فضائح ملفات الفساد.. تحت انظار ميركل

بقلم: شكري بن عيسى (*)
رجة عميقة أخرى تتلقاها "وثيقة قرطاج" والحكومة يوم الجمعة، بعد الندوة الصحفية التي عقدها البريكي، الوزير المستقيل (المقال)، وصف فيها الوثيقة بـ "بيان 7 نوفمبر"، الذي بقي مجرد وعود لم تر النفاذ في الواقع على امتداد حقبة الحكم السابق.
رجة عميقة أخرى تتلقاها "وثيقة قرطاج" والحكومة يوم الجمعة، بعد الندوة الصحفية التي عقدها البريكي، الوزير المستقيل (المقال)، وصف فيها الوثيقة بـ "بيان 7 نوفمبر"، الذي بقي مجرد وعود لم تر النفاذ في الواقع على امتداد حقبة الحكم السابق.
والامر بالاساس يخص من ناحية الوفاء بالوعود، ولكن من أخرى واساسا المحاور الكبرى المتعلقة بمكافحة بالفساد والنهوض بالتنمية، وخاصة مبدأ الشراكة في الحكم والقرار حتى داخل الحكومة ذاتها، ولا نريد حقيقة هل ارتباط ندوة البريكي بزيارة ميركل فيه رسائل خاصة ام لا، لنشر فضائح الفساد واظطراب الحكومة على مستوى دولي.
والتصريحات تعلقت بوجود شبهات قوية حول فساد ديواني، وتمويل أجنبي بـ 12 مليون دينار لشخصية تونسية "فاعلة"، وتوريد مضر بالاقتصاد، وتهريب بطرق ملتوية للمرجان، واستغلال غير شرعي لامتيازات ديوانية في الملابس المستعملة، وايضا بتعيينات عبر تدخلات غير مباشرة من قرطاج.

حتى بعد استطراد البريكي للتخفيف من وقع تصريحاته الاولى بخصوص تدخل الرئاسة، فهي لا تحتاج لكلامه والرئاسة يعلم القاصي والداني انحرافها بالنظام السياسي والدستور في جوهره، وطريقة تسمية الشاهد بسحب النقاش العام من تحت قبة البرلمان وتحويله لقرطاج يصب في هذا الخصوص، وايضا وزراء القصر في القصبة المعلومين من القاصي والداني، وصولا الى "صبة" المعتمدين الذين لا يملك بعضهم حسب المعلومات الموثقة شهادة "النوفيام"، كما يصب في هذا الخصوص تسمية الرئيس المدير العام للتلفزة الوطنية الياس الغربي الذي لا يمتلك شهادة جامعية تؤهله لشغل منصب سامي.
وخطورة ما كشفه الوزير المستقيل-المقال هو اساسا التهاون العميق والتغاضي الكامل من رئاسة الحكومة بخصوص ملفات الفساد، وهو ما أكده البريكي في حديثه لقناة "التاسعة" بوجود "ضغوطات من جهة معينة" على الشاهد (لم يذكرها)، تمنعه من التحرك وفعل شيء ما في الخصوص، الى حد اعتباره الحكومة تحولت الى "حكومة تصريف اعمال" عاجزة عن فتح الملفات، فاضحا زيف شعار "مكافحة الفساد" الذي تضمنته "وثيقة قرطاج" وخطاب التكليف وبرنامج منح الثقة وتصريحات وخطابات الشاهد التي تلتهم، وخاصة ما اورده ساكن القصبة في حواره الاخير بانه يخصص "بين ساعة وساعتين" يوميا لملفات الفساد.
والامر لا يحتاج لتدليل فبعد 6 أشهر كاملة لم نشهد الى اليوم كشف ملف فساد هام من هذه الحكومة، وبقينا ننتظر ترجمة تصريح الشاهد منذ سبتمبر المنقضي بان "الفاسدين مكانهم السجن"، وبان حكومته "ستحاصر الفساد والفاسدين"، ويبدو ان الانتظار سيطول دون نهاية، واثارة ملفات دخول مال اجنبي برقم عالي (12 مليون دولار) لشخصية "فاعلة"، والحديث عن توريد "وحشي" وخروقات ديوانية وديون عالية غير مستخلصة وتهريب وغيرها، وخرق لمنشور المتعلق بتجميد الانتدابات، دون تحريك رئيس الحكومة ساكنا يصب في تاكيد لمغالطة "مكافحة الفساد" الكبرى.
البريكي شدد على افراغ وزارة الحوكمة والوظيفة العمومية من صلاحياتها، وعلى سحب كل الملفات الخلافية الحساسة ذات البعد الاصلاحي والهيكلي وايكالها لرئاسة الحكومة، كما اشار الى اقامة لجان موازية تتعهد بالمهام المرتبطة بهذه الوزارة، وانتهى الامر بذلك الى تصفية كل الصلاحيات الهامة بما فيها الجانب التشريعي في تحضير مشاريع القوانين، وتأكد الامر بالحذف الفعلي لهذه الوزارة الجمعة الذي اكد الوزير-النقابي حذفها الفعلي من مدة طويلة، واعلان الحذف تم حتى دون انعقاد مجلس وزاري للغرض، والتعلل بعرض الامر لاحقا لا يستقيم دستورا باعتبار بان الفصل 92 يقتضي بان صلاحية "الحذف" تمارس "بعد مداولة مجلس الوزاراء".
اقالة وزير، وتعيين وزير، ثم اعتذار الاخير، ثم حذف الوزارة قبل مداولة مجلس الوزارء، وندوة صحفية للوزير المستقيل-المقال، وملفات تصب في غياب الارادة في مكافحة الفساد، عرضها البريكي تستر عن جزء منها تحفظا وربما اخفاء لبعض الاوراق التي سيستعملها لاحقا.. كل ذلك بالتوازي مع زيارة انجيلا ميركل المنتظر منها دعم الاستثمار والتشغيل، من دولة اكد رئيسها قبل سنة او تفوق بان معطلات الاستثمار في تونس الفساد والبيروقراطية، واليوم تجد المستشارة نفس المربع تعاين تحت انظارها فضائح الفساد منذ وصولها تراب البلاد، والثابت ان تونس تخسر بذلك الدعم الدولي وتنفر الاستثمار الاجنبي، والحكومة تفقد يوما بعد يوما مصداقيتها في ملف رفعت شعارات معالجته بعمق، بقيت كلها مجرد قنابل ضوئية لا غير!!
(*) قانوني وناشط حقوقي
Comments
7 de 7 commentaires pour l'article 139323