خبير اقتصادي: النمو الاقتصادي في تونس.. أرقام على الورق ومعاناة في الواقع

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/68443767b5d1b9.66581044_ofklqjmieghpn.jpg width=100 align=left border=0>


في تدوينة تحليلية نشرها على صفحته بموقع فيسبوك، قدّم الخبير الاقتصادي المقيم في أستراليا العربي بن بوهالي قراءة نقدية لأرقام النمو الاقتصادي التي أعلنها المعهد الوطني للإحصاء وصندوق النقد العربي. وقد اعتبر أن ما يُروَّج له كـ"نمو" بنسبة 3.2% ليس سوى نمو وهمي يخفي في طياته مؤشرات مقلقة، إذا ما تم احتساب التضخم وتراجع الإنتاجية وانكماش قطاعات استراتيجية.







وكان المعهد الوطني للإحصاء كشف يوم الجمعة الماضي أن الإقتصاد التونسي حقّق نموًا بنسبة 2,4% خلال النصف الأوّل من سنة 2025، وفق المؤشرات المتعلّقة بالنمو الإقتصادي للثلاثي الثاني من السنة.
ووفق نفس المصدر, أبرزت التقديرات الأولية للحسابات القومية الثلاثية أنّ الناتج المحلي الإجمالي، المعالج من تأثير التغيّرات الموسمية، سجّل نموًا بنسبة 3,2% خلال الثلاثي الثاني من 2025 مقارنة بالفترة نفسها من 2024 (الإنزلاق السنوي).
أما مقارنة بالثلاثي الأوّل من 2025 (التغيّرات الثلاثية)، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1,8%.


أخبار ذات صلة:
صندوق النقد العربي يتوقع نمواً بـ 3.2% لاقتصاد تونس في 2025 وتراجع التضخم إلى 5.3%...



التناقض بين الأرقام المحلية والدولية

يطرح بن بوهالي علامات استفهام حول تطابق تقديرات المعهد الوطني للإحصاء مع أرقام صندوق النقد العربي قبل أسبوعين من الإعلان الرسمي، في حين أن مؤسسات دولية كالبنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي لم تتجاوز توقعاتهما 1.9%. ويؤكد أن رقم المعهد (3.15%) يبدو أقرب إلى تقديرات ميزانية الدولة لسنة 2025، ما يثير شكوكا حول مصداقية المنهجية المعتمدة.

النمو الاسمي مقابل النمو الحقيقي

بحسب التحليل، فإن الأرقام الرسمية تخفي حقيقة أساسية: الناتج المحلي الإجمالي نما بالقيمة الاسمية (PIB nominale) نتيجة التضخم، لكنه انكمش بالقيمة الحقيقية (PIB réel). فعند خصم معدل التضخم (5.3%) من نسبة النمو المعلنة (3.2%)، تكون النتيجة انكماشًا فعليًا للاقتصاد بنسبة –2.1%.

أخبار ذات صلة:
أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي يسلّط الضوء على دلالات الأرقام الجديدة للنمو والتشغيل...


هشاشة سوق الشغل

أثار بن بوهالي تساؤلات حول أرقام التشغيل. ففي الربع الأول من العام لم يتجاوز عدد مواطن الشغل الجديدة 2700، بينما قفز الرقم في الربع الثاني إلى 39,900 وظيفة، رغم تراجع معدل النشاط. كما ارتفعت بطالة أصحاب الشهادات العليا إلى 24%، ما يعكس، وفق قوله، "خللاً في مؤشرات السوق".

قطاعات في انكماش

التدوينة كشفت تناقضات واضحة في مكونات النمو:

* القطاع البنكي والمالي: انكمش بنسبة –6.8% في الربع الثاني و–8.6% في الربع الأول.
* البترول وتكريره: تراجع بـ –62.3%.
* المنسوجات: تراجعت بنسبة –1%.
* النفط والغاز: انكماش بـ –12.1%.
* التجارة الدولية: ساهمت سلبًا بنسبة –0.43% في الناتج المحلي.

قطاعات في تحسن نسبي

في المقابل، سجلت بعض الأنشطة نموًا ملحوظًا:

* الزراعة: +9.8%.
* الصناعات الكيميائية: +10.1%.
* الصناعات الميكانيكية: +9.6%.
* البناء والتشييد: +9.6%، لكن تحت تأثير ارتفاع كلفة البناء والتضخم، مع غياب تمويلات البنوك وفرض ضريبة 19% على المنازل.

الخلاصة

يرى بن بوهالي أن الاقتصاد التونسي يعيش وهم النمو: ارتفاع في الأرقام الاسمية نتيجة التضخم وانخفاض قيمة الدينار، لكن دون تحسن فعلي في الإنتاجية أو توسع في الاستثمار. ويضيف أن 98% من مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج تُستهلك في خدمة الدين الخارجي الذي بلغ 41 مليار دولار (80% من الناتج المحلي)، فيما تراجعت احتياطات البنك المركزي من العملة الصعبة إلى 100 يوم توريد فقط.

وبذلك، يخلص الخبير إلى أن ما يُقدَّم للرأي العام كـ"تحسن اقتصادي" ليس سوى تجميل ظرفي للأرقام، في حين أن الواقع يُظهر انكماشًا حقيقيًا وتفاقمًا للأزمات الهيكلية.


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 313505


babnet
*.*.*
All Radio in One