بعد حملة الايقافات الأخيرة .. هل من جدوى لطرح قانون المصالحة ؟

باب نات -
أثارت سلسلة الإيقافات التي طالت عددا من رجال الاعمال تحت الامر 50 لسنة 1987 في الفترة الاخيرة العديد من الاسئلة حول مشروع قانون المصالحة ومدى امكانيات ونجاعة طرحه من جديد في مجلس نواب الشعب .

وقد مثل قانون المصالحة الاقتصادية محل خلاف كبير بين داعميه وخاصة منهم حزب نداء تونس و افاق تونس و جبهة الانقاذ و التقدم و معارضيه من عدد من الحساسيات السياسية على غرار التيار الديمقراطي وحراك تونس الارادة و الجبهة الشعبية.

وقد مثل قانون المصالحة الاقتصادية محل خلاف كبير بين داعميه وخاصة منهم حزب نداء تونس و افاق تونس و جبهة الانقاذ و التقدم و معارضيه من عدد من الحساسيات السياسية على غرار التيار الديمقراطي وحراك تونس الارادة و الجبهة الشعبية.
وفي ظل التطورات الجديدة التي جعلت مقاومة الفساد والفاسدين اولوية الاوليات سواء بالنسبة للحكومة ورئيسها او بالنسبة للراي العام الوطني ولعذيد الاطياف السياسية والاقتصادية والاجتماعية استقت وكالة تونس افريقيا للانباء اراء عدد من السياسيين والمختصين بخصوص مدى الحاجة لمواصلة طرح قانون المصالحة في خضم التطورات الجديدة...
و قد اعتبر القيادي بحراك تونس الارادة عبد الواحد اليحياوي ان الخطوة التي اتخذها رئيس الحكومة يوسف الشاهد ايجابية في سياق مكافحة الفساد و لكن لا يجب ان تكون بمثابة تكتيك سياسي لتمرير قانون المصالحة الذي يشمل شخصيات اعتدت على اموال التونسيين ، مبينا ان من يريد مكافحة الفساد فعليه ان يعبر عن رفضه لهذا القانون المنافي لمضامين الدستور على حد قوله .
و دعا اليحياوي الى مزيد التحرك شعبيا ضد القانون والى عدم الثقة بالكامل في تحركات الحكومة معللا ذلك بأن الحكومة اذا كانت جادة في محاربة الفساد فان عليها توسيع قائمة الايقافات لعدد من الاسماء موجودة في محيط دوائر الحكم قائلا "ان الحرب على الفساد لا يمكن ان تكون بالتستر على الفاسدين ".
من جانبه ابرز استاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس منتصر كمون انه لا يمكن ربط حملة الايقافات التي انطلقت منذ الاربعاء الفارط مع قانون المصالحة لان مسار المصالحة فرضته الية العدالة الانتقالية بين نظامين ، بينما حملة الايقافات هي ترجمة قانونية لتجاوزات وقع ارتكابها من قبل اشخاص في حق الدولة و بين كمون ان المسلك الاساسي الذي بامكانه بناء جسور الثقة بين الحكومة برؤوسها التنفيذية و باقي الحساسيات السياسية هو التغاضي نهائيا على قانون المصالحة و اعطاء الدعم المالي و اللوجيستي الكافي لهيئة الحقيقة والكرامة من اجل اتمام مهمتها ، مضيفا انه من حق الحكومة الذهاب ايضا الى الاجراءات الاستثنائية تحت مظلة قانون الطوارئ على اعتبار التباطئ الكبير للجهاز القضائي في معالجة الملفات المرتبطة بالجرائم المالية .
و بين ان مكافحة الفساد في تونس عملية يسيرة بالمقارنة بعدد من الدول الاخرى التي عرفت انتقالا ديمقراطيا على غرار دول اوروبا الشرقية في بداية التسعينات او دول امريكا اللاتينية ، قائلا "ان ما جاء في تقرير لجنة مكافحة الفساد برئاسة المرحوم عبد الفتاح عمر يمكن ان يكون منطلقا لمحاربة الظاهرة و محاصرتها".
و في معرضه حديثه عن ظاهرة الفساد قال ان الظاهرة مستمرة في الزمان والمكان و لا يمكن حصرها عند أمة او ثقافة دون غيرها مشيرا الى الفرق بين دولة واخرى هو كيفية خلق اليات لكبح جماح الظاهرة التي تقضم الكثير من نسب النمو و تعطل مبدأ العدالة الاجتماعية ، مبرزا اهمية تعزيز الترسانة القانونية بقانون يبحث عن مصادر الثروة المفاجئة يشار الى انه وقعت مصادرة املاك الاشخاص الموقوفين الاربعاء الفارط بمقتضى المرسوم عدد 13 لسنة 2011 والقاضي بحجز كل الاملاك المنقولة والعقارات و لاموال الموجودة في البنوك.

وتساءل في هذا السياق ايمن العلوي النائب عن الجبهة الشعبية عن جدوى الذهاب الى المصالحة الاقتصادية عبر مجلس نواب الشعب في الوقت الذي مازالت لجنة المصادرة تقوم بمصادرة املاك اشخاص لهم علاقة بالنظام السابق ، معتبرا ان ما يحدث اليوم من ايقافات واعلان سياسي بمحاربة الفساد يخفي الكثير من الالغاز والغايات الغامضة لحكومة يوسف الشاهد وفق تقديره .
و اشترط العلوي انخراط احزاب المعارضة في معاضدة جهود الحكومة وجود شرطين الاول الوضوح في طرح الملفات و الثاني سحب قانون المصالحة في صيغته الحالية الذي يمثل تبييضا للفساد على حد تعبيره .

من جانبه قال القاضي احمد صواب ان تباطئ الجهاز القضائي و تباطئ هيئة الحقيقة و الكرامة في حلحلة الملفات هو الذي دفع بالسلطة التنفيذية الى اتباع الاجراءات الاستثنائية في فرض الاقامة الجبرية على عدد من رجال الاعمال واحالة شفيق جراية الى القضاء العسكري بتهمة الاعتداء على امن الدولة الخارجي والخيانة ووضع النفس تحت تصرف جيش اجنبي زمن السلم .
و بين ان الستة سنوات الاخيرة تعطلت فيها مسيرة العدالة الانتقالية وارتبكت فيها اجهزة الدولة و خاصة منها الجهاز القضائي ، الشئ الذي جعل مكافحة الفساد عملية معقدة تحتاج الى خطوات استثنائية والى ارادة جريئة من كل الاطراف الحاكمة .
من جهتها اعتبرت الباحثة في العلوم الاجتماعية زهرة خيرات ان مسار قانون المصالحة يتكامل مع الحرب على الفساد التي اعلنتها الحكومة منذ الاربعاء الفارط ، مبينة ان استفاقة الدولة ضد اخطبوط الفساد يعطي الثقة من جديد في النخب الحاكمة ويساعد على التوازن الاجتماعي المطلوب واضافت ان المجتمعات المتقدمة هي المجتمعات المستقرة نحو هدف واحد و القادرة على ادارة خلافاتها بشكل ديمقراطي ، معتبرة ان منسوب الاريحية الذي شهده الشعب التونسي منذ اعلان الايقافات سيساعد تجديد الثقة في الوطن بعد ان وصلت نسب الثقة الى مستويات متدنية جدا.
س/ م ع/حلم
Comments
4 de 4 commentaires pour l'article 143465