مهرجان الحمامات الدولي: جمهور نوعي يستمتع بسهرة هند النعيرة وجازية ساطور

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/68753bb62a5956.58511578_ngjlepiqfmhko.jpg width=100 align=left border=0>


تفاعل جمهور الحمامات مع إيقاعات تنبع من التراث الموسيقي المغاربي، وذلك في سهرة مشتركة للفنانتين هند النعيرة من المغرب وجازية ساطور من الجزائر جمعت بين عمق موسيقى القناوة وسحرها الصوفي وانفتاح الصوت المغاربي على أنماط عالمية مثل الجاز والبلوز. وقد كان هذا الموعد في سهرة الأحد 13 جويلية، ضمن فعاليات الدورة 59 لمهرجان الحمامات الدولي (11 جويلية - 13 أوت 2025) تحت شعار "نبض متواصل".

افتتحت الفنانة المغربية هند النعيرة السهرة بإيقاعات القناوة التي أعادت إنتاجها بروح نسائية معاصرة متحدّية التقاليد التي اعتادت حصر هذا النمط الموسيقي في الدائرة الذكورية. وغنت هند على مدى نحو ساعة وعزفت على آلة القمبري بمرافقة عازفين على آلة الشقاشق وهي من أهم الآلات الموسيقية التقليدية المؤثثة لعروض القناوة. وتصدر هذه الآلات نغمات مختلفة لاختلاف مواد صنعها: فالقمبري آلة وترية يختص "المعلم" في العزف عليها، وأما الشقاشق فهي عبارة عن صفائح من معدن النحاس وتحاكي في نغماتها أصوات الأغلال وطرق الحديد التي كبلت العبيد منذ قرون في رحلتهم نحو البلدان المغاربية.





وأنشدت هند النعيرة على مقامات القناوة التقليدية ذات الأبعاد الروحية والطقوس الصوفية، حيث أبدعت في أداء أغنيات مثل "بانية" و"يا رسول الله نبي" و"فونغورو" و"فلاني حريزة" و"برمة للا سلطان نبي" و"مبرى مسكين" و"بابا ميمون" و"بحراوي مول الماء" و"ساندية" و"عائشة". وقد تميزت هذه الموسيقى بطابعها الاحتفالي في ظاهرها، لكنها تروي في باطنها قصصا ومعاناة لفئة بشرية لطالما كبلت أرجلها السلاسل والأصفاد، فكان هذا النمط الموسيقي محاكاة لقرقعة سلاسل العبودية ورنين الأصفاد وطرق الحديد.

وفي الندوة الصحفية التي تلت العرض، عبّرت الفنانة المغربية عن فخرها بالمشاركة في مهرجان الحمامات الدولي واعتبرته شرفا كبيرا أن تكون ضمن فعالياته في دورته 59. وتحدثت النعيرة عن صعوبات اقتحام المرأة مجال القناوة الذي وصفته بـ"العالم الذكوري"، مشيرة إلى أن عدد النساء الممارسات لهذا الفن لا يتجاوز اثنتين في المغرب، قائلة: "لكنّ المرأة المغربية اليوم تملك مكانة قوية وقدرة على الإبداع في مجالات عدّة وأنا من بين النساء اللواتي يسعين إلى تطوير هذا الفن وتأكيد أن للمرأة فيه مكانا مستحقا".

وأشارت إلى أن لها فرقتين الأولى تقليدية والثانية تمزج بين القناوة وأنماط موسيقية عالمية مثل الجاز والبلوز وتستخدم فيها آلات متعددة مثل الدرامز والكمان والباص والقيتار الكتريك والبيانو. وذكرت أنها قدمت عروضا داخل المغرب وخارجه وأنها اشتغلت على دمج القناوة مع الموسيقى الأندلسية تأكيدا على الطابع العالمي لهذا اللون الفني ومرونته في التفاعل مع أنماط موسيقية متنوعة.

كما بينت أن موسيقى القناوة روحانية وعاطفية تنفذ إلى القلب وتؤثر في الوجدان وأنها تسعى إلى الوصول برسالتها الفنية إلى الجمهور، مشيرة إلى احترامها الكبير لكل من سبقوها في هذا المجال وتطمح إلى نقل صورة مشرقة لهذا الفن. وأعربت عن سعادتها الكبيرة بزيارتها الأولى لتونس، مؤكدة أنها لن تكون الأخيرة. وقالت: "أتمنى أن أعود مجددا إلى هذا المهرجان العريق الذي يكبرني سنا ويشرّفني أن أكون ضمن برمجته".

وفي الجزء الثاني من السهرة، كان لقاء الجمهور مع الفنانة الجزائرية جازية ساطور التي اعتلت الركح بمرافقة ثلاثة عازفين على الغيتار والكمان والباتري. وقدمت عرضا هو الآخر نابض بالإبداع الحر والانفتاح على الموسيقى العالمية مع الحفاظ على الروح المغاربية المتجذرة.

بدأت جازية ساطور مسيرتها الفنية في سن الخامسة عشرة ضمن فرقة "قناوة ديفيزيون"، ثم التحقت لاحقا بالفرقة الفرنسية "تريب ميغ"، قبل أن تختار طريقا فنيا خاصا تمزج فيه بين موسيقى القناوة والراي من جهة، والـ"تريب هوب" والإلكترو من جهة أخرى. وقدّمت خلال عرضها أغان من ألبومها "أصوات" من بينها: "نغمة الرياح" و"انظر إلى الليل" و"طالب الأمان" و"ما دامني" و"لون الأيام" و"ذكريات" و"مسيرة".

وفي أغنية "إذا"، غنّت لفلسطين والمقاومة مندّدة بجرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة. وأهدت كلماتها إلى كل الشعوب المستضعفة. بينما اختتمت عرضها بأغنية "بلوز إلينوي" على إيقاعات البلوز الأمريكي كتعبير عن الحرية والعدالة وتذكير العالم بمحنة العبيد الأفارقة في طريقهم إلى العالم الجديد.

وفي الندوة الصحفية التي تلت العرض، تحدّثت جازية ساطور عن سعادتها بالمشاركة في مهرجان الحمامات الدولي مثنية على حرارة الاستقبال من الجمهور التونسي. وقالت: "منذ وصولنا شعرنا بحفاوة كبرى من التونسيين عموما والمهرجان مساحة اكتشاف حقيقية وجمهوره يملك شغفا للاستماع واكتشاف الجديد".

وتطرقت إلى مرجعياتها الموسيقية، قائلة إنها وُلدت في الجزائر ونشأت وسط تنوع موسيقي واسع بين البوب والموسيقى الكلاسيكية والموسيقى العربية والشعبية. وأضافت: "تأثرت كثيرا بما سمعته في طفولتي وما زلت أؤمن بأن الإبداع الفني يستمد من هذه الذاكرة". كما عبّرت عن ارتباطها الوثيق باللغة العربية مؤكدة أنها الحاضرة دائما في أغانيها لأنها اللغة التي تعبّر بها عن مشاعرها بصدق.

وتابعت كلمتها بالحديث عن ألبومها "أصوات" مبرزة أنه محاولة لرصد الأصوات التي تأتي من العالم وهي "أصوات المقهورين والمهمّشين والمحرومين من أراضيهم مثل الفلسطينيين واللاجئين في مناطق النزاع". وأضافت: "حاولنا أن نمنح هذه الأصوات حضورا واضحا كي لا تضيع في زحام الضجيج اليومي والإعلامي".

ويتواصل نبض الجمهور على الإيقاعات الموسيقية العالمية ضمن الدورة 59 لمهرجان الحمامات الدولي، إذ سيكون الموعد في سهرة الليلة 14 جويلية مع عرض الفنانة "نايكا" (هايتي/فرنسا) التي شقّت طريقها في عالم الموسيقى منذ الطفولة متأثرة بخلفيتها الثقافية المتنوعة بين أوروبا وإفريقيا والكارايبي. وتتميز موسيقاها بمزج البوب المعاصر مع الإيقاعات العالمية.


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 311753


babnet
*.*.*
All Radio in One