أحزاب سياسية بخصوص التحوير الوزاري المرتقب: إجماع على حتميته واختلاف في غاياته

باب نات -
(وات/تحرير أيمن الزمالي)- أصبح إجراء تحوير أو تعديل على "حكومة الوحدة الوطنية" التي يقودها يوسف الشاهد، مسألة حتمية بحكم الواقع الذي فرضته الشغورات في حقائب وزارية هامة، ومطلب جامع لأغلب مكونات المشهد السياسي الفاعلة، وإن اختلفت فيه المنطلقات وتعددت الغايات.
وبعد أن اتسم موقفه سابقا بعدم الفصل الواضح في هذا الموضوع فإن الإجابة كانت قطعية من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، حين أكد، في تصريح إعلامي اليوم الثلاثاء، أنه حان الوقت لإجراء تحوير وزاري، دون أن يقدم تفاصيل بشأن طبيعته وحدوده، ربما في انتظار مشاورات سياسية، قد تكون عسيرة وشاقة في ظل تباين المواقف واختلاف الرهانات.
وبعد أن اتسم موقفه سابقا بعدم الفصل الواضح في هذا الموضوع فإن الإجابة كانت قطعية من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، حين أكد، في تصريح إعلامي اليوم الثلاثاء، أنه حان الوقت لإجراء تحوير وزاري، دون أن يقدم تفاصيل بشأن طبيعته وحدوده، ربما في انتظار مشاورات سياسية، قد تكون عسيرة وشاقة في ظل تباين المواقف واختلاف الرهانات.
ومن الواضح أن الاستقالة المفاجئة لوزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي ووزير المالية بالنيابة، فاضل عبد الكافي، يوم 18 أوت الحالي، على خلفية قضية مرفوعة ضده، قد عجلت بالحسم في الاسراع بتحوير حكومي، خاصة وأنها زادت في عدد الشغورات في الحقائب الوزارية، بعد أن سبق أن أقال الشاهد، نهاية أفريل الماضي ناجي جلول من على رأس وزارة التربية ليعوضه بالنيابة سليم خلبوس وزير التعليم العالي، فضلا عن إقالة وزيرة المالية لمياء الزريبي، التي عوضها فاضل عبد الكافي كذلك بالنيابة.
وأمام هذه المستجدات والتطورات وصعوبة الظرف الاقتصادي والاجتماعي الذي تمر به البلاد، اجتمعت أغلب مكونات المشهد السياسي على ضرورة القيام بتحوير في تركيبة الحكومة، غير أنها اختلفت في تحديد طبيعته وشكله.
فوفق تصريحات لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات) تباينت المواقف والآراء داخل الأحزاب المشكلة للحكومة وخارجها، بين من يقترح إجراء تحوير جزئي أو سد شغور بعدد من الوزارات، وبين الذهاب الى حكومة حزبية تعكس نتائج انتخابات 2014، أو من يذهب إلى حد الدعوة إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

وفي هذا الخصوص جدد القيادي بحركة نداء تونس، خالد شوكات، التأكيد على موقف الحركة، الذي نادى بقيام حكومة حزبية تعكس نتائج انتخابات 2014، معتبرا أنه أمام الحديث الدائر عن "حكومة الشاهد الثانية"، فإن أية حكومة لا يمكنها أن تنجح إن لم تعبر عن نتائج صناديق الاقتراع، أي ما لم تكن قائمة على المسؤولية السياسية"، وفق تعبيره.
وأضاف شوكات قوله "إن الذين يتحدّثون عن محاصصة حزبية هدفهم الأساسي تمييع وتجاوز نتائج انتخابات 2014 وضرب المنظومة الحزبية على أمل الاستفادة من ذلك سياسيا.
واعتبر أن نتائج حكومة الحبيب الصيد، التي كانت، في تقديره، أقرب إلى "العرف الديمقراطي"، أفضل من الحكومة الحالية التي أخرجت الأحزاب الفائزة بالانتخابات من دائرة الحكم والقرار، قائلا في هذا السياق "إنني أدعو مرّة أخرى إلى إعادة أمانة الحكومة إلى أهلها الذين حملهم الشعب مسؤوليتها، وأن أي خيار آخر لن يكون سوى التمديد في عمر الأزمة وتضييع للوقت ".

من جانبه أفاد الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري، أن التحوير الوزاري من الصلاحيات الدستورية لرئيس الحكومة، لكنه أكد في المقابل على أن الشاهد مطالب بالعودة لمكونات الائتلاف الحاكم، والتحاور بخصوص اعتزامه إجراء تحوير وزاري، باعتبار أنه يرأس حكومة وحدة وطنية، ومازال الاطار، الذي يعمل وفقه، القاعدة الواسعة للحكم التي انبثقت عن وثيقة قرطاج.
وبين ضرورة الانطلاق فورا في المشاورات، لأن الوزارات الشاغرة هامة جدا، وأعمدة أساسية في عمل الحكومة، مع الحاجة الى بلورة تقييم شامل لعمل الحكومة الحالية لتحسين وضع الحكومة القادمة وتطوير عملها.
وأضاف الخميري أن حركة النهضة مازالت تعتبر نفسها داعمة لحكومة يوسف الشاهد وأن أي تغيير فيها، يجب أن يبقى في سياق ما ورد بوثيقة قرطاج.

أما الناطق الرسمي باسم حركة مشروع تونس، حسونة الناصفي، فقد أكد أن التحوير الوزاري أصبح مسألة ملحة للخروج من الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها البلاد، وفي ظل "انخرام التوازنات" المترتبة عن تكوين حكومة الشاهد، وفق تعبيره.
واقترح الناصفي أن يتم تدعيم حكومة الشاهد بكفاءات مستقلة لتغليب المصلحة العامة وللخروج من وضع الأزمة، خاصة أمام تواصل غياب التوازن السياسي.
واعتبر أن سبب الأزمة الحالية التي تمر بها الحكومة، هم الوزراء المتحزبون، مشيرا إلى وجود ما أسماه بـ"الضغط السلبي" على رئيس الحكومة من قبل عدد من مكونات الائتلاف الحاكم لتحويل التحوير الوزاري المرتقب إلى محاصصة سياسية بينها.
وقال الناطق باسم حركة مشروع تونس إن هذه الأحزاب لن تقترح سوى الموالين لها، دون الأخذ في الاعتبار مبدأ الكفاءة ولا المصلحة العليا لتونس، وهو ما سيزيد بدوره في تعميق الأزمة الحالية ".

وبشأن ذات الموضوع أكد الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي، أن التحوير الوزاري أصبح مسألة تطرح نفسها بصورة ملحة ومتأكدة، ملاحظا في هذا السياق أن الوزراء أصبحوا "يتساقطون الواحد اثر الاخر"، ويجب أن يثبت رئيس الحكومة أنه ربان السفينة ويستغل الوضع الحالي للإعلان عن حكومة ثانية أكثر متانة وقوة، تواصل التزامها بوثيقة قرطاج، على حد تعبيره.
وقال إن التحوير المرتقب يجب أن يعطي دفعا جديدا ويجدد المصداقية لدى عموم التونسيين، لا سد شغورات فقط، مضيفا قوله "هناك ضغوطات عديدة تسلط على رئيس الحكومة من عدد من الأحزاب التي لا تريد سوى خدمة مصالحها الضيقة ".
وأكد الشابي على ضرورة أن يمسك رئيس الحكومة بالقرار ويتشاور مع الأحزاب الموقعة على وثيقة قرطاج وأن يعمل عى المحافظة على التوازنات التي انبثقت عن هذه الوثيقة، وإلا فإنه سيكون أمام حكومة غير قادرة على أن تخطو خطوات الى الأمام، وفق تعبيره.
من ناحيته، أشار القيادي بالجبهة الشعبية، زياد الأخضر، إلى أن التحوير كان يجب أن يحصل منذ مدة، غير أن طبيعة التجاذبات وضعف الحكومة الحالية حال دون ذلك.
ولاحظ أن هذه الحكومة هي "أضعف حكومة منذ 2011"، مبينا أنه تراكمت أمامها المشاكل، وهي دون دعم سياسي حقيقي، وقال "إن الحل الوحيد القادر على تجاوز انخرام التوازن السياسي وغياب أغلبية واضحة للحكومة الحالية هو الدعوة لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها".
يذكر أن حكومة الشاهد المنبثقة عن وثيقة قرطاج، التي وقع عليها عدد من الأحزاب والمنظمات الوطنية، انطلقت في عملها منذ حوالي سنة بعد مصادقة مجلس نواب الشعب عليها في 26 أوت 2016.
وبعد أقل من شهرين على انطلاق عملها، أقال يوسف الشاهد في 4 نوفمبر 2016، وزير الشؤون الدينية، عبد الجليل سالم، وذلك " لعدم احترامه لضوابط العمل الحكومي وتصريحاته التي مست بمبادئ الدبلوماسية التونسية وثوابتها"، وفق ما جاء آنذاك في بلاغ لرئاسة الحكومة.
وإثر ذلك أعلنت رئاسة الحكومة، يوم 25 فيفري 2017، عن إقالة وزير الوظيفة العمومية، عبيد البريكي وتعيين أحمد عظوم وزيرا للشؤون الدينية، وعبد اللطيف حمام، كاتب دولة مكلفا بالتجارة وخليل الغرياني، وزيرا للوظيفة العمومية والحوكمة، إلا أن الغرياني طلب إعفاءه من هذه المهمة، قبل أن يتم إلغاء خطة وزير الوظيفة والحوكمة.
وفي 30 أفريل 2017، أقال رئيس الحكومة وزير التربية، ناجي جلول، ليخلفه بالنيابة وزير التعليم العالي والبحث العلمي، سليم خلبوس.
كما أعلن الشاهد في اليوم ذاته عن إقالة وزيرة المالية، لمياء الزريبي التي خلفها فاضل عبد الكافي على رأس الوزارة، بالنيابة أيضا.
Comments
3 de 3 commentaires pour l'article 146800