كيف استأمنك الغنوشي على الأمانة يا زياد؟

حياة بن يادم
أعلن زياد العذاري الأمين العام لحزب حركة النهضة يوم الخميس 28 نوفمبر 2019، على صفحته بالفايسبوك، استقالته من الأمانة العامة للحزب، و من المكتب التنفيذي، و أنه غير معني بأي مسؤولية في الحزب و في الكتلة و في الحكومة القادمة.
أعلن زياد العذاري الأمين العام لحزب حركة النهضة يوم الخميس 28 نوفمبر 2019، على صفحته بالفايسبوك، استقالته من الأمانة العامة للحزب، و من المكتب التنفيذي، و أنه غير معني بأي مسؤولية في الحزب و في الكتلة و في الحكومة القادمة.
إلى حدّ كتابة هذه السطور، لا نستطيع إلا أن نحترم الرجل في القرار الذي اتخذه.
و بالرجوع إلى سيرته الذاتية نجد الرجل متخم بالشهائد العلمية المتحصل عليها من أعرق الجامعات العالمية. كما أن تجربته السياسية بعد الثورة، كان العضو القار عن النهضة في البرلمان، و كان الوزير القار في الحكومات المتعاقبة بعد انتخابات أكتوبر 2011 ، و كان العضو القار بالمكتب التنفيذي للحزب، و عضو مكتب الشورى، و الناطق الرسمي للحركة، ليتوج على رأس الأمانة العامة للحزب. إنه المحطّم للرقم القياسي في الجمع بين المسؤوليات في الحزب و في الدولة، إنه أيقونة النهضة بامتياز.
لكن الرجل لم يكتف بالاستقالة، بل تمادى في نشر معطيات داخلية تهم الحزب على صفحته. ليصبح نجم الشاشة ويستعرض "نجاحاته" في الوزارات التي أشرف عليها، و هو الأمين العام المستأمن على ما يجري في كواليسه، و هو رجل الدولة المطالب بالتحفظ. حيث جاء في تدوينته التالية قائلا:
"أكنّ كل الاحترام للأستاذ راشد الغنوشي الذي ساهم في انقاذ البلاد في مراحل صعبة.
لم أكن متفقا مع خيارات الحركة خلال المراحل الانتخابية الأخيرة.
البلاد تستحق اليوم شخصية وطنية مستقلة لها القدرة على فهم الملفات و أخذ القرارات بسرعة.
الحبيب الجملي لم يكن الاختيار موفقا لحركة النهضة لقيادة البلاد خلال الفترة القادمة".
لكل ما سبق،
أتسائل سيدي الأمين المستقيل و الوزير المستقيل،
من أنت يا زياد؟ لتكون أمينا عاما على حزب سطّرت ملاحمه نضالات رجالا و نساءا طيلة عقود، فيهم من قضى نحبه في غياهب السجون، و فيهم من استشهد تحت التعذيب، و فيهم من كان جسده خلطة لإقامة جسر، و من تبقوا على القيد الحياة فهم آثارا من النظام القديم المستبد؟.
من أنت يا زياد؟ و أنت القادم من الرخا و بطاقتك الأمنية بيضاء، و أنت الغريب و لا تشبه جيل محرقة التسعينات، لتقفز و تتربع على عرش الأمانة العامة، على حساب رقاب رجال أفنوا أعمارهم في غياهب السجون و عاهدوا الله و لم يبدلوا تبديلا، و لم نسمع منهم تذمرا لتقلدك المنصب؟.
لم أجد إجابة على سؤالي أبلغ من تدوينة المختص في التاريخ الدكتور محمد ضيف الله حول استقالة العذاري معنونها "زياد العذاري ..رضي عنه"، أهم ما جاء فيها :
"لماذا هو بالذات يسمى وزيرا ودون أن يثير ذلك لغطا كثيرا لا من الإعلاميين ولا من أحزاب المعارضة؟ وفي وزارة حساسة جدا مثل وزارة التشغيل؟ الواضح أنه ليس كأي من القياديين الآخرين، كيف ذلك؟ الحقيقة أن العذاري لا يخرج عن المركب الجهوي التاريخي للسلطة في تونس، ولسنا هنا نثير حساسيات جهوية عندما نشير إلى ذلك وإنما فقط لنفهم الأمور في هذا الموضع في إطار فهم الآليات التي اشتغلت بها السلطة في العهد النوفمبري وفي العهد البورقيبي.. أن العذاري كان عضوا في جمعية التونسيين خريجي المدارس العليا الفرنسية (ATUGE) تماما مثل سعيد العايدي وياسين إبراهيم اللذين قُذف بهما بعد الثورة مباشرة لنكتشفهما لأول مرة في التشكيل الحكومي.. هو ليس كغيره من النهضاويين. واضح؟ زياد العذاري، رضي عنه السيستام والإعلام ومن هم في فلكهم يسبحون".
لتصرّح يا زياد أنك تكنّ كل الاحترام للأستاذ راشد الغنوشي .. و الله يا زياد لو قبّلت أقدام كل أبناء هذه الحركة، المغروسة في تراب هذا الوطن منذ عقود، والتي بقيت على قيد الحياة، تسقى من عذابات أجيال، اختاروا الانتماء اليها عن طواعية، و آخرين ذنبهم الوحيد، انهم بقوا على الفطرة، و لم يتماهوا مع الثقافة الغربية الدخيلة، لما وفّيتها حقها انك تربعت على عرش حركة، لو أردنا إمهارها لعجز مال قارون على ذلك.
أتسائل سيدي الأمين المستقيل و الوزير المستقيل،
لماذا يا زياد لم تكن متفقا مع خيارات الحركة خلال المراحل الأخيرة؟
ألأن المراحل السابقة كنت أنت مهندسها؟ بدليل أن بنو جلدتك تحصلوا على جبر ضرر قيمته لا يتجاوز الحبر المكتوب على الورق، محمّلين خياراتكم و أنت المسؤول الحزبي و الحكومي الأبرز في تلك المرحلة ، التقصير في هذا الملف لصالح ملف آخر قبض أهله بالحين صكوك العفو؟ لماذا نسبت لنفسك النجاحات في الوزارات التي أشرفت عليها متنكرا لجهود من عملوا معك؟ عن أي نجاحات تتحدث سيدي وزير التشغيل و معدلات البطالة تجاوزت الخطوط الحمراء؟. عن أي نجاح تتحدث سيدي وزير الاستثمار و التنمية؟ و مؤشرات التنمية عانقت الصفر و مؤشرات الاستثمار حبرا على ورق؟.
أتسائل سيدي الأمين المستقيل و الوزير المستقيل،
من الشخصية الوطنية المستقلة التي لها القدرة على فهم الملفات و أخذ القرارات بسرعة؟.. أتقصد رجالات النظام السابق الذين اوصلوا البلاد إلى الإفلاس و ساهموا في تدمير الوطن و التي كنستهم رياح ديسمبر العظيم المفعمة بالحرية و الكرامة؟.. أو تقصد من المدعومين من طرف اللوبي لخريجي المدارس العليا الفرنسية؟
أتسائل سيدي الأمين المستقيل و الوزير المستقيل،
لماذا يا زياد، الحبيب الجملي لم يكن الاختيار الموفق لحركة النهضة لقيادة البلاد خلال الفترة القادمة؟.. ألأنه لا ينتمي "للمركب الجهوي التاريخي للسلطة"؟.. أم لأنه قادم من أعماق الريف و من وراء البلاكات؟.. أم لأن تكوينه الأكاديمي كان بالمعاهد الوطنية؟ ..و أن تجربته المهنية في الدولة و في القطاع الخاص كانت بين ربوع هذا الوطن؟.. و لم يكن من منظومة السيستام؟ ..و لا متخرجا من السربون مثلك؟ أم لأنه تونسيا مائة بالمائة و يشبه السواد الأعظم من الشعب التونسي؟.. أم لأنك ترى في نفسك الأجدر منه لترأس الحكومة القادمة؟.
لأسألك أخيرا و ليس آخرا كيف استأمنك الغنوشي على الأمانة يا زياد؟
Comments
5 de 5 commentaires pour l'article 193603