الشاهد وسياسة ''العلاج بالصدمة'' ...غاب العلاج وحضرت الصدمة

طارق عمراني
"لم يعد الإحتلال العسكري السافر ضروريا ،فصندوق النقد الدولي يقوم بالواجب "
نعوم تشومسكي
"لم يعد الإحتلال العسكري السافر ضروريا ،فصندوق النقد الدولي يقوم بالواجب "
نعوم تشومسكي
يبدو ان تونس وان تخلصت شكليا من الاستعمار الفرنسي فإنها اليوم ترزح تحت وطأة إستعمار ناعم تقوده من المفارقة وزيرة المالية الفرنسية السابقة كريستين لاغارد والمديرة الحالية لصندوق النقد الدولي الذي يطبق وبكل وضوح مبدأ المال مقابل العبودية ،عبودية تتجسد في املاءات هيكلية يعتبرها الصندوق الدولي من قبيل التلاعب بالألفاظ "إصلاحات اقتصادية" فمع كل قسط قرضي تزيد قوة الجرعة كما هو الحال مع تونس اليوم وحكومتها التي تتموقع بشكل لا تحسد عليه بين مطرقة المانحين وسندان الشعب الذي لايساوم في تونس الثورة علی شعار "خبز حرية كرامة وطنية" ،ولئن وجدت لاغارد في مصر السيسي تلميذا مطيعا يحكم بالحديد والنار وماض بشكل صاروخي في تنفيذ اجراءات التقشف برفع الدعم وتعويم الجنيه وتسريح الموظفين تحت شماعة الإخوان فإنها في تونس قد وجدت امامها سدا شعبيا منيعا ومتفاوضين اجتماعيين وازنين تكسرت علی صخرتهم كل محاولات العلاج بالصدمة
نظرية العلاج بالصدمة
سنفرغكم ونعتصركم ثم سنملأكم من أنفسنا"
جورج اورويل
كل المؤشرات اليوم تدل أن حكومة الشاهد ذاهبة في إتجاه تطبيق نظرية العلاج بالصدمة وهو مصطلح علمي وطريقة علاج نفسي ظهر في خمسينات القرن الماضي حيث تعاونت وكالة الاستخبارات الامريكية مع الطبيب النفسي الكندي "ايوين كامرون" لإستخدام الصدمات الكهربائية علی أدمغة المرضی النفسيين وإرجاعهم إلی مستوی ادراكي اشبه بمستوی ادراك الرضيع لإعادة برمجته بمعطيات جديدة في اطار ما اسمي بالصفحة البيضاء او القيادة النفسية مما يتسبب في فقدان الذاكرة والنكوص السلوكي ،وفي كتابها "عقيدة الصدمة و رأسمالية الكوارث " انطلقت الكاتبة الكندية المناهضة للعولمة نعومي كلاين بمحاورة ضحايا تعرضوا للعلاج بالصدمات الكهربائية ضمن خطة علاجية توخاها الطبيب النفسي "ايوين كامرون" لدحض نظريات سيغموند فرويد ،لتحدد الكاتبة مكامن التشابه بين الصدمة النفسية مع الصدمة الإقتصادية لصاحبها "ميلتون فريدمان" رئيس قسم العلوم الاقتصاادية بجامعة شيكاغو التي تخرّج منها مفكرون ومحافظون جدد ونيوليبراليون علی غرار "دونالد رامسفيلد " وزير الدفاع الامريكي الاسبق نشروا عقيدة "فريدمان" في كل العالم واصبحت هذه العقيدة خطة عمل لصندوق النقد الدولي ولقبت نعومي كلاين انصار فريدمان بصبيان شيكاغو .
وتتمثل هذه العقيدة في الرأسمالية المستقلة والحرية المطلقة للاسواق والخصخصة وتسريح العمال ورفع الدعم عن المواد الاساسية وخفض الانفاق الاجتماعي واثقال كاهل المواطن بالضرائب والاداءات ،فعقيدة الصدمة تقوم علی استغلال كارثة سواء كانت انقلابا ام هجوما ارهابيا ام انهيارا للسوق ام حربا ام كارثة طبيعية لتمرير سياسات اقتصادية يرفضها المواطنون في الحالة الطبيعية.
فالمخابرات الأمريكية ساندت انقلاب الجنرال العسكري بينوشييه في الشيلي سنة 1973 الذي طبق كل سياسات صندوق النقد في فترة حكمه وكانت النتائج كارثية بإستفحال الازمات الاقتصادية والاجتماعية ويبدو ان هذا السيناريو يتكرر اليوم بحذافيره في مصر المحروسة في ظل حكم الجنرال السيسي، وفي العراق كانت بصمة الولايات المتحدة وذراعها الاقتصادي صندوق النقد الدولية واضحة عقب اجتياح بغداد ولا غرابة في ذلك اذا كان وزير دفاع امريكا آنذاك "دونالد رامسفيلد" احد انجب تلاميذ "ميلتون فريدمان" ،فتم تدمير بنية العراق التحتية واثارة النعرات الطائفية والاثنية والقومية والتغاضي عن عمليات السلب والنهب لتتحول العراق الی صفحة بيضاء بالمفهوم السيكولوجي الجمعي ليقع تركيز سياسات اقتصادية نيوليبرالية كانت ترفضها عراق صدام حسين ،وفي خضم الفوضی والتفجيرات اليومية استأثرت شركات نفطية عملاقة بمعظم احتياطات العراق النفطية وفازت الشركات العقارية الامريكية بعقود اعادة الاعمار والاستثمار.
في تونس ومع التجانس الاجتماعي والوعي الشعبي والمنجزات السياسية فشلت اغلب محاولات العلاج بالصدمة بالمراهنة علی بث الفوضی في تونس ونجحت هذه النظرية نسبيا بعد العمليات الإرهابية النوعية في سنوات 2014 و2015 بتمرير بعض الاجراءات الامنية في استغلال واضح للصدمة الشعبية من الخطر الإرهابي وفي الاحتجاجات الاخيرة التي شهدتها تونس الاسابيع الماضية استغلت الحكومة الصدمة الشعبية من انفلات بعض المظاهرات الليلية وتحولها إلی عمليات سطو وتخريب كانت بمثابة "قبلة الحياة" لحكومة الشاهد للتمسك بإجراءاتها الاقتصادية الموجعة ،وبعد الصدمة مازال الشعب ينتظر في العلاج الذي قد لا يأتي ...
سنفرغكم ونعتصركم ثم سنملأكم من أنفسنا"
جورج اورويل
كل المؤشرات اليوم تدل أن حكومة الشاهد ذاهبة في إتجاه تطبيق نظرية العلاج بالصدمة وهو مصطلح علمي وطريقة علاج نفسي ظهر في خمسينات القرن الماضي حيث تعاونت وكالة الاستخبارات الامريكية مع الطبيب النفسي الكندي "ايوين كامرون" لإستخدام الصدمات الكهربائية علی أدمغة المرضی النفسيين وإرجاعهم إلی مستوی ادراكي اشبه بمستوی ادراك الرضيع لإعادة برمجته بمعطيات جديدة في اطار ما اسمي بالصفحة البيضاء او القيادة النفسية مما يتسبب في فقدان الذاكرة والنكوص السلوكي ،وفي كتابها "عقيدة الصدمة و رأسمالية الكوارث " انطلقت الكاتبة الكندية المناهضة للعولمة نعومي كلاين بمحاورة ضحايا تعرضوا للعلاج بالصدمات الكهربائية ضمن خطة علاجية توخاها الطبيب النفسي "ايوين كامرون" لدحض نظريات سيغموند فرويد ،لتحدد الكاتبة مكامن التشابه بين الصدمة النفسية مع الصدمة الإقتصادية لصاحبها "ميلتون فريدمان" رئيس قسم العلوم الاقتصاادية بجامعة شيكاغو التي تخرّج منها مفكرون ومحافظون جدد ونيوليبراليون علی غرار "دونالد رامسفيلد " وزير الدفاع الامريكي الاسبق نشروا عقيدة "فريدمان" في كل العالم واصبحت هذه العقيدة خطة عمل لصندوق النقد الدولي ولقبت نعومي كلاين انصار فريدمان بصبيان شيكاغو .
وتتمثل هذه العقيدة في الرأسمالية المستقلة والحرية المطلقة للاسواق والخصخصة وتسريح العمال ورفع الدعم عن المواد الاساسية وخفض الانفاق الاجتماعي واثقال كاهل المواطن بالضرائب والاداءات ،فعقيدة الصدمة تقوم علی استغلال كارثة سواء كانت انقلابا ام هجوما ارهابيا ام انهيارا للسوق ام حربا ام كارثة طبيعية لتمرير سياسات اقتصادية يرفضها المواطنون في الحالة الطبيعية.
فالمخابرات الأمريكية ساندت انقلاب الجنرال العسكري بينوشييه في الشيلي سنة 1973 الذي طبق كل سياسات صندوق النقد في فترة حكمه وكانت النتائج كارثية بإستفحال الازمات الاقتصادية والاجتماعية ويبدو ان هذا السيناريو يتكرر اليوم بحذافيره في مصر المحروسة في ظل حكم الجنرال السيسي، وفي العراق كانت بصمة الولايات المتحدة وذراعها الاقتصادي صندوق النقد الدولية واضحة عقب اجتياح بغداد ولا غرابة في ذلك اذا كان وزير دفاع امريكا آنذاك "دونالد رامسفيلد" احد انجب تلاميذ "ميلتون فريدمان" ،فتم تدمير بنية العراق التحتية واثارة النعرات الطائفية والاثنية والقومية والتغاضي عن عمليات السلب والنهب لتتحول العراق الی صفحة بيضاء بالمفهوم السيكولوجي الجمعي ليقع تركيز سياسات اقتصادية نيوليبرالية كانت ترفضها عراق صدام حسين ،وفي خضم الفوضی والتفجيرات اليومية استأثرت شركات نفطية عملاقة بمعظم احتياطات العراق النفطية وفازت الشركات العقارية الامريكية بعقود اعادة الاعمار والاستثمار.
في تونس ومع التجانس الاجتماعي والوعي الشعبي والمنجزات السياسية فشلت اغلب محاولات العلاج بالصدمة بالمراهنة علی بث الفوضی في تونس ونجحت هذه النظرية نسبيا بعد العمليات الإرهابية النوعية في سنوات 2014 و2015 بتمرير بعض الاجراءات الامنية في استغلال واضح للصدمة الشعبية من الخطر الإرهابي وفي الاحتجاجات الاخيرة التي شهدتها تونس الاسابيع الماضية استغلت الحكومة الصدمة الشعبية من انفلات بعض المظاهرات الليلية وتحولها إلی عمليات سطو وتخريب كانت بمثابة "قبلة الحياة" لحكومة الشاهد للتمسك بإجراءاتها الاقتصادية الموجعة ،وبعد الصدمة مازال الشعب ينتظر في العلاج الذي قد لا يأتي ...
Comments
3 de 3 commentaires pour l'article 154394