إرساء الحكم المحلي في تونس ... الخيار ''المدستر'' ومخاوف التراجع

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/pouvoirlocal.jpg width=100 align=left border=0>


باب نات - (وات/ تحرير ليلى بن ابراهيم)- شرع مجلس نواب الشعب في بحر هذا الأسبوع في النظر في مشروع مجلة الجماعات المحلية، عبر الاستماع إلى جهة المبادرة ممثلة في وزير الشؤون المحلية والبيئة ومناقشة الإطار العام لمسار اللامركزية وإرساء الحوكمة الرشيدة.
وتعد مجلة الجماعات المحلية وفق المهتمين بالشأن العام ركيزة أساسية لإجراء الانتخابات المحلية بصفة عامة والانتخابات البلدية بصفة خاصة، إضافة إلى كونها ستمكن البلاد وللمرة الأولى في تاريخها من الانفتاح على نظام اللامركزية .. اللامركزية التي يضعها نص الدستور التونسي، كهاجس أساسي اليوم، بما بات يفرض مراجعة المنظومة القانونية لاسيما في جزئها المتعلق بالجماعات المحلية على المستويين الإداري والمالي.


ولئن كانت اللامركزية والديمقراطية المحلية تعني أساسا أن يعهد للجماعات المحلية تصريف شؤونها باستقلالية في إطار دولة موحدة، وهو ما تكرس بموجب الدستور، فإن مخاوف برزت في الآونة الأخيرة في التعاطي مع تنزيل النص الدستوري، في ما يتصل بالحكم المحلي، ومدى تأثير ذلك على "وحدة البلاد وإحياء النعرات الجهوية".




تنزيل الباب السابع للدستور : مخاوف وحذر
ذلك أن التطرق إلى موضوع تكريس اللامركزية وإرساء الحكم المحلي مازال يثير جدلا في الأوساط العامة وبين مكونات المشهد السياسي في البلاد، إذ برزت مواقف ترغب بل وتحرص على توفير الإمكانيات الضرورية وتسخيرها لتجسيد هذا التمشي، ومواقف أخرى تدعو إلى التريّث لعدم الجاهزية لإرساء هذا النوع من الحكم.
واللافت في هذا الشأن أن عددا من نواب وقياديي حركة النهضة، التي كانت إحدى أبرز القوى السياسية التي ساهمت في صياغة الدستور الجديد واعتبر أحد قيادييها (عماد الحمامي) مهندس الباب السابع منه، قدروا أن الشعب التونسي "غير مؤهل اليوم للحكم المحلي" وأنه "يمكن أن يكون للامركزية في الوقت الراهن انعكاسات على وحدة البلاد وعلى إحياء النعرات الجهوية"، وأبرزوا تخوفهم من المسألة.
وفي توضيح لهذه المواقف قال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري لـ(وات)، إن ما ورد من مواقف وتحفظات لدى نواب الحركة خلال انطلاق مناقشة مشروع القانون كان في سياق الخيارات التي عبّر عنها النص التشريعي عندما طرح فكرة الانتقال من الحكم المركزي إلى الحكم المحلي عبر التدرج وليس في سياق الرفض.
وبين أن موقف الحركة في هذا الإطار هو الذهاب إلى توزيع السلطة بين المركز والجهات في أسرع وقت لتفعيل الباب السابع من الدستور مؤكدا على أهمية إرساء السلطة المحلية وتوفير الإمكانيات وإعطاء صلاحيات حقيقية للجهات لتكون لها اختياراتها التنموية وفي توزيع الموارد في الجهات.
وأشار إلى أن الحركة كطرف مساهم في كتابة دستور سنة 2014 هي من أحرص الأطراف على تفعيل الحكم المحلي وأكثرها اهتماما بإنجاح محطة الانتخابات البلدية عبر التسريع في المصادقة على قانون الجماعات المحلية.
هذا الموقف الذي عبر عنه نواب حركة النهضة دعمه وزير الشؤون المحلية والبيئة رياض المؤخر بقوله إن " اللامركزية مسار طويل ومعقد ويواجه العديد من الصعوبات من أبرزها أنه ليس من السهل التفريط في السلطة من المركزي إلى المحلي".


مواقف ترفض التراجع عن الخيار والحياد عن المسار :
في هذا الجانب اعتبر النائب عن التيار الديمقراطي غازي الشواشي، في تصريح لـ(وات)، أن الباب السابع من الدستور يعد من أهم انجازات دستور جانفي 2014 وميزة الجمهورية الثانية، مؤكدا أن تكريس السلطة المحلية سيحقق نقلة نوعية في تونس الديمقراطية وسيعطي دفعا للتنمية الجهوية وتحقيق التشغيل والاستثمار.
وانتقد الشواشي الأصوات التي تعتبر تونس غير جاهزة في الوقت الراهن لهذا النوع من الحكم، قائلا إنها ليست على دراية بقيمة السلطة المحلية وما بإمكانها جلبه من استثمار وتحسين للأوضاع.
ودعا نواب النهضة إلى العدول عن فكرتهم وإرساء الباب السابع من الدستور بعيدا عن التخوفات خاصة وأن المسألة تتطلب الجرأة والشجاعة .
كما قال إن تونس مطالبة بتحضير مسار مدروس ومحكم من حيث نقلة الصلاحيات والمهام من المركز إلى الجهة وعليها أن تكون جاهزة لذلك، وأوضح أن عدم الجاهزية في الوقت الراهن تكمن على المستوى الإداري، مشيرا في الآن نفسه إلى أنه لا يمكن إرساء اللامركزية في سنوات قليلة، بل اعتبر أن المسألة تتطلب 15 سنة على الأقل، أي أنها تتطلب التدرج كما يشير إلى ذلك قانون الجماعات نفسه.
واعتبر غازي الشواشي أن الحكم المحلي هو "الحل السحري" للخروج من الخلل في التوازن بين الجهات وأن التخوفات المعلن عنها كانت موجودة دائما ولم تمنع من التطوير والتعبير، مبينا أن نجاح الثورة يتطلب النجاح في تحقيق هذه النقلة وتمكين الناس من تقرير مصيرها.
التخوفات من التحركات ومن النعرات الجهوية بسبب إرساء الحكم المحلي اعتبرها النائب منجي الحرباوي (نداء تونس)، بدوره، غير مبررة، مشيرا إلى أن إرساء الحكم المحلي جزء من المسار الذي لن يتم التخلي عنه وأن الشعب التونسي من أكثر الشعوب جاهزية لهذا النوع من الحكم لتجاوز النعرات التي كانت من مخلفات ما بعد سنة 2011 والأشخاص الذين كرسوا الجهويات، وفق تعبيره.
وأكد الحرباوي أن حزبه ملتزم بما ورد في الدستور الذي وافق الشعب التونسي على التوجه الوارد به، قائلا إن هذا الحكم لا يبعث على التخوفات باعتباره تكملة للحكم الديمقراطي الذي هو بصدد التجسيد على أرض الواقع من خلال الإنتخابات التشريعية والرئاسية وتنقيح القانون الانتخابي وتركيز الهيئات.
أما النائب عن الجبهة الشعبية زياد الأخضر فقد أشار إلى أنه لا يمكن لأي كان أن يحدد مدى جاهزية أي طرف بشكل دقيق لإرساء الحكم المحلي، موضحا أن البدايات دائما تكزن صعبة وتكتسيها المخاطر والإخفاقات لكن الرفض والتعلل بعدم الجاهزية لإرساء هذا النوع من الحكم يتنزل ضمن باب التعجيز والمماطلة.
وقال إن إرساء الباب السابع من الدستور وتركيز الحكم المحلي مرتبط بالرؤية وبمدى القدرة على التقدم إلى الأمام وليس بحجم الأحزاب، مبينا في الآن نفسه أن تنزيل الباب السابع يتطلب كذلك الجرأة والمصادقة على جملة من التشريعات على غرار مجلة الجماعات المحلية لتمكين الجهات من التصرف وإدارة شأنها.

تساؤلات وتوجس من تراجع حكومي بخصوص إرساء الحكم المحلي
وفي هذا الموضوع أوضح أستاذ القانون والنائب بالمجلس الوطني التأسيسي سابقا، فاضل موسى، لـ(وات)، أن الدستور التونسي لسنة 2014 كان متطورا وأورد في بابه السابع عدة مبادئ لا يمكن التراجع عنها حيث أرسى التوجه نحو لامركزية حديثة وعصرية تؤسس للمشاركة الفعلية ولنظام يقطع مع المركزية المفروضة في السابق.
وشدد على ضرورة الالتزام بتطبيق المبادئ الواردة بمشروع المجلة والمستمدة من الدستور خاصة في مجال اللامركزية، قائلا "لا تراجع عن تطبيق المبادئ ولا خيار في هذه المسألة غير ذلك".
وبين أن مجلة الجماعات المحلية جاءت على كل الجوانب التي أوردها الباب السابع من الدستور بعد أن تم إعدادها بطريقة تشاركية.
وقال موسى إن ما أبداه نواب حركة النهضة من مخاوف مع انطلاق مناقشة مشروع مجلة الجماعات المحلية، وهم طرف في الحكومة، يحيل إلى عدة تساؤلات، من بينها هل أن هذه الحكومة تراجعت عما ورد بالمشروع الذي تم صياغته بعد عدة جلسات ومشاورات وهل أنها تعتبر الوقت غير مناسب لتكريس اللامركزية وهل لذلك وقع على موعد الإنتخابات البلدية ؟ ولفت إلى أن ما بدر من موقف لدى نواب حركة النهضة يمكن أن يكون مجرد مناورات سياسية باعتبارهم أكثر الأحزاب جاهزية في الوقت الراهن ولأنهم كانوا من أشد المدافعين عن إرساء اللامركزية لقناعتهم بأن اقترابهم من الأوساط الشعبية سيمكنهم من إحراز النتائج المأمولة في الانتخابات.
ليلى


Comments


2 de 2 commentaires pour l'article 144182

MOUSALIM  (Tunisia)  |Samedi 17 Juin 2017 à 10:33           
نعم لارساء الحكم المحلي في تونس لكن بالتدرج وبخطوات مدروسة وبتعويد الشعب على العيش في المدن المستقبلية المتطورة ونبذ الحروب البدائية على رسم حدود السافانا للأسود في الغابات ولولا محاولات السابيانس على ركوب المخاطر مع ضمان النجاح ما وصلنا للقرن الواحد والعشرين ولكنا انقرضنا منذ آلاف السنين *

Mandhouj  (France)  |Samedi 17 Juin 2017 à 09:27           
سوف لا يقع تراجع ، لكن سيقع تشليك دور المحليات (البلديات و الجهات )، و هذا ناتج عن خوف المركز من الطاقات المحلية (les compétences et les intelligences locales)، مع الأسف .


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female