هكذا فشلت الأحزاب في ادارة الصراع مع النهضة..

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5dc6f531f09796.80457922_iglmfpehnqjok.jpg width=100 align=left border=0>


نصرالدين السويلمي

كل الأحزاب التي دخلت في صراع مع النهضة انتهت الى الفشل، ليس لأن النهضة بكل بتلك القوة بل لانهم بكل ذلك الفشل، ولعل مفتاح المعركة ومداره ذلك التموقع الاستراتيجي للنهضة، حيث اختارت خندق الديمقراطية منذ أعلنت بشكل رسمي عن نفسها سنة 1981، كما اختارت في نفس التاريخ وبنفس المناسبة الاعتراف بجميع المكونات التي يمكن أن يعتمدها الشعب عبر الصناديق، بما في ذلك الاعتراف بالأحزاب الشيوعية وحقها في الحكم إذا أهلتها الانتخابات الحرة والنزيهة.





كالنت النهضة ومنذ نشأتها تحسن التمركز كما تحسن الرهان، تمركزت حول الهوية.. اعتمدت النضال.. كما تمركزت حول الثورة، قبل ذلك وفي طريق النشأة، لم تجنح الى التغلغل في مراكز النفوذ ولا هي اعتمدت على لوبيات اعلامية مالية ثقافية، بل ذهبت رأسا الى الشارع والتحشيد، أثثت كيانها من أسمدة المعاهد والجامعات والمصانع، بنته من شارع الناس وزحامها.

فشل خصومها لأنهم لم يعتمدوا مثلها على بناء هرمي متسلسل لقواعدهم الشعبية، فشلوا لأنهم لم يعتمدوا خيارات ديمقراطية واضحة، وتلاعبوا بالتسميات كما المفاهيم، تحدثوا عن النخبة والصفوة والتصعيد الثوري والضباط الأحرار وبيانات العسكر والزحف الجماهيري فوق الصناديق وخلف الصناديق وبجانب الصناديق وليس من داخل الصناديق! أعدوا توصيفات حكم ابشع من ذلك الحكم الذي يسعون لاقتلاعه وأكثر التفافية من تلك المقاربات التي تعتمدها الأنظمة الشمولية.

بعد الثورة وجد خصوم النهضة أنفسهم في ورطة! وجدوها تمركزت قديما حول الهوية ثم حول الثورة، وأصبحت أي عملية اقتراب من الهوية والثورة هو الاقتراب الحتمي من النهضة أو التناغم مع خطابها ومن ثم فقدان خاصية التميز والتمايز، هذا ما دفعهم إلى انشاء ثورية منغولية مرتبكة بل مجنونة، يتمسحون بسبعطاش ديسمبر ويتغنون بالبراميل المتفجرة ويحلمون بزعيم كالسيسي ويفرحون بقتل الصحفيين غيلة في القنصليات ومنشرتهم وأذابتهم في الاسيد، يباركون الانقلابات ويتشفون في تصفية الرؤساء الشرعيين، يرفضون كل الشرعيات التي أنتجتها حركة الثورة ويقبلون بكل الجنرالات الذين انتهت صلاحياتهم بعد ان استفرغت الـ"سي أي أي" كل مقدراتهم الخيانية ثم مجتهم ليلتقطهم الغباء الاستيطاني وليس الوطني.

ذلك على مستوى الثورة، أما الهوية فقد فشلت كل المحاولات للاقتراب من هوية البلاد عبر ممرات اخرى بعيدا عن الهضاب الوسطية العقبية الزيتونية التي تتمركز حولها النهضة، حاولوا عبر الاضرحة وعبر المداخلة وعبر البهائية وعبر المذهبية وعبر الطُرقية، حاولوا عبر الغلو الديني كما حالوا عبر التفريط الديني، ثم انتهوا الى الدخول في خصومة مع الهوية ليتمايزوا على النهضة، حتى الحزب الذي حاول الاقتراب من قواعد النهضة الغاضبة واستقطب الكثير منها، فشل في بناء علاقة دافئة مع الهوية، وسقط في اختبار الإرث وغيره من الاختبارات، و انفضت من حوله القواعد المستقطبة، ثم تحول مع الوقت الى جبهة شعبية جديدة بإخراج رديء.

لقد قامت النهضة بعمليات إنزال مكثفة حول الهوية وحول الثورة وحول الديمقراطية وحول الجماهير وحول الدولة وحول التعايش..عقدت عمليات صلح مع الكل.. هكذا اجبرت خصومها على الشراكة او التطرف، فاختاروا التطرف! منهم من دخل في صدام مع الهوية ومنهم من صادم الثورة والآخر صادم الدولة وغيره صادم الجماهير وسفه خياراتها الانتخابية، ومنهم من كفر بثقافة التعايش....يعتقد خصوم النهضة أنها تملك حقوق المشترك، في حين المشترك أكبر من النهضة وفي حجم الوطن، كل ما في الأمر أن النهضة سبقت إليه، وعندما شاهدوها حوله اعتقدوا أنها هي هو! والأولى بهم أن الترجل عن عنادهم والالتحاق بمشترك هو اوسع من اوعيتهم الضيقة، الأضيق من خرم الإبرة.. إن المشترك الوطني لهو اطول من واد مجردة بكثير وأعلى من الجبل الشعانبي بكثير.


Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 192399

Essoltan  (France)  |Samedi 9 Novembre 2019 à 19:38           
Le défaut Tunisien , c'est chaque fois qu'on réalise quelque chose de beau , on le gâche dans les jours qui suivent à cause de la répression qu'on a vécu pendant les années de braises .
Oui , on est toujours habité par la peur et par le manque de confiance mais ce qui me fait peur c'est que cette mentalité tordue s'éternise et prive les Tunisiens d'un avenir meilleur .


babnet
*.*.*
All Radio in One