القطاع الواحي في تونس: حزام قفصة الأخضر في قبضة التغيرات المناخية - المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/65074bad7698b3.63502818_mjnghoikqflpe.jpg width=100 align=left border=0>


تواجه واحات قفصة، الممتدة على نحو 3 آلاف هكتارا، أي ما يعادل 5 بالمائة من المساحة الجملية للواحات في تونس، إشكاليات حقيقية من اجل الصمود أمام تأثيرات التغيرات المناخية وتتالي سنوات الجفاف، وفق ما أظهره تقرير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماع بعنوان "إشكاليات القطاع الواحي في الجنوب التونسي: حزام قفصة الاخضر في قبضة التغيرات المناخية".



وأوضح التقرير النصف شهري الصادر عن قسم العدالة البيئية بالمنتدى، ان ظاهرة الجفاف في واحة قفصة (جنوب غرب تونس)، التي أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة إرثا فلاحيا وجب المحافظة عليه للأجيال القادمة، ترجع الى ندرة الأمطار واستنزاف الموارد المائية، مما أدى الى ارتفاع درجة ملوحة المياه والتربة.





كما ساهم الزحف العمراني والتلوث الناتج عن الأنشطة الصناعية والارتكاز على الزراعة الأحادية كمنوال للفلاحة بالجهة في زيادة المخاطر التي تعترض هذا القطاع، استنادا للمصدر ذاته.


ويتوقع أن يكون تأثر التغيرات المناخية شديدا على الواحات التونسية لا سيما وان استنزاف الموارد المائية الباطنية سيفضي الى تسارع تقلص منسوب المياه الجوفية وتدهور جودتها الى جانب ارتفاع كلفة الضخ. علما أن الدراسات الاستشرافية التي أنجزتها وزارة البيئة والوكالة الألمانية للتعاون الدولي تؤكد أن التغيرات المناخية ستساهم في ارتفاع درجات الحرارة بالجنوب التونسي بمعدل 9ر1 درجة مئوية في أفق 2030 و 7ر2 درجة مئوية في 2050، وينتظر ان تتقلص التساقطات بمعدل 9 بالمائة سنة 2030.


تدهور الإنتاج في واحة قفصة


أكد التقرير أن تأثيرات التغيرات المناخية المتزايدة ساهم في تراجع معدل انتاجية الواحة بشكل ملحوظ، خاصة بسبب نقص مياه الري الذي انعكس سلبا على ثراء المنتوج الواحي وتعزيز انتشار الواحات ذات الطبقة الواحدة.


وفسّر أن هذه التغيرات المناخية ساهمت في تراجع معدل هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة مما دفع الى الاستغلال المفرط واللاعقلاني للموارد المائية وإرهاق التربة وتملحها، وبالتالي زيادة الضغوطات المسلطة على المنطقة الواحية.


وأشار الى ان الضغط الديمغرافي ساهم، كذلك، في تدهور الانتاجية من خلال زيادة التوسع العمراني وانتشار البناء الفوضوي على حساب المساحات الواحية، علاوة على ظهور معضلة "تفتيت المزارع" وتدني مساحة المستغلات
سبب الميراث ثم فقدان القيمة التجارية لبعض أنواع وأصناف من التمور لظهور أصناف جديدة.


التوجه نحو تدعيم التصدير: هل زادت سياسة الدولة في تدمير القطاع الواحي؟


تشير ذات الوثيقة الى ان سياسة الدولة القائمة على دفع التصدير في تهديد التنوع البيولوجي واستدامة النظام، ساهمت في الاخفاقات المؤسسية والقانونية والتنظيمية التي وقعت فيها الدولة تعيق على نحو متزايد الإدارة الرشيدة لهذا النظام الفلاحى.


وقد عملت الدولة منذ سنوات على تشجيع زراعة التمر من صنف "دقلة النور" لغايات ربحية متعلقة بالتصدير الخارجي. ونظرا إلى أن هذه الأخيرة تستهلك كميات هائلة من المياه علاوة على كونها أكثر عرضة للأمراض من الأصناف الأخرى، فقد بات لزاما على الدولة اليوم مراجعة سياساتها في القطاع الواحي واعتماد استراتيجيات جديدة تعود بالنفع الاقتصادي وتحافظ على التوازن البيئي في الآن نفسه.


أفضل الممارسات من اجل النهوض بالقطاع الواحي


أكد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ضرورة دعم المنظومات ذات الطبقات المتعددة بالواحات لصمودها وقدرتها على مقاومة التغيرات المناخية، مقارنة بالواحات الحديثة التي تعتمد على النخيل من صنف "دقلة النور"، مشيرا الى وجوبية الرجوع الى منوال الواحات القديمة القادرة على التأقلم مع التغيرات المناخية.


ودعا الى اعتماد تقنية الري الذكي الذي يقدم لشجرة النخيل ومختلف الزراعات في الواحة الكمية التي تحتاجها من الماء دون تبذير، أثناء كل مراحل دورتها الحياتية، والتوجه نحو زراعة انواع التمور التي لا تستهلك كميات كبيرة من المياه.


وحثّ المنتدى على الحفاظ على التربة، باعتبارها اهم عنصر في الواحة، عبر التصدي لكافة الممارسات التي تؤدي الى تدميرها مثل التلوث الصناعي والغازات السامة التي تطلقها المؤسسات المختصة في الصناعات الاستخراجية على غرار شركة فسفاط قفصة والمجمع.


وذكّر بضرورة تفعيل القوانين والتشريعات الخاصة بالقطاع الواحي وخاصة منها قانون الإهمال وتفعيل بنود الميثاق الوطني لحماية وتنمية الواحات بالجمهورية التونسية وتكثيف الرقابة على البناء الفوضوي داخل الأراضي الفلاحية والتصدي للزحف العمراني على حساب المساحات الواحية.


وخلص المنتدى الى القول بانه يتعين على تونس، إزاء هذه التحديات، تبني رؤية للتنمية المستدامة من اجل حماية الثروة الواحية مع ضرورة ضبط اتجاه محدد وطويل المدى يمكنها من تحقيق هذه الرؤية وبلورة استراتيجيات لتنفيذها. كما شدد على اهمية البحث عن بدائل حقيقية لمساعدة الفلاحين على مواجهة التحديات التي يطرحها النشاط الزراعي داخل الواحات وعلى التكيف مع التغيرات المناخية وذلك من اجل تحقيق التنمية ومقاومة اثار التلوث مع الحفاظ على الموارد الطبيعية وضمان استدامتها عوض عن استنزافها.


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 273397


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female