المهرجانات الصيفية من ترذيل الذوق العام إلى استنزاف للعملة الصعبة وإهدار المال العام..

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/6872c7bf967130.00175103_eqgjlpimnkhof.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: ريم بالخذيري

فلسفة المهرجانات الصيفية في تونس عند انطلاقها كانت ثقافية بحتة ورسالتها الارتقاء بالذوق العام والترويح على العائلات بعروض محترمة شكلاً ومضموناً.

وقد اعتلى مهرجان قرطاج مثلاً فطاحلة الفن في تونس والعالم وتحول إلى محطة هامة ليس من السهل بلوغها، ومن بلغها فقد فتحت أمامه كبرى المسارح في العالم العربي.



لكن منذ سنوات تغيرت الفلسفة وحلت معادلة الربح والخسارة في تحديد العروض، وأصبحت كلمات معروفة مبتذلة شوهت هذه المهرجانات من قبيل "يبيع والا ما يبيعش" أو "يعبي والا ما يعبيش" هي المتحكمة في البرمجة لمختلف المهرجانات، متناسين أن الفن الهادف في حد ذاته قيمة لا تقدر بثمن.

ومع حلول فصل الصيف، تتسابق إدارة المهرجانات على تنظيم سهرات تُراهن على نجوم عرب وأجانب لجلب الجمهور. لكن خلف الأضواء تكمن معضلات حقيقية على مستوى الذوق العام والمالية العمومية، لاسيما حين يُموّل جزء كبير من هذه العروض من المال العام.
حيث تحوّلت بعض المهرجانات إلى فضاءات تُقدّم عروضاً تجارية دون عمق فني أو فكري، وتعكس ثقافة الاستهلاك والترند أكثر من الفن الحقيقي. وهو ما يجب أن يتوقف، فوزارة الثقافة تمول، كما قلنا، جزءاً معتبرًا من هذه المهرجانات،

وبالتالي مسؤوليتها وجب أن تكون أكبر وتتدخل في البرمجة والحوكمة لهذه المهرجانات.
فمع الأسف، اليوم العشوائية في القرارات والتسيير أفرزت مشهداً سريالياً أضاع بوصلة كل المهرجانات، محلية كانت أو دولية، حيث أصبحت أعراساً أقرب منها إلى المهرجانات الفنية الثقافية.

الفرجة لا تعني الإثارة بلا مضمون، والمهرجانات لا تقتصر على عروض غنائية.
إذاً، التونسيون بحاجة إلى برمجة تُثري المجتمع من فن راقٍ ومسرح هادف، إلى معارض تشكيلية وندوات فكرية.
الدعم العمومي يجب أن يُمنح للفن الراقي الحقيقي، لا للترف الفني المستورد.
والقضية ليست مجرد مهرجان أو فنانين، إنها خطة ثقافية واجتماعية تحول الثقافة إلى أداة بناء وتنمية وليس مجرد "عرض صيفي".
والمطلوب هو إجراء عملية شفافية مالية في دعم وزارة الثقافة،

ورسم قواعد اختيار واضحة للفنانين وفق الكفاءة والإبداع والالتزام الفني..

والأهم هو برمجة متوازنة تجمع بين المحلي والعالمي بنسب عادلة.

ففي ظل الأزمة الاقتصادية الحادة، لا نريد مهرجانات تجارية، بل مهرجانات تُثبت أن الثقافة هي استثمار في المواطن وفي الاقتصاد، وهي صمام أمان المستقبل.


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 311658


babnet
*.*.*
All Radio in One