .
من ناحية اخرى شكلت ازمة التعليم الثانوي و ما افرزته من التفاف الاساتذة حول نقابتهم ضغطا كبيرا على الحكومة مثلما تشكل ايضا ضغطا رهيبا على جامعتهم و الاتحاد العام التونسي للشغل ،، يبدو ان الحل ليس بعيدا ، لكن ماهو الثمن ؟ و هل ستنصت الحكومة الى مطالب قطاع واسع من شعبها مثلما تتفاعل مع صندوق النقد الدولي ؟ الساعات القادمة حاسمة .
كاتب و محلل سياسي
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 160319