صـــراحة المـــرزوقي القاسيــــة والصّادمــــة

بقلم الأستاذ بولبابة سالم
شكّلت تصريحات الرئيس المنصف المرزوقي في قناة الجزيرة ردّا على سؤال حول رفض المتطرّفين العلمانيين في تونس لحركة النهضة رغم اعتدالها – حسب تعبير منشط البرنامج - بأنّ هؤلاء - أي المتطرفين العلمانيين- لو وصلوا للسلطة عبر انقلاب و دون تفويض شعبي فقد يواجهون بثورة ثانية دموية قد تعلّق فيها المشانق
ووقتها سيتأسّفون على راشد الغنوشي والمرزوقي و بن جعفر و غيرهم لأنّ الثوّار الجدد سيعتبرون الرؤساء الثلاثة مغفّلين .
شكّلت تصريحات الرئيس المنصف المرزوقي في قناة الجزيرة ردّا على سؤال حول رفض المتطرّفين العلمانيين في تونس لحركة النهضة رغم اعتدالها – حسب تعبير منشط البرنامج - بأنّ هؤلاء - أي المتطرفين العلمانيين- لو وصلوا للسلطة عبر انقلاب و دون تفويض شعبي فقد يواجهون بثورة ثانية دموية قد تعلّق فيها المشانق

لقي هذا التصريح استهجانا كبيرا من طرف قيادات المعارضة التي اعتبرت ما قاله المرزوقي خطيرا و فيه نوع من التهديد.

ما يعرفه الكثيرون عن الرئيس أنّه مفكّر وحقوقي و له قدرة على التشخيص و التحليل ووجوده في أعلى هرم السلطة جعله مطّلعا على أهمّ ملفّات البلاد الحيوية بما فيها كل ما يتعلّق بالأمن القومي , لذلك يجب أن نأخذ ما يقوله بجدّية كما يتضمّن كلامه رسائل خفية لبعض قوى المعارضة المغامرة التي تدفع البلاد نحو المجهول, نعم يوجد من قوى المعارضة من يرفض نتيجة الإنتخابات ويعتبر ألاّ أمل له في صندوق الإنتخاب لذلك تعمل على تجييش الشارع و محاولة إرباك الأوضاع و هناك من دعا علنا إلى انقلاب عسكري . لكن هذه المعارضة الإيديولوجية المتطرّفة لا تمثّل شيئا أمام مجمل المعارضة الوطنية, و دون النبش في النوايا فإنّ كل أطياف المعارضة تدعم المسار الإنتقالي الحالي رغم بعض التحفّظات التي تبرّرها أحيانا زلاّت الحكومة السابقة .
على المعارضة أن تمارس دورها بواقعية و تبتعد عن الشحن الإيديولوجي الذي يصبّ حتما لصالح حركة النهضة , وعلى النهضة أن تعي أن المرحلة الإنتقالية هي مرحلة توافق وطني لا يخضع لمنطق الأغلبية و الأقلية لأّنه بهذا المنطق ستجيب المعارضة بمقولة : اذهب أنت و ربّك قاتلا إنّا هنا قاعدون , فتحدّيات المرحلة الحالية لا يستطيع أحد مجابهتها بمفرده و قطار التنمية و الإستثمار لا يمكنه الإنطلاق دون توفّر السلم الإجتماعي و الأمن . و أعتقد أنّ وجود النهضة في السلطة مع شركاء سياسيين أفضل من وجودها في المعارضة و علينا أن نعي بأنّ الأمريكان عندما قالوا- في الصحف القريبة من الإدارة الأمريكية و أساسا نيويورك نايمز - بأنّ النهضة يجب أن تكون جزءا من أي سلطة في تونس فهم يدركون خفايا الأمور, و التحدّي الحقيقي هو كيف نجعل الإسلاميين ديمقراطيين وفق المرجعية الفقهية الإسلامية التونسية و أساسه ميثاق علماء تونس الذي أمضاه مفتي تونس السابق المرحوم كمال الدين جعيط ؟ و لا ينبغي أن يتجاهل البعض أنّ وجود النهضة في المعارضة سيكون مزعجا جدّا لأي سلطة بسبب قدراتها التنظيمية و التعبويّة و قد تتحالف مع بقية التيارات الإسلامية.
ما قاله المرزوقي صحيح لأنّ محاربة الإسلاميين المعتدلين سيقوّي الجناح المتطرّف في التيّارات الإسلامية التي قد تتّخذ من العنف وسيلة لمحاربة خصومها لكن الحقيقة الجديدة التي لا ينبغي التغافل عنها أنّ أغلب الطيف السياسي الوطني قد تجاوز مرحلة التشنّج السياسي و بدا الخطاب أكثر مسؤولية و قبولا بالتعايش السلمي , أمّا الخلافات التي تبرز أحيانا فهي تدخل في إطار التنافس السياسي الطبيعي فكل الأحزاب بلا استثناء تمارس المناورة السياسية باعتبار المناورة جزء من السياسة لكن السياسة ليست كلها مناورة أيضا؟
كاتب و محلل سياسي
Comments
38 de 38 commentaires pour l'article 62460