السيادة اللغوية في مهب الريح

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/6412d6518412d4.88673037_fjnohpkeiqlmg.jpg width=100 align=left border=0>


كريم السليتي (*)

استغرب عدد من المواطنين من إغفال المركز الثقافي والرياضي للشباب ببن عروس للغة العربية على واجهته الأمامية، حيث حضرت الصينية وحضرت الفرنسيّة، وغابت العربيّة، اللغة الرسميّة للبلاد. وكأن الجانب الصيني يقدم المشروع لفائدة الحكومة الفرنسية وليس لبلادنا وهو ما يمس بشكل مباشر وواضح من سيادتنا الوطنية ، ويعطي الانطباع أننا لا نزال مجرد مستعمرة ملحقة بفرنسا.





إن هذه الظاهرة المحبطة المتمثلة في عدم استخدام لغتنا الوطنية لا تزال منتشرة في لافتات عديد المحلات التجارية والمؤسسات الاقتصادية واللافتات الاشهارية وبعض الإعلانات الترويجية. وهو ما قد يعكس ضعف الوعي الرسمي والنخبوي والشعبي بأهمية وضرورة تفعيل استخدام لغتنا الرسمية.

هذه الظاهرة الماسة من سيادتنا اللغوية لا تتعلق باللافتات فقط بل تتعداها لما هو أخطر وهو أن المنظمات الدولية مثل برنامج التنمية للأمم المتحدة والشركات الدولية مثل شركة سامسونج تخصص الصفحة الخاصة بتونس باللغة الفرنسية بينما نفس هذه المنظمات والشركات تخصص صفحات مصر وليبيا وغيرها من الدول العربية باللغة العربية.
الأغرب في هذا الموضوع أيضًا أن مواقع رسمية تونسية لا تدعم اللغة العربية وتخصص كامل الموقع بلغة المستعمر الفرنسي، وأكبر مثال على ذلك موقع ديوان التونسيين بالخارج على الرغم من أن رواد الموقع من التونسيين من مختلف دول العالم وقد لا يتقن بعضهم اللغة الفرنسية.
وإذا قمنا بجولة على مواقع التواصل الاجتماعي نلاحظ أن أغلب الصفحات الرسمية لعدد ليس بالقليل من الوزارات والمؤسسات العمومية باللغة الفرنسية فقط مثل صفحة مؤسسة التلفزة التونسية .

هذه الظاهرة السلبية والخطيرة جلبت انتباه بعد اليوتيوبر والمؤثرين العرب حيث انتشر مقطع فيديو حظي بملايين المشاهدات ليوتيوبر مصري أمريكي في أحد المطاعم التونسية يبدي فيه استغرابه وتعجبه من وجود قوائم الطعام باللغة الفرنسية فقط دون ارفاق اللغة العربية أو ترجمة انجليزية في دولة يفترض أنها عربية وتسعى لاستقطاب السياح من كافة أنحاء العالم.

إن فرض السيادة اللغوية هي أحد أهم ركائز السيادة الوطنية ، فاللغة الفرنسية ليس لها أي صفة دستورية أو قانونية في بلادنا، وقد فُرضت علينا بقوة الحديد والنار من المستعمر الفرنسي الغاشم، وحان الوقت لمزيد دعم سيادتنا الوطنية بتثبيت سيادتنا اللغوية وهذه شيمة كل الدول المتحضرة التي تعتز بهويتها وتدافع بكل شراسة عنها. فإذا زرت باريس أو مونتريال تجد أن جميع اللافتات بالفرنسية واذا زرت ألمانيا تجد جميع اللافتات بالالمانية واذا زرت السويد او موسكو او اسطنبول أو طوكيو فستجدهم لا يستعملون إلا لغتهم الوطنية الرسمية ، فلماذا نقبل نحن التونسيين الدنية في لغتنا الوطنية.


إن بلادنا لا تخلو من المسؤولين الوطنيين المخلصين وعليهم أن يحسموا أمرهم وذلك بالإسراع بإتخاذ جملة من القرارات الهامة لدعم لغتنا العربية وسيادتنا اللغوية وذلك عبر تنفيذ التوصيات الآتية:
- سن قانون لدعم وحماية اللغة العربية على غرار دول عربية اخرى مثل الجزائر وقطر.
- التواصل بشكلٍ رسمي مع المنظمات الدولية والشركات العالمية لحثها على استخدام اللغة الرسمية للبلاد في مواقعها المخصصة للتونسيين وفي اصدار التقارير والدراسات التي تعدها لفائدة الحكومة التونسية باللغة العربية
- استخدام اللغة العربية والانجليزية في طلبات العروض الدولية لتكون دولية فعلا ، حيث انها الآن ومنذ زمن طويل تنشر حصريًا باللغة الفرنسية وبالمعايير الفرنسية وهو ما يجعلها وكأنها موجهة للفرنسيين دون غيرهم.
- إلزام الاذاعات والقنوات التلفزيونية العمومية والخاصة باستخدام اللغة العربية أو لهجتنا التونسية الأصيلة دون تشويهها بالرطانة بالمفردات الفرنسية.
- مراجعة شاملة للضوارب المجحفة لمادة الفرنسية ومراجعة مدى جوى مواصلة تدريس المواد العلمية بها، خاصةً وأنها السبب الاول للنسب العالية من التسرب المدرسي وضعف التحصيل العلمي.
- الزام جميع التجار والمؤسسات والمطاعم على استخدام اللغة العربية في اللافتات الخارجية والاعلانات وكشوف الأسعار والفواتير وقوائم الطعام والقوائم المالية.
- منع بيع الأدوية التي لا تتضمن وصفة مترجمة للغة العربية مع تشجيع الأطباء على كتابة وصفاتهم الطبية باللغة العربية ليتسنى للمريض فهم كيفية استخدام الأدوية وطريقة العلاج
- الزام جميع الوزارات والمؤسسات العمومية والشركات التي تمتلك الدولة جزءً من رأسمالها باستخدام اللغة العربية في عناوينها على وسائل التواصل الاجتماعي ومنشوراتها الموجهة للتونسيين.
-الزام المسؤولين الاداريين والسياسيين بالحديث باللغة الرسمية للبلاد في المناسبات الرسمية والعامة وخاصة لدى توجههم بالحديث للتونسيين .
- القيام بحملات اعلامية وميدانية مكثفة للتوعية بأهمية استخدام اللغة العربية والاعتزاز بها والترويج إليها في جميع المجالات دون استثناء

* كاتب وباحث في السياسات العمومية


Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 263426

UhibTunis  (Saudi Arabia)  |Dimanche 19 Mars 2023 à 12:09           
بارك الله فيك
لم ولن تسود دولة أو أمة وهي تقدّم لغةغيرها على لغتها الوطنية

لاحظ لافتتة مستشفى فطومة بورقيبة وهو في الاخبر اليةم
ا
اسم المستشفى بالعربية مكتو تحت لغة المستعمر


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female