فراس الناصفي: "القوابسية يطالبون فقط بالحق في هواء نقي... وتجهيزات المجمع انتهى عمرها الافتراضي"

استضاف برنامج "صباح الورد" على إذاعة الجوهرة أف أم، ضمن فقرة Arrière Plan التي يقدمها حاتم عمارة وخليفة بن سالم، الناشط البيئي فراس الناصفي من مدينة قابس، للحديث عن الاحتجاجات الأخيرة بالجهة على خلفية الأزمة البيئية المتواصلة بسبب المجمع الكيميائي.
عودة الاحتجاجات... غضب قديم متجدد
عودة الاحتجاجات... غضب قديم متجدد
أكد فراس الناصفي أن الاحتجاجات في قابس ليست جديدة، بل هي "حلقة جديدة في سلسلة طويلة من التحركات الشعبية التي بدأت منذ سنوات"، مضيفًا أن الشرارة الأخيرة انطلقت مطلع أكتوبر 2025 بعد تسربات غازية سامة من المجمع الكيميائي تسببت في حالات اختناق لدى أكثر من 150 شخصًا، أغلبهم من التلاميذ في منطقتي شط السلام وغنوش.
وأوضح أن "الوضع الصحي خطير"، مشيرًا إلى أن الروائح السامة المنبعثة من الوحدات الصناعية جعلت حياة المواطنين لا تطاق:
"الناس في شط السلام كانوا زمان يفتحوا الشبابيك في الصباح ليتنفسوا نسيم البحر، اليوم نغلق النوافذ حتى لا نشم الغازات الخانقة".
الفوسفوجيبس... المادة المثيرة للجدل
تحدث الناشط البيئي عن قرار وزارة الصناعة الصادر في مارس 2025
واعتبر فراس أن هذا التصريح "مضحك مبكٍ"، قائلاً:
"كنا ننتظر تفعيل قرار نقل الوحدات الصناعية خارج المناطق السكنية، فإذا بنا نفاجأ بحديث عن مشاريع جديدة مثل الأمونياك والهيدروجين الأخضر داخل المدينة نفسها!"
تسربات وغازات سامة... ومعاناة إنسانية
أوضح الناصفي أن التسربات الغازية أصبحت شبه يومية، مؤكدًا أن الأهالي يعيشون تحت سحابة من الدخان السام على مدار الساعة، وأن الوضع فاقم انتشار أمراض السرطان، هشاشة العظام، ضيق التنفس والعقم، نتيجة التعرض المستمر للملوثات الكيميائية.كما أشار إلى أن بعض الأطفال المصابين بالاختناق لا يزالون يتلقون العلاج في مستشفى الرابطة بالعاصمة، بينما نُقل آخرون إلى مستشفى قابس في حالة حرجة.
وأضاف بأسف:
"لم نتلقَّ أي توضيح رسمي لا من وزارة الصحة ولا من وزارة الصناعة حول طبيعة هذه الغازات أو نتائج التحاليل."
غياب تام للمسؤولين ولجان التحقيق
كشف فراس الناصفي أن اللجنة الوزارية التي قيل إنها تحولت إلى قابس لم تتواصل مع الأهالي إطلاقًا، مضيفًا:"لا الوالي، لا المعتمد، لا أي مسؤول محلي حضر للميدان. لم نر أحدًا يمثل الدولة أو إدارة المجمع خلال الاحتجاجات."
احتجاجات سلمية... وعناصر دخيلة
وفي ما يتعلق بأعمال العنف التي رافقت بعض التحركات، شدد الناصفي على أن الأهالي ضد التخريب، قائلاً:"نحن نطالب فقط بحقنا في الهواء النقي. من يحرق أو يخرب لا يمثلنا. هناك فئة صغيرة تحاول تشويه الحراك السلمي، لكن القوابسية معروفون بسلميتهم."
المطالب الأساسية للسكان
أكد الناشط البيئي أن مطالب الأهالي واضحة ومحددة:1. إيقاف الوحدات الصناعية التي فقد المجمع السيطرة عليها وتسبب انبعاثات سامة.
2. تفعيل قرار تفكيك الوحدات ونقلها بعيدًا عن المناطق السكنية.
3. رفض إقامة مصانع جديدة مثل الأمونياك والهيدروجين الأخضر داخل المدينة.
وأشار إلى أن المجمع الكيميائي فقد السيطرة على تجهيزاته التي انتهى عمرها الافتراضي، موضحًا:
"المعدات أصبحت متهالكة، والغازات تخرج دون معالجة... نحن ببساطة نتنفس السمّ."
حراك عفوي بلا وصاية
بيّن فراس الناصفي أن التحركات الأخيرة عفوية تمامًا، لا تقف وراءها أحزاب أو نقابات أو جمعيات، قائلاً:"لا نحتاج إلى من ينظّمنا أو يتحدث باسمنا. نحن سكان قابس فقط، نخرج من أجل حقنا في الحياة."
بين الماضي والحاضر... قابس تختنق
ختم الناشط البيئي حديثه بنبرة حزينة قائلاً:"كنا نعيش بين البحر والنخيل والخضرة، اليوم لا نخلة تحمل ثمراً ولا بحر يمكننا السباحة فيه. قابس الجميلة تحولت إلى مدينة تختنق ببطء."
حاتم عمارة وخليفة بن سالم عبّرا في ختام اللقاء عن تضامنهما الكامل مع الأهالي، مؤكدين أن الاحتجاجات السلمية حق مشروع، داعين في الوقت نفسه إلى نبذ العنف وإلى تحرك عاجل من السلطات لإنقاذ مدينة قابس من مأساة بيئية مستمرة منذ عقود.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 316540