معنى "لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ" في واقع اليوم

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/62fd5c82e0aa80.02563801_foqihpkljemgn.jpg width=100 align=left border=0>


محمد الحمّار



منذ سنوات الدنيا قائمة ولم تقعد حول مسألة الميراث. بعضهم يتعللون بالمقولة الشهيرة "لا اجتهاد مع النص" ليؤكدوا تمسكهم بحَرفية الآية*. والبعض الآخر يزعمون أنه طبقا لتغيرات العصر والحياة وطبقا لمقولة "القرآن صالح لكل زمان ومكان" و طبقا لما تنص عليه حقوق الإنسان من تساوٍ في الحقوق والواجبات بين الذكر و الأنثى ، فمن المفروض إنجاز التساوي في الميراث بين الجنسين أيضا.



على عكس ذلك، أرى أننا لسنا مجبرين لا على التموقع ضمن الصنف الأول، لا ضمن الصنف الثاني. بل إني أرى أنّ التموقع في ضوء الآية الكريمة بالذات غالط من أساسه.

أولا، إنّ الآية الكريمة لا لُبس فيها و من المؤكد أن الله أرادها أن تكون صالحة لكل زمان ومكان.
ثانيا، يتمثل الإشكال في ضرورة أن يكون ثمة جسرا بين تعاليم الآية من جهة وبين ثقافة المسلمين وتربيتهم من الجهة الأخرى، بَيد أنّ مثل هذا الجسر غير موجود، ما جعلَ المسلمين يختارون الحل السهل، الذي لا يتطلب تفكيرا ولا جهدا ولا تضحية: إما التمسك المتصلب والمتعنت والمتشدد بالآية حرفيا واعتباطيا، وإما التمسك المتصلب والمتعنت والمتشدد بالخروج عن صريح العبارة التي تتضمنها الآية الربانية وذلك بدواعٍ مختلفة أخطرُها الادعاء بوجود مدارس اجتهادية تدعم العمل بالمساواة في الإرث .

هكذا يكون الصنفان من التشبث طرفا خلاف ونزاع ومعاداة أكثر من أن يكونا طرفين في النقاش والبحث و المعرفة. يلتقي الصنفان فقط في الارتجال و في الضبابية وفي الفوضى والعدائية.
.
ثالثا، يمكن رمي الجسر بين الآية الكريمة و شخصية المسلم كما يلي:
باعتبار أنّه ليس في الآية لُبسا، إما أن يؤمن المرء بها أو لا يؤمن. وقد يؤمن الواحد بها و لكنه لا يرغب في رؤيتها مطبقة . في حال آمن المرء بالآية، فهو ليس مطالَبا بمجهود يُذكر (بما أن تطبيق تعاليم الآية أمرٌ واقع في البلدان المسلمة). و في حال لم يؤمن المرء بالآية أو لا يريدها مطبقة، ما عليه إلا أن يتحمل مسؤوليته فكريا وحقوقيا وأخلاقيا وسياسيا، ما يعني أنه مطالب بأن يدافع عن حقوق المرأة المهضومة من تساوٍ في أجر العمل وفي عدد ساعات العمل وفي فرص الدراسة والشغل إلى آخره مما هو منصوص عليه في المنظومة الحقوقية الكونية.

طبعا ثمة عديد الأصوات المنادين بالتساوي الحقوقي ممن ساروا في هذا الخط. في المقابل ثمة أيضا الكثيرون ممن يطالبون بالتساوي في الميراث لكنهم يفعلون ذلك بِلا قراءة حقوقية للواقع. زِد على
هذا أنّ أولئك المنادين بالتساوي الحقوقي لهم عَيب كبير أَلا وهو أنهم اختاروا المبررات التي تناسب شهواتهم دون سواها، أو في أفضل الحالات تراهم يختارون أنصاف المبررات: المرأة تعمل خارج البيت، المرأة شريكة الرجل، الزوجة تدفع من مالها للعناية بالبيت والأسرة، المرأة تعاني من مشقة الإنفاق على النقل والأكل واللباس بما أنها تعمل، إلى آخره، لكنهم لا يعيرون اهتماما لِمبرراتٍ عديدة أخرى منبثقة عن منظومة حقوق الانسان أيضا و مبررة لِإمكانية تطبيق فحوى الآية الكريمة ، أو على الأقل مبررة لِعدم المطالبة بالتساوي في الإرث: الرجل العامل ذو الزوجة أُمّ البيت أو المعَطلة عن العمل، الزوجة العاملة ذات الزوج المعطل عن العمل أو المعاق والحريص على الاضطلاع بمهام القوامة، وما إلى ذلك.

نفهم من تلك الوضعيات أنّ أنصار المساواة في الإرث، معظمهم يتصورون أنّ المساواة واجبة حصريا في مجال الإرث دون سواه، بالتالي هُم ممن لا يشغلهم موضوع العدل المجتمعي العام، بينما الواقع يبَيّن أنّ العدل (بتوفير الصحة والمدرسة والشغل والسكن وضمان الحقوق الشخصية والمدنية والإنسانية وسائر الحقوق) أبجلُ من المساواة لِجِهة أنّ العدل شرطُ المساواة، و ما آية الميراث إلا تجسيما ربانيا للعدل بصفته خلفية ضرورية لاستتباب المساواة (في النشاطات والمجالات التي تحقّ فيها المساواة وهي عديدة ومختلفة لكن ليس مجال الإرث من بينها).

بكلام آخر، طالما ليس هنالك عدلا، كيف يمكن تجريد الآية الكريمة من سياقات الواقع والاكتفاء بالمطالبة بعدم مواصلة تطبيق الميراث تبعا للآية؟! شخصيا أُفَضل العيش في مجتمع تدافعُ مكوناته على إنصاف المرأة في مجالات حساسة مثل الشغل والتنقل ورعاية الطفولة وغيرها على العيش في مجتمع يُعطي المرأة (باليد اليمنى!) نصف الميراث وفي ذات الوقت يأخذ منها (باليد اليسرى) حقها في التداوي والتمدرس والارتقاء المهني والملكية والسفر...


*سورة النساء : 11


Comments


5 de 5 commentaires pour l'article 251525

BenMoussa  (Tunisia)  |Jeudi 18 Août 2022 à 12:54           
عاد محمد الحمّار للكتابة على صفحات باب نات بعد غياب لاكثر من تسعة سنوات
ولمن لا يعرف محمد الحمار يقول عنه عادل السمعلي في مقاله على باب نات بتاريخ 26-10-2013 انه أستاذ غني عن التعريف في المشهد الاعلامي والفكري التونسي فهو صاحب مقاربة الاجتهاد الثالث وما يسميه بالعلمانية المتدينة ويضيف الاستاذ حمار سقط في عديد التناقضات الفكرية والمنهجية وتسرع بإلقاء التهم جزافا بدون حجج ولا برهنة وهذا مما لا يليق بالمفكر والكاتب الذي نكن له كل التقدير والاحترام (https://www.babnet.net/festivaldetail-73514.asp)
ولقد علق احد القراء على مقال عادل السمعلي بما يلي "عادل السمعلي كاتب متألق ممتاز ولكنه أخطأ هذه المرة حين أعار إهتماما لشبه كاتب يدعي في العلم فلسفة ويحمل النظرية الثالثة "
ويعود الينا محمد الحمار بنفس اسلوبه التافه وافكاره الساذجة متوهما العلم والنبوع ومن ذلك على سبيل المثال قوله "التموقع في ضوء الآية الكريمة بالذات غالط من أساسه" فالناس تستنير بالايات وهويرى التموقع في نورها غلط. كما يتحدث عن "يمكن رمي الجسر بين الآية الكريمة وشخصية المسلم"

Mongi  (Tunisia)  |Jeudi 18 Août 2022 à 09:51           
@AlHawa
فهمتشي حاجة ؟ أنا ما فهمت شيء

Zeitounien  (Tunisia)  |Jeudi 18 Août 2022 à 06:00           
إذن يجب أن يعبر صاحب المقال عن أفكاره بطريقة أبلغ.

AlHawa  (Tunisia)  |Jeudi 18 Août 2022 à 00:47           
@ Zeitounien: شخصيا فهمت توجه الكاتب مثلما فهمت أنت، لكن بالتسلسل في التفكير فهو ينتصر نوعا ما للآية بمفهوم العدل، ثم يتوجه لمطالبي المساوات للتمطالبة الأفضل باعطاء الحقوق الاخرى للمرأة، و هذا أحسن من المطالبة بالمساواة في الإرث! مشكل المقال أنه يفتقد للمقدمة و دخل مباشرة في التفصيل و التسلسل في الأفكار بين الفقرات، و لم ينتهي بالخلاصة ، و هي مقالة أو نص ناقص التركيب مما يسيء القارئ فهم النص

Zeitounien  (Tunisia)  |Mercredi 17 Août 2022 à 22:53           
كاتب المقال أمي وتام الجهل في العلوم الشرعية.

إن استنباط الأحكام من النصوص الشرعية له قواعد وضوابط لا يعلم صاحب المقال منها شيئا. إذن فهو متطفل في هذا الميدان. ولقد منع الله تعالى الجاهلين مثل صاحب المقال من استنباط الأحكام من النصوص كما جاء في سورة النساء (لعلمه الذين يستنبطونه منهم).

وإذ يستحيل على صاحب المقال أن يقيم الحجة على تطبيق قواعد وضوابط الاجتهاد والاستنباط فيكون إذن كلامه باطلا.


babnet
*.*.*
All Radio in One