لماذا صوتت النهضة لصالح مشاركة القوات حاملة للسلاح في الانتخابات ؟!

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/gasrinile310117.jpg width=100 align=left border=0>


نصرالدين السويلمي

من المجحف ان يعمد الكثير الى التعامل مع الاحداث المهمة والحمالة بأشكال مبسّطة غارقة في السطحية ، ومن التجني ان يتجه البعض الى ابداء الراي في مواضيع مهمة و متشعبة دون الاجتهاد في جمع الملابسات والحيثيات والقيام بجولة حول المحور او الموضوع المستهدف لاستجماع التفاصيل واستيعاب الصورة بابعادها ومن ثم ابداء الراي ، حينها لا يهم التأييد او التفنيد ما دام الراي جاء عن بصيرة كللها الجهد والاجتهاد ، والملفت ان جحافل من النشطاء ومن الاعلاميين وغيرهم من ساسة واشطار وارباع ، اسرعت بهم الاثارة وحثتهم المشاركة غير انه اقعدهم اكسل البحث والتنقيب ، فبدت آراؤهم اقرب الا الارتجال والخبط العشواء منها الى الواقعية ، قرروا النزول بالراي على سطح الاعلام الافتراضي او التقليدي، للحكم على خاتمة مجهولة الجوهر والمقدمة ، ذاك هو التغميس الاعتباطي في المسائل دون فحصها وملامسة اركانها .





ذلك الارتجال وتلك العشوائية رافقت العديد من الاصوات المحتجة على نتيجة التصويت التي مكنت القوات الحاملة للسلاح من حق الانتخاب ، وكما كان متوقعا توجه جل اللوم واصابع الاتهام والثلب والادانة نحو حركة النهضة ، والاكيد ان لوم النشطاء للنهضة له مبرراته، بما انها تعبيرة الثورة الوحيدة في الحكم ، وبما ان جل ابناء الثورة يتخوفون من الزج بالقوة الخضراء المحايدة والأمينة على الثورة نحو مربع التجاذبات السياسية الحزبية وما يعنيه ذلك من مخاطر قد تتهدد استقلالية الثكنة القوية التي ظلت لسنوات عصية على الاستعمال والتطويع ، وان كان التخوف من تناسل العسكر نحو الصناديق مرده الى الرغبة في الحفاظ على عذرية بنادقه ، فان الخوف على المؤسسة الامنية مرده الى هشاشتها وخروجها للتو من عمليات استعمال مشينة تخللتها جرائم دولة نُفذت بأوامر واشراف المنظومة الزائلة بطبعتيها 55/87 .

لا شك ان الصورة في ظاهرها وبعيدا عن الاكراهات تجبر حركة النهضة على التصويت بالرفض ، ليس ذلك الرفض الجاف عن طريق الازرار المبثوثة في قصر باردو فحسب ، بل العمل على التحشيد لإجهاض المشروع ، وايضا ليس الاجهاض المطلق لان غالبية المجتمع ترى بحق كل المواطنين التونسيين في الانتخاب بمن فيهم حاملي السلاح ، لكن بعد تثبيت المؤسسات وانقشاع المؤامرات واستواء الديمقراطية بشروطها ، هناك تكون دولة القمع قد التحقت بالمتحف واصبحت في ذمة التاريخ وانتهت الى جثة خامدة محنطة جاهزة فقط للدراسة والاعتبار ، وهناك تكون القوى الايديولوجية الداكنة تعرت ثم تحللت .

غير انه وبالتّوسع بعيدا عن لحظة القرار الذي اجاز التصويت ،وبالنبش في صيرورة المشروع وتدرجه وصولا الى الثلاثاء 31 جانفي 2017 ، سنقف عند الكثير من الحقائق والمطبات والفخاخ ، سنكتشف عملية كر وفر وكمائن ، لقد كان المشروع في بدايته خافتا فشل في اجتذاب الكتل والاحزاب ، كان عبارة عن طعم اراد اصحابه القائه في الساحة لجس النبض ، وبالعودة الى الارشيف ومن خلال السجالات تبين ان بعض القوى كانت تترقب موقف النهضة التي تأخرت في الافصاح عنه ، ولما تبين ان الحركة تحاول تجاهل الطرح ولا ترغب في مواجهته ، التحقت قوى جديدة بالركب وتحمست اخرى وتحول المشروع من اشتباك دستوري على شرطي المساواة من جهة وحياد المؤسسة الامنية والعسكرية من جهة اخرى ، الى وثيقة ملغمة الهدف منها توريط النهضة مع الامنيين ودق اسفين بينها وبين العسكريين ، اذا هو اقتراح عابر من بعض القوى التي تبحث على المراكمة وتحسين اسهمها ، تم توجيهه والعمل عليه بخبث ليتحول الى اكبر لغم تواجهه النهضة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي استهدفتها حين كانت تقود الدولة .

لقد اصرت الجبهة الشعبية على الخروج بهذا الملف من تحت قبة البرلمان ليصبح قضية راي عام ، ساندتها في ذلك كتلة الحرة التابعة لقيادي النداء السابق وزعيم المشروع الحالي محسن مرزوق ، وتم تحريف التجاذب حوله بشكل مفزع ، وصل الامر ببعضهم الى تقديمه في شكل ثنائية خطيرة "من مع الجيش والامن ومن ضدهم" ، هكذا وبلا وجل ولا مراعاة لمصلحة البلاد يتم الانحراف بالنقاش من تفصيلة دستورية واحتكاك بين النص الذي يقول بحياد المؤسسة العسكرية والامنية وبين النص الذي يتحدث عن المساواة التامة بين المواطنين ، الى محاولة التحريش بين القوى الحاملة للسلاح و طرف سياسي تجاوز الاحتكاك بين النصوص الدستورية واقر بحق الانتخاب لكنه يرى تأخير ذلك لدقة المرحلة .

لقد نجحوا في حبك العملية بشكل ماكر ، تمكنوا في مرحلة اولى من التسويق لثنائية "من مع الجيش والامن ومن ضد "، ثم دسوا في مجمل القانون الانتخابي فقرة التصويت للقوى الحاملة للسلاح واصروا عليها ، في الاثناء روجوا الى ان قوى التوافق التي تحكم البلاد تماطل في التصويت على قانون الانتخاب ولا ترغب في انجاز الانتخابات البلدية وتريد ترحيلها الى السنة المقبلة او ما بعدها ، ما يعني ان النهضة والنداء عبثا بالدستور وقاما باختراقات تصل الى مستوى الانقلاب الذي يستوجب تحركات ميدانية لعلها تكون اقرب الى التصعيد الثوري ، لقد كانوا يبحثون عن احدى الامرين ، اما تمرير القانون مع تصويت النهضة بلا ، ومن ثم تحقيق الانتصار الاكبر والشروع في استثمار رفض النهضة وتهجينه والترويج له عبر وسائل اعلاميهم والمضي بعيدا بصيدهم الثمين ، او تأخير القانون اكثر من ذلك للمشاورات وحينها يستحيل انجاز الانتخابات خلال السنة الجارية ما يؤثر على بقية المحطات الانتخابية وتلك غنيمة كبيرة قد تكون مدخلا خصبا للفوضى الخلاقة .

في المحصلة لم تكن المعركة خلف الكواليس معركة ترجيح مصالح وتدقيق في فصول دستورية كان يمكن لفقهاء الدستور حسمها في سويعة زمن ، وانما كانت تدور خلف الكواليس معركة اقرب الى تكسير العظم ، لم يكن هدفهم الانتخابات فهم اعلم بما ستؤول اليه النتائج ، لكنهم كانوا بصدد البحث عن فتائل اخرى يشعلونها ، انهم ومنذ شتاء 2011 يزرعون العبوات ..وانها منذ انفجار سبعطاش 2010 تابى هذه الثورة الانشطار ! لقد كانت دماء الشهداء اقوى بكثير من عبوات ألعابهم النارية.


Comments


13 de 13 commentaires pour l'article 137739

Marzouki Hichem  (Tunisia)  |Mercredi 1 Février 2017 à 15:02           
!!!!!!!!!!

Moezz  ()  |Mercredi 1 Février 2017 à 13:49 | Par           
الان وقد وقع اقرار هذا الفصل وقد نسنريح ممن يستعمل هذه الاسطوانة لتسميم العلاقة ببن اانهضة والامن لغاية استدراجها في مواجهة. هل تسال احد عن علاقة الامن بالنهضة؟ انزلوا الى ااواقع فسترون انهم اقرب النهضة ليس حبا فيها ولكن لانها حزب كبير ومهيكل والبقية بنشرون فضائحهم . فهل تتصورون قطاع الامن اامنظم بميل الى مثل هذه الاحزاب؟ انتظروا الانتخابات القادمة

Belfahem  (Tunisia)  |Mercredi 1 Février 2017 à 13:32           
صحيح ان النهضة شاركت في التصويت بنعم بقناعة ربما وبسحب البساط وقطع الطريق عن الذين ينتظرون الرفض-كل ما في ألأمر هي تعلم ما يحاك في الكواليس لخلق البلبلة وتعمل جاهدة لودئها بحكمة رجالها اما القرار في حد ذاته للقوات الحاملة للسلاح فلهم الحق في المشاركة كما لهم الحق في عدم المشاركة وألأقرب للجيش ان يرفض وان لايشارك بتاتا وان لا يدخل في المجال السياسي وألأنتخابي من خلال ألأنتخابات -من وضعوا ومن أقترحوا لهم مآربهم اكثر من دفاعهم عن المؤسستين -ونترك
للتاريخ كشف ذلك --

Bejaoui  (Germany)  |Mercredi 1 Février 2017 à 11:41           
@Abstract1 (Tunisia
لف مبروك لتونس على هذا القرار العادل والحمد لله لأن الداخلية و الجيش هم مواطنون توانسة و الإنتخاب من حقهم الإختيار من يحكمهم في دولة القانون والحريات.
مبروك لتونس و اتمنى من الله سبحانه تعالى أن يعمم هذا القرار في العالم العربي .


Bejaoui  (Germany)  |Mercredi 1 Février 2017 à 11:38           
ألف مبروك لتونس على هذا القرار العادل والحمد لله لأن الداخلية و الجيش هم مواطنون توانسة و الإنتخاب من حقهم الإختيار من يحكمهم في دولة القانون والحريات.
مبروك لتونس و اتمنى من الله سبحانه تعالى أن يعمم هذا القرار في العالم العربي .

Abstract1  (Tunisia)  |Mercredi 1 Février 2017 à 11:09           
النهضة تتحمل مسؤوليتها كاملة في التصويت بالموافقة على هذا القانون، و تتحمل تبعات هذا القانون .
غبي من أصدر هذا القانون، و الأغبى منه هو من صوت عليه وهو يظن أنه سيخدمه انتخابيا (النداء) ، و لكن الأكثر غباوة و عجزا منهما هو من صوت على هذا القانون وهو يعلم أنه يمثل خطرا على وجوده (النهضة).

Nibras  (Switzerland)  |Mercredi 1 Février 2017 à 10:49           
انتخابات حرة ونزيهة وشفافة ... ومسلحة

Tfouhrcd  (Europe)  |Mercredi 1 Février 2017 à 09:05           
الجيش و الامن ما هم الا مواطنين كما غيرهم و بالتالي يحق لهم ما حق لغيرهم و وجب عليهم ما وجب على غيرهم

Omda75  (Tunisia)  |Mercredi 1 Février 2017 à 08:35           
Bla bla bla

Mandhouj  (France)  |Mercredi 1 Février 2017 à 07:40           
لما تكون التعددية عقيدة سياسية يحملها الشعب بأفراده و منظماته الاجتماعية و النقابية و القوى السياسية ؛ و الديمقراطية الآلية الوحيدة التي يكون التداول على السلطة ضمنها (معنى ذلك أن عقيدة الإنقلاب تموت ).. لا خوف من حق الإنتخاب للقوات الحاملة للسلاح .
- إذا يجب إستكمال التعددية على المستوى النقابي .. (أعرف أن هذا الأمر يخيف كثير الاتحاد التونسي للشغل ).. لكن لتكون التعددية عقيدة مشتركة يجب الانتهاء من أحدية التمثيل العمالي في الحوار الإجتماعي .
- إذا يجب توقيع عقد دستوري يحدد و يوضح موقع القوات الحاملة للسلاح في المجتمع . (كتابة هذا البند في الدستور ، بتعليق لا يمكن تحويره )، حتى يكون المجتمع في مأمن من ارادات العساكر و الأمنيين . يجب كتابة أيضا حق الإنتخاب للقوات الحاملة للسلاح بدون حق تحزب ، بدون حق إشهار سياسي أو أي دعاية سياسية أو اديولوجية بأي طريقة كانت . كل حديث عن عملية إنتخاب الأمنيين و العساكر في أي وسيلة إعلام يلغي إنتخاب القوات الحاملة للسلاح بدون نقاش . فقط التلفزة و
الإذاعة الوطنية ، تنقل خبر بأن القوات الحاملة للسلاح قامت بواجبها الانتخابي ...

أفهم تحفظ بعض الأحزاب من إنتخاب القوات الحاملة للسلاح خاصة في هذه الانتخابات البلدية و المحلية عامة ؛ لأن ، و للاسف ) هناك بعض الأمنيين سيستعلمون موقعهم لدفع بعض أو عدد لا يستهان من الناخبين لإنتخاب حزب معين أو مرشحين معنيين .. و هذا خطر ليس مثله خطر ، و لا بد من معالجته في أقرب وقت و بكل حزم ؛ و هنا إن عولج هذا الأمر ستظهر قوة صدق ، خاصة النقابات الأمنية ...

أحب بلدي أن يرتقي لهذه الدرجة من المواطنة بتمتيع القوات الحاملة للسلاح بحق الإنتخاب في كل أنواع الإنتخابات الرئاسية ، التشريعية ، المحلية ؛ لكن لا يجب أن يكون هذا التوجه وبالا على الديمقراطية المدنية و لا باب من أبواب عودة الإستبداد ...

بعد التصويت لمشاركة القوى الحاملة للسلاح :
شكرا عن هذه الخطوة الجريئة .. و تحية لكل من يذهب في مسار أهداف الثورة .. و الخزي و العار للموازي و لقوى الثورة المضادة .

Mandhouj  (France)  |Mercredi 1 Février 2017 à 07:35           
نحن أمام إستكمال حق مواطنة ، و لا داعي أن نزايد .. القوات الحاملة للسلاح ، هي حامية للوطن ، و بس . أما احزاب الثورة المضادة و الموازي ، فمزبلة التاريخ في انتظارهم ..

Libre  (France)  |Mercredi 1 Février 2017 à 06:47           
Un parti des crétins et des lâches sans scrupule comme le rcd ou nidaa essourrak ou la gauche de *****.bref des corrompus comme tous les politiciens ou autres corps d'etat qui n'ont rien a voir avec le peuple honnete

AlHawa  (Mauritius)  |Mercredi 1 Février 2017 à 05:45 | Par           
السؤال الأقوى مذا تحصلت النهضة مقابل ذلك؟؟؟؟ و أنا متؤكد أنها تحصلت على شيئ! و ما ورقة إنتخاب قوات الحاملة السلاح إلا ورقة يعول عليها غرماء النهضة و الثورة المضادة و هو تعويل على شيئ خفي لا يعلم نتائجه أحد! وإنتخاب القوى الحاملة للسلاح لا يعني أنها ستنتخب النهضة أو ضدها بل بالعكس فالتنوع داخل القوات المسلحة يشابه ذلك عند الشعب بأكمله و لا يمكن تحديد هوية معينة! و لكن لضمان ذلك يجب زيادة الميزانية على المراقبة في الإنتخابات و تفعيل سرعة حساب الأصوات و ضمان السرية الكاملة للإنتخابات و ضمان الصمت الإنتخابي حتى داخل القوات الحاملة للسلاح! فهل هذه هي الورقة الرابحة؟؟؟؟ هل من عول على ورقة إعتماد إنتخاب القوات عول على سراب و أعطى ضمانات أهم بكثير لضمان حرية و نزاهة و دقة الإنتخابات؟؟؟ إن كان هذا ما حصل فمبروك للثورة، و إن لا فننتضر حيثيات الصفقة فالمقال لم يبين شيئ و تحدث في العموم للأسف


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female