فخار نساء سجنان .. إرث الأجداد يأبى الإندثار ويصارع من اجل البقاء

وات -
(تحرير أميمة العرفاوي) - مدينة سجنان، منطقة جبلية هادئة في أقصى شمال البلاد، تجلب الزائر بجمال طبيعتها وهدوء مناخها وكثافة غاباتها وإنفرادها بصناعة الفخار البربري المميز من جملة 14 معتمدية بولاية بنزرت
وانت في طريقك الى هذه البلدة التى تزخر بمقومات الاصالة والعذرية والنقاء، تستقبلك على امتداد الطريق، أشجار الكالبتوس التى تقودك لإكتشاف طيات عالم خيالي، فعلى بعد بعض الكيلومترات من مدينة سجنان، تقع منطقة سبيجة التي تتميز، كغيرها من العمادات الأخرى، بإمتهان نسوتها لصناعة الفخار المنفرد بنوعية طينه المميز لاسيما وأنه موروث حضاري ومورد رزق الكثيرين
وانت في طريقك الى هذه البلدة التى تزخر بمقومات الاصالة والعذرية والنقاء، تستقبلك على امتداد الطريق، أشجار الكالبتوس التى تقودك لإكتشاف طيات عالم خيالي، فعلى بعد بعض الكيلومترات من مدينة سجنان، تقع منطقة سبيجة التي تتميز، كغيرها من العمادات الأخرى، بإمتهان نسوتها لصناعة الفخار المنفرد بنوعية طينه المميز لاسيما وأنه موروث حضاري ومورد رزق الكثيرين
في أحد أركان منزلها البسيط (حوش الدار)، تستقبلك حبيبة السعيداني، الحرفية الخمسينية المختصة في صناعة الفخار بإبتسامتها الجميلة ووجهها البريء، تفانت في إعداد "الفخار" الى ان اضحت من الخبيرات في مجالها، تلامس بأناملها المتشققة الطين بكل حذر وتطوعه ليتحول الى أواني فخارية بشتى الأحجام، ومع كل شق وخدش قصة ورواية تتعلق بكل آنية
تتفنن حبيبة في حرفتها سعيا منها الى المحافظة عليها حتى لا تندثر "فقلة قليلة ما زالوا يمتهنونها" وفق تعبيرها ل(وات) فهي تمارس صناعة الفخار منذ السادسة من عمرها، تستفيق في الصباح الباكر لجمع الطين من الجبل وتقوم برحيه وغربلته وتجفيفه لتمزجه في ما بعد مع "الطافون" (بقايا الأواني الفخارية بعد رحيها) وتتركه يجف لساعات
تواصل حديثها وهي تطرق الطين بكل حذر راسمة في ذهنها شكل الأنية التى تعتزم التفنن في صنعها (صحن،كأس،مزهرية وغيرها)، فهي تنجز القطع التى تتطلب ساعات من العمل من ابتكارها وحسها الفني دون إتباع رسوم محددة فتتفنن في ذلك، ابداع تمارسه على مدى أكثر من 30 سنة، خبرة إكتسبتها عن والدتها وعلمتها بدورها لصغارها لتصبح بذلك إرثا متجددا
قالت متحدثة عن بقية مراحل صناعة الفخار، إنه بعد تطويع الطين إلى أشكال متنوعة يتم تمليسه بحجر الواد وتجفيفه ثم تمليسه بصدفة ليبرز بريقه، ويتم بعد ذلك كيه في الفرن وتزويقه إما بأنواع أخرى من الطين الرمادي والبني أو عبر وضعه في التبن ليصبح اسود اللون
اعتبرت حبيبة أن أصعب مرحلة هي وضع الانية في الفرن المشتعل ببقايا فضلات الأبقار خاصة مع إرتفاع درجات الحرارة، لذلك تجد جميع أفراد العائلة يشتركون في عملية الإعداد، وقالت ان صناعة الفخار مورد رزق عائلتها المتكونة من 5 أفراد، وانها ساهمت في تكوين مختلف الشرائح العمرية، إلا أنهم لم يمتهنوا هذه الصناعة المضنية خاصة مع صعوبة الترويج وغياب الدعم، إلى جانب طول فترة إنجاز الأنية التي تتراوح من يومين إلى أسبوع
أكدت أن فخار سجنان يعد من أفضل أنواع الفخار وهو يعرف ب"فخار نسوة سجنان" لإتقانهن في إعداده يدويا بإستعمال نوع من الطين المتميز من أعلى سفح الجبل، واعتبرت أن صناعة الفخار تكسب صاحبها "الصبر والثقة في النفس"، داعية الأجيال القادمة الى المحافظة على هذا الإرث
من جهتها، قالت الحرفية جناة السعيداني، التي إمتهنت في صناعة الفخار منذ اكثر من 20 سنة، أن أبرز الصعوبات تكمن في ترويج المنتوج في ظل غلاء أجنحة المعارض وكراء المحلات، وصرحت إبنتها البالغة من العمر 18 سنة أنها تفتخر بمهنة أمها غير أن إتباعها أمر مستبعد بالنسبة لها
واعربت نساء منتصبات على حافة الطريق عن تذمرهن من ركود السلع والبضاعة منذ سنتين تقرييا، أي منذ بداية جائحة "كورونا" دون إيجاد حلول واضحة من قبل السلط المعنية لفائدة قطاعهم المتضرر
ومن جهته أفاد كاهية مدير بالمندوبية الجهوية للصناعات التقليدية عماد شقرون (وات) بأنه تم سنة 2018 إدراج فخار سجنان ضمن التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، موضحا أن المنطقة تعرف بفخارها التقليدي وتحتوي على حوالي 440 حرفية مسجلة بمندوبية الصناعات التقليدية
وعن إشكاليات ترويج المنتوج، قال شقرون أن الديوان الوطني للصناعات التقليدية يتدخل لفائدة الحرفيات عبر دعم مشاركتهن في التظاهرت الوطنية وبالخارج (تكفل بالإقامة) على أن يتم خلال السنة الجارية تمتيعهم بدفع نصف سعر الجناح بالمعارض نظرا للاضرار المادية التى تسببت فيها جائحة "كورونا" .
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 227819