النقل في بلادنا: زيدو، مازال يتنفّس!!!

محسن العكروت
أعود مرة أخرى لأتطرّق لموضوع النقل في بلادنا وما يتكبّده المواطن في حياته اليومية من مشاكل التنقل من مكان إلى آخر.
أعود مرة أخرى لأتطرّق لموضوع النقل في بلادنا وما يتكبّده المواطن في حياته اليومية من مشاكل التنقل من مكان إلى آخر.
لن أتحدث في مقالي هذا عن اكتظاظ الطرقات وحالتها الكارثية وكثرة العربات وعدم احترام قواعد المرور وافتكاك الأولويات والسبّ والشتم من طرف هذا أو ذاك.
ولن أتكلم عن النقل العمومي الحاضر بكلفته الباهضة وأجور منظوريه، والغائب بخدماته واحترام مواعيده، وهذا ينطبق على الجميع بدون استثناء: الحافلة والقطار والطائرة، فيكفي القيام باستبيان طفيف لمعرفة رأي التونسيين في تقييم جودة خدمات هذا القطاع.
ولن أتطرّق كذلك إلى سوء الحوكمة في شركات النقل العمومي وشركة السكك الحديدية والناقلة الجوية، فالكل يعلم ضخامة المال العام المهدور في هذه المؤسسات، وخير دليل على ذلك تواجد شركة المترو الخفيف بصفاقس منذ أكثر من عشر سنوات بكامل موظّفيها ولكن بدون مترو!
(من غرائب هذا الزمن: الرئيس المدير العام لهذه الشركة وُضِع على التقاعد وتمّ تعويضه بمدير آخر منذ سنوات، ومازال المشروع طور الإنجاز ولم ير النور بعد!!)
ولكنّي سأحاول أن أكون بنّاءً وأقترح بعض الحلول عساني أجد مسؤولين غيورين على هذا البلد فيغيّروا ما يمكن تغييره.
سأتكلم عن ثلاث نقاط يمكن أن تساهم في حلّ مشكلة التنقل ولو بشيء يسير.
الفكرة الأولى ترتكز على تشجيع استعمال الدراجات والزلاجات (Trottinette) وذلك باستيرادها بشكل مكثّف وإعفائها من المعاليم الجمركية وتوفيرها للمواطن بأقل الأثمان لتشجيعه على اقتنائها، مع تهيئة الطرقات والأماكن المخصصة لمرورها، وبذلك يقع الاستغناء عن العديد من السيارات الخاصة وبالتالي التخفيف من حدّة الاكتظاظ المروري على غرار جلّ البلدان الأوروبية.
الفكرة الثانية هي تقنين منظومة التنقل الجماعي (Covoiturage)، إذ لا يكمن الحل في منع طريقة النقل هذه وتغريم مرتكبيها بخطيّة مالية قيمتها 700 دينار أو أكثر (لا ترحم ولا تخلّي رحمة ربّي تنزل!)، وإنما الحل في تنظيم هذه الوسيلة وجعلها خدمة متاحة للمواطن مع تمكين الدولة من اقتطاع نسبة مائوية من الأرباح كأداء على هذه الخدمة على غرار البلدان الأخرى (مثل Blablacar وBolt في فرنسا وUber في كندا...).
الحل الثالث الذي من شأنه أن يحلّ معضلة النقل من الأساس هو خوصصة هذا القطاع وبيعه لشركات أجنبية مع إعداد كرّاسات شروط لتقييدها وإلزامها بالمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن حتى لا تقفز الأسعار إلى مستويات خيالية.
وبالرغم من أنّي أعلم جيّدا أنّ العديد من القرّاء لا يشاطرونني هذا الحلّ بتهمة التفريط في ممتلكات الدولة ومكتسبات الشعب، إلا أنّي أؤكد أنّ حالة شركتي Tunisair وSNCFT وصلت إلى أسفل السافلين ولم يعد هناك من حلّ سوى بتر الساق المتعفّنة.
هذه بعض الأفكار التي تجول بخاطري، والأكيد أنّ هناك حلولًا أخرى يمكن التوصّل إليها إذا أولينا هذا الموضوع الأهميّة التي يستحقّها ووضعناه على طاولة الحوار.
محسن العكروت
محقّق جودة وأستاذ تعليم عال
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 316945