السيارات الوظيفية: امتياز يتحول إلى عبء على المال العام

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/echangeur_route.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم ريم الخماسي

في وقت تسعى فيه الوزارات والإدارات العمومية إلى تحسين ظروف عمل موظفيها السامين عبر منحهم امتيازات مهنية، تبرز ظاهرة مثيرة للجدل تتعلق بسوء استخدام السيارات الوظيفية، ما يطرح تساؤلات جدية حول جدوى هذه الامتيازات.






من وسيلة دعم إلى أداة استغلال

تُمنح السيارات الوظيفية للموظفين السامين بهدف تسهيل تنقلاتهم المهنية، غير أن الواقع يكشف عن انحراف صارخ عن هذا الهدف، حيث تُستخدم بشكل متزايد لأغراض شخصية، ما يجعلها عبئًا متناميًا على المال العام، خاصة مع ارتفاع عددها وتكاليف صيانتها وتأمينها.


أخبار ذات صلة:
حجم أسطول السيارات الإدارية في تونس 96774 سيارة.... هذه تفاصيل توزيعها...



امتياز أم إغراء؟

لم يعد الحصول على سيارة وظيفية مجرد وسيلة لتيسير العمل، بل تحوّل إلى هدف وظيفي بحد ذاته، يدفع البعض إلى التلهف للترقية لا رغبة في تحمل المسؤوليات، بل طمعًا في الامتيازات.
ويُردد البعض ساخرًا: "ما تربح منهم كان الكرهبة والامتيازات"، في إشارة إلى ثقافة التهاون التي بدأت تتسلل إلى الوظيفة العمومية، حيث يغدو الامتياز أهم من المهمة.

هذا الواقع يكشف عن خلل في منظومة الحوافز، إذ تتحول الامتيازات من أدوات لتحفيز الأداء إلى إغراءات تُغري الباحثين عن "اللقمة الباردة"، وتُكرّس نمطًا وظيفيًا روتينيًا خاليًا من التحديات، حيث يغيب الطموح وتحضر اللامبالاة.


أخبار ذات صلة:
اسطول السيارات الادارية في تونس يضم اكثر من 95 الف سيارة والوزارة تضع منظومة وطنية للتصرف فيها...


الترسيم... ضمان يتحول إلى تهديد

الترسيم، الذي يُفترض أن يكون ضمانًا للاستقرار المهني، أصبح في بعض الحالات تهديدًا للمصلحة العامة.
فبمجرد حصول الموظف على ترسيمه، ينقلب من موظف ملتزم إلى موظف لا يبالي، مستندًا إلى الحصانة الإدارية التي تمنحه شعورًا بالأمان الوظيفي، ما يُضعف آليات المحاسبة ويُكرّس ثقافة "الوظيفة مدى الحياة" دون رقابة أو تقييم.


دعوة إلى إصلاح جذري

في ظل هذا الواقع، تبرز الحاجة إلى مراجعة شاملة لسياسات الامتيازات في الوظيفة العمومية، وعلى رأسها السيارات الوظيفية. وتشمل هذه المراجعة:

* إعادة تقييم الحاجة الفعلية لكل سيارة وظيفية، وإلغاء السيارات غير الضرورية.
* تعزيز الرقابة عبر آليات صارمة تضمن الاستخدام المهني فقط.
* وضع سياسات استخدام واضحة تحدد شروط الاستعمال، خاصة في الحالات ذات الاستخدام المزدوج.
* تحميل الموظف المسؤولية القانونية والمادية عن أي تجاوز أو ضرر.
* ربط الامتيازات بالأداء الفعلي لا بالرتبة الإدارية فقط.
* مراجعة التشريعات المنظمة للسيارات الوظيفية بما يضمن مرونة أكبر ومحاسبة فعالة.


الإصلاح لم يعد خيارًا

الحفاظ على المال العام يبدأ من احترام الامتيازات والتعامل معها كأمانة لا كحق مكتسب يُستخدم بلا رقيب.
إن استمرار هذا الواقع لا يهدد الميزانية فحسب، بل ينسف ثقة المواطن في مؤسسات الدولة.
الإصلاح لم يعد خيارًا إداريًا، بل ضرورة وطنية تفرضها المصلحة العامة.


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 316250


babnet
*.*.*
All Radio in One