هل كل معارض للاسلام السياسي, هو بالضرورة معادي للدين !

مرتجى محجوب
ذلك على كل حال ,ما تحاول تسويقه عن حسن نية او سوئها ,جل حركات الاسلام السياسي ,و كانها الممثل الشرعي و الحصري للدين, رغم انكار بعضها لذلك, ليس فقط لمناصريها او قواعدها ,بل كذلك لعموم المواطنات و المواطنين ,ترغيبا لهم في الانخراط او التعاطف معها او ترهيبا لهم من مغبة معاداتها و معارضتها و ما ينجر عنه من خروج عن الملة و الدين و خسارة الدنيا و الاخرة.
ذلك على كل حال ,ما تحاول تسويقه عن حسن نية او سوئها ,جل حركات الاسلام السياسي ,و كانها الممثل الشرعي و الحصري للدين, رغم انكار بعضها لذلك, ليس فقط لمناصريها او قواعدها ,بل كذلك لعموم المواطنات و المواطنين ,ترغيبا لهم في الانخراط او التعاطف معها او ترهيبا لهم من مغبة معاداتها و معارضتها و ما ينجر عنه من خروج عن الملة و الدين و خسارة الدنيا و الاخرة.
في محاولة مني للاجابة عن سؤال العنوان, فاني اعتبر ان الاسلام السياسي, هو تشويه مزدوج للسياسة و الدين ,و هو اداة و معول لبث الفتنة و الانقسام اينما حل :
هو تشويه للاسلام ,لانه يقحم المقدس في مستنقع الصراعات و التجاذبات السياسية ,التي لا يحتكم جلها لاخلاق او مثالية ,بالاضافة للاضفاء الباطل معرفيا و علميا, لصفة "اسلامي", على ما هو اجتهادات بشرية , لغايات سياسوية و تجارية بحتة: الاقتصاد الاسلامي ,المالية الاسلامية ,البنوك الاسلامية ....و التي و ان كانت غير ربوية ,فالمفروض ان نطلق عليها فقط, صفة "شرعية" او "غير ربوية " , بما ان مفهوم البنك على سبيل المثال, لم يستنبط من الاسلام ,بل هو من الاختراعات البشرية ,على عكس فريضة الزكاة مثلا, التي نص عليها القران بكل وضوح و يجوز بالتالي ان نصفها بالاسلامية و التي بالمناسبة طالبت و اطالب الدولة التونسية بتفعيلها في اقرب وقت ممكن .
اما تشويه السياسة, فمتعلق بتزوير و تحريف قواعد المنافسة السياسية النزيهة و القائمة على مبدء تكافؤ الفرص و على البرامج و المقترحات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ...في ظل التزام من الدولة ,كما نص عليه , مثلا, دستور الجمهورية التونسية منذ الاستقلال في فصله الاول, بالثوابت الاسلامية ,التي تشكل قاسما مشتركا بين جميع افراد الشعب, لا يحق لاحد ان يوظفه لغير اهدافه الدينية .
اشكل شخصيا , مثالا بسيطا و متواضعا ,لمن يحب الاسلام حبا جما, دون مزايدة على احد او رياء او حاجة لاثباته سوى لخالقي و لكن لضرورات التدليل لا غير (كنت عبرت عنه عمليا بمطالبتي دسترة مجلس اسلامي اعلى في الحوار الوطني مع المجتمع المدني حول الدستور الذي نظمه المجلس الوطني التاسيسي ,كان قادرا ان يلعب دورا ايجابيا و يمثل مرجعية علمية رسمية ضد كل من يحاول المساس بثوابت الدين و احكامه القطعية ,بعيدا عن شتى التوظيفات السياسية , لو تبنته او دافعت عنه كما ينبغي حركة النهضة الاسلامية ,و لكن خوفها على ما يبدو من خسارة و رقتها الدينية في اللعبة السياسية ,هو ما حدد موقفها السلبي من المقترح في ذلك الوقت .
كما عبرت عنه في كتاباتي المتواضعة المنشورة على مختلف المحامل الاعلامية ),
رغم معارضتي للاسلام السياسي و الذي لم يعد له من حجة لمواصلة خلط الدين بالسياسة ,و خصوصا بعد المصادقة على دستور الجمهورية التونسية الجديد, و ما تضمنه من تنصيص و حماية للدين و الهوية .
قلت هذا لانه ,علميا و منطقيا, يكفي تدليل و لو كان فرديا ,لدحض مقولة : "ان كل معارض للاسلام السياسي هو بالضرورة معادي للدين" و لكني ساطعن في شخصي, في مقابل تاكيدي, على وجود الكثير ممن يشاطروني رائي ,و خصوصا بعد ملاحظة و تقييم تجارب الاسلاميين في الحكم على مدى السنوات الفارطة, اذ ادرك التونسي ,ان لا علاقة وجوبية او ضرورية بين الاسلام السياسي و بين الاسلام ,في مقابل عدم ادراك بعض الاسلاميين او تناسيهم للاسف , بان الاسلام لا يجيز بلوغ غاية و لو كانت نبيلة او عظيمة ,في فهمهم و حسب رؤيتهم ,عبر اي وسيلة كانت , فما بالك بالغايات السياسوية او الدنيوية الزائلة .
كما انهم لم يدركوا على ما يبدو ,بعد ,ما سببوه من نفور من الدين, لدى فئة لا تميز بين الاسلام السياسي و بين الاسلام, عبر جيوش سبابيهم و شتاميهم و حتى تكفييرييهم,و ما يقدمونه من صورة سيئة عن السياسة و الدين .
و اني ادعو, قياداتهم, اصحاب القرار و النفوذ , الذين لا محالة, قد ادركوا ضرورة ابعاد الدين عن التجاذبات السياسية و لكنهم اثروا الصمت و السكوت خوفا , ربما من خسارة قواعد ,لا زالت غير واعية او مصالح دنيوية زائلة او لومة لائم ,ان يتداركوا انفسهم و يعلنوا المطلوب, خدمة للوطن والسياسة و الدين و تجنبا للفتنة و التباغض و التقسيم .
و اطمئن في الاخير سائر التونسيات و التونسيين, من الذين لا زالوا مترددين او حائرين, ان : "معارضتكم للاسلام السياسي لا تعني البتة معاداتكم للدين" .
قال تعالى:
(وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ) (البقرة:41) .
(فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً ) (المائدة:44).
(وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً إِنَّمَا عِندَ اللّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (النحل :95).
(إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (ال عمران :77) .
صدق الله العظيم .
Comments
12 de 12 commentaires pour l'article 164467