أريانة: تفاديا لمصير حنايا سكرة، ما تبقى من قواعد حنايا هادريان الرومانية تتستر بالتراب من أجل البقاء

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/650713fe025a28.45898800_pljqfmekhgino.jpg width=100 align=left border=0>


"صمعة البلارج" بنهج سيدي الجبالي هي آخر ما تبقى من الحنايا الرومانية التي كانت تشق مدينة أريانة في اتجاه سكرة عبر برج البكوش قرب المحطة النهائية لخط المترو 2.


بقي هذا الجزء الصغير من الحنايا وحيدا شامخا أمام الزحف العمراني والتدمير الذي تعرضت له عبر التاريخ. وغير بعيد عنه وتحديدا بجبل أريانة وتسميته الصحيحة هي الجبل الأحمر وراء مقام سيدي الجبالي والمقبرة التي تحمل اسمه، تطل بخجل شديد بقايا قواعد الحنايا وكأنها تخشى أن يطالها التدمير كما لحق حنايا سكرة .
...




اثباتات تاريخية موثقة
تظل الوثائق التاريخية عن الجزء المطمور من حنايا أريانة شحيحة جدا وهي أيضا غير معروفة لدى المهتمين بالآثار عدى قلة من أبناء المنطقة المهتمين بالتراث المحلي، غير أن الكاتب رياض فضلون ذكر في كتابه "أريانة تسترجع تاريخها" (صدر سنة 2021 على نفقة الكاتب) أن كل المصادر أثبتت أنّ مدينة أريانة كانت معبرا لحنايا الامبراطور هادريان التي بدأ بناؤها بين سنتي 120 و130 بعد الميلاد في طريقها نحو مدينة قرطاج التاريخية، وأنها ظلت قائمة بثبات متحديّة الزّمن والمناخ المتقلب، حتى برزت معالم القرية /اريانة/ في فترة حكم الدولة الصنهاجية.
وشهدت تلك الفترة توافدا متزايدا للأسر خاصة عند اقامة جنان أبي فهر زمن حكم المستنصر بالله الحفصي، إذ كانت الحاجة لليد العاملة الفلاحيّة مُلحة، ولم يجد الوافدون خيارا غير استغلال حجر الحنايا أو ما تبقى منها لإقامة بيوتهم على امتداد الخط المخصص لمرورها.
ويضيف الكتاب أنه من الثابت تاريخيا أيضا استقرار جزء كبير من الحنايا داخل المدينة وعلى أطرافها إلى حدود القرن الثامن عشر. وقد عاين العديد من الباحثين ذلك وسجلوه في مذكراتهم.
يقول قنصل فرنسا بتونس سان جارفي (Saint-Gervais ) في كتابة المطبوع سنة 1736 والذي يحتوي على مذكراته: «مازلنا نشاهد في أريانة أقواسا محفوظة بعلو 70 قدما (21 م) ، أما الأعمدة فمحيطها 16 قدما (4.88 م.) فوق الأقواس نجد القناة الحاملة للماء من منابع زغوان و"جوقار" وهي مغطاة بقبة.
فسر مؤسس علم الجغرافيا الحديثة الإدريسي (1100/1166 م) عند مروره بالمنطقة سبب تدمير الحنايا من المعلقة إلى أريانة في اتجاه تونس وسلامتها في الأماكن البعيدة عن مراكز العمران ّ ان الحنايا وفرت المادة الأولية للبناء لكونها في متناول الراغبين وهي سهلة النقل قليلة التكلفة.
كما يقول الكاتب Adolphe Dureau de la Malle في كتابه "طوبوغرافيا قرطاج" (De la Topographie de Carthage (1835): حسب ما ورد في كتاب أريانة تسترجع تاريخها "لقد شاءت الصدف أن تطمر الأتربة أجزاء من الحنايا المقامة على مقربة من مقام سيدي الجبالي، وتحافظ عليها مدة من الزمن لتظهر للعيان ثانية بفضل مياه الأمطار وانجراف التربة".

اعتداءات بلا رقيب
رغم أن "الحنايا الرومانية" محميّة باعتبارها معالم تاريخية وطنية مصنفة ضمن القائمة التمهيدية للتراث العالمي لمنظمة اليونسكو، فقد طال ما تبقى منها وما يعد امتدادا لها بجهة سكرة التخريب وتم هدم قواعدها ونقل أحجارها وظلت عرضة للحفر العشوائي بسبب التوسع العمراني غير المدروس دون أن تتحرك السلط المعنية لوقف هذه الاعتداءات رغم النداءات المتكررة من قبل نشطاء المجتمع المدني وأبناء المنطقة.
وقد عاينت وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي الأحد 5 جوان 2022 المعلم الأثري الروماني "الحنايا" على مستوى منطقة سكرة بتونس إثر الاعتداءات التي طالت هذا المعلم التاريخي.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 273391


babnet
All Radio in One    
*.*.*