تحصّلت على عدد 03/20 في الرياضيات ... أنت غبي. ... أنا تحصّلت على 18/20 ... أحسنت أنت ذكي ...

عمر التايب 5*-
متفقّد عام رياضيات
متفقّد عام رياضيات
من أكبر العوائق في تدريس الرياضيات في تونس هو ربط غباء التلميذ و ذكائه بمدى قدرته على حلّ تمرين ...
فنقول هذا تلميذ ممتاز و نابغة في الرياضيات لمجرّد أنّه نجح في حلّ عدد معيّن من التمارين (في امتحان وطني أو جهوي أو فرض مراقبة أو فرض تأليفي ...) و نقول على الآخر " غبي " و فاشل و لا يصلح للرياضيات لمجرّد أنّه تحصّل على 05/20 مثلا في الرياضيات حيث تمكّن من الإجابة على تمرين واحد من أربعة أو جزء من تمرين و جزء آخر من تمرين آخر...
هذه التمارين التي يقع اختيارها عشوائيا و في كثير من الأحيان بضوابط غير مفهومة (هنا أنا أعرف ماذا أقول...) ... هل تقيّم هذه التمارين حقّا مسارا كاملا لتعلّم الرياضيات بدأ منذ المدرسة التحضيرية ؟
ثمّ ان تعلّم الرياضيات بحلّ المشاكل أو " وضعية مشكل " ... أظنّ أنّها في حدّ ذاتها مشكل و عائق لتطوّر تدريس هذه المادة الأساسية.
هذا الطرح خلق لدى تلاميذنا مشاكل عرفانية وجدانية في مستوى معالجة المعلومة الحسابية بدل تدريبهم على إيجاد الحلول والوعي المنهجي المهاري بمفهوم المشكل في حدّ ذاته والهدف من طرحه...حل المسائل او المشكل بالوضع الذي هي عليه ترجح كفة القراءة والفهم اللغوي على حساب ما تتطلبه تلك العمليات من آليات فهم وتطبيق معزولة عن النصوص.
هذا الطرح القائم منذ عشرات السينين لم يتطوّر وأدّى إلى نتائج مخزية في امتحاناتنا الوطنية و بل نجد تبخيسا لما تملّكه التلميذ و لذواتهم و تعطيلا لقدرات أدمغتهم على الفهم والربط وحل المسائل بدل تشغيلها وتطويرها ...
الوضعية المشكل التي يجب أن تتطوّر إلى الوضعية الديداكتيكية بقيت على حالها لم تتغيّر بل أكثر من ذلك نجد صياغات مبهمة لتمارين على كونها وضعية مشكل وهي في الحقيقة تمارين مجحفة في التجريد و لا علاقة لها بأي وضعية...
ثمّ هناك العائق الأكبر وهو اللغة فكم من تلميذ يعرف الإجابة الصحيحة و يتمثّلها في ذهنه و لكنّه عاجز عن صياغة الإجابة المطلوبة فنسند له - أو بالأحرى - لما كتبه " صفر " ... لأنّنا لا ندرّب تلاميذنا على صياغة الإجابات الدقيقة و تصعب العملية عندما نجد التلميذ " ضعيف " في إحدى اللغات و الأخطر أن يكون المدرّس نفسه يشكو ضعفا في تكوينه في اللغات ... و أقتبس هنا : " جلّ تلك النصوص صيغت صياغات لغوية مركبة معقدة عويصة في المعاجم والمصطلحات والطروح أو مغالية في استجلاب معطيات يعتقد أنها دالة بينما هي فاقدة للدلالة لتعتم إطر إدراكها وصعوبة تمثلها في واقعها وفضائها الحسي الاجتماعي الثقافي خاصة وأنها لم تراع تنوع البيئة الاجتماعية للطفل التونسي وتباين معارفه الثقافية العامة ..."
هذا حسب رأيي أحد العوائق الأساسية في تدريس الرياضيات .
اضافة الى النقص الفادح في التعامل مع الرسوم و الأجسام منذ السنوات الأولى في تدريس الرياضيات ... فنجد العديد من المتخرّجين الذين يتطلّب عملهم قراءة بيانات أو رسوم أو صور أو بناءات ... نجدهم عاجزين عن ذلك ... و هنا أذكر أنّ عدم القدرة على قراءة صورة لمريض ما يمكن أن يؤدّي إلى خطأ في تشخيص المرض و يمكن أن يسبّب كارثة ...
عندما ندرّس الرياضيات بالكيفية المطلوبة لن نجد مشاكل في تعليم بقية العلوم لأننا نعطيهم مفاتيح للفهم و الإدراك و منهجية للتمشيات الصحيحة و فكرا حرّا ينقد و يحلّل و يناقش و يتخذ القرارات الصائبة...
“إنّ تدريس الرياضيات مثلما يمارَس اليوم يفسّر لماذا يتأخّر الفكر… "…
* عمر التايب
متفقّد عام للتعليم الثانوي و الإعدادي – رياضيات -
Comments
2 de 2 commentaires pour l'article 226979