الحكومة المفتوحة في تونس... خطى متعثّرة في اتجاه التجسيد على أرض الواقع

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/620ce1590dad25.44943398_iejgfnqhomkpl.jpg width=100 align=left border=0>


وات - تحرير راقية سالمي - الحكومة المفتوحة، شعار رفعه سياسيون ومسؤولون في الدولة التونسية، دون فهم عميق لمقتضياته، بلغ، في أحيان كثيرة، حد الشعبوية، في الوقت الذي لم يرق فيه انضمام تونس إلى مبادرة شراكة الحكومة المفتوحة إلى مستوى التجسيد على أرض الواقع، ولم يتسن، إلى حد الان، تنزيل هذه المفاهيم ضمن برامج وإصلاحات قادرة على إحداث التغيير في المجالات المشمولة بها.

  فبرنامج الحكومة المفتوحة في تونس لم ينتج، وفق ما أقرت به عضو لجنة قيادة شراكة الحكومة المفتوحة، أسماء شريفي، خدمات ملموسة ولم يساهم في تحسين الوضع داخل الإدارات وفي العلاقات بين المواطن والإدارة، واكتفى إلى حد الآن، بالإسهام في التعريف ببعض المفاهيم والمصطلحات وتبسيطها وتعميمها على غرار الشفافية والتشاركية والمساءلة.





 والإشكال هيكلي بحت، يتجاوز تونس، حسب تقديرأسماء شريفي، فالحكومة المفتوحة فيها كما في باقي الدول الأخرى القريبة من الواقع التونسي، كرست نوعا من الشعبويّة والنخبوية إذ يتداول الجميع مبادىء الحكومة المفتوحة دون وعي بأهميتها أو بما تقدمه من فرص للتغيير، وظل هذا المصطلح، يراوح مكانه في مستوى النخب الذين "غنموا واستفادوا من الحكومة المفتوحة دون الأخذ في الاعتبار الكفاءات التي كانت قادرة على تغيير الواقع في اتجاه تحسين الخدمات وإشراك المواطن في اقتراح القرارات والاستراتيجيات.

ويدعو برنامج الحكومة المفتوحة، في الأصل، إلى النهوض بقيم ومبادئ لا يتم تطبيقها على أرض الواقع وهو ما خلق نوعا من عدم الثقة لدى المواطن بهذه المشاريع والبرامج ما يستوجب، وفق قولها، إصلاحا جوهريا وتوعية أكبر لاستعادة الثقة في الإدارة وبرامجها ومخططاتها.

 ويعتبر انضمام تونس سنة 2014 الى مبادرة "شراكة الحكومة المفتوحة" العالمية، تتويجا لانخراطها في مجال الحوكمة الرشيدة التي يترجمها العمل على ترسيخ الشفافية والمساءلة وحق النفاذ الى المعلومة ومشاركة المواطن في الشأن العام، والإطار الأمثل لمواصلة جهود الإصلاحات ، ودعم النزاهة في القطاع العمومي، ومقاومة الفساد، ودعم الشّفافية والمساءلة، وتحسين جودة الخدمات الإدارية، وإضفاء النّجاعة في التّصرف في الموارد الوطنية، بصفة تشاركية مع مختلف مكونات المجتمع المدني.

ويستوجب برنامج الحكومة المفتوحة صلب القطاع العام، اعتماد العديد من البرامج الإصلاحية التي تصب مجتمعة في خانة تطوير الخدمات العمومية والرفع من جودتها ودعم المقاربة التشاركية بين الادارة والمواطن والشراكة في مسارات اتخاذ القرارات العمومية، فضلا عن تعزيز قدرات العون العمومي وتثقيف المواطن للاستفادة من مبادراتها.

والتزمت تونس بذلك بتكريس مبادئ الحكومة المفتوحة التي تعتمد على التكنولوجيات المتقدمة لتعزيز الحوكمة وتقديم الخدمات، وأضحت بذلك جزءا لا يتجزأ من سياساتها الوطنية الإستراتيجية حيث أعدّت في هذا الخصوص خطط عمل وطنية كل سنتين (2014-2016 و 2016-2018 و 2018-2020 والحالية 2021-2023)


وسعينا ضمن هذا التحقيق للوقوف على مدى نمو الوعي العام بأهمية التوجه نحو الانفتاح الحكومي بأبعاده العريضة ومدى توفر الإرادة السياسية الفعلية لتحقيق ذلك وانخراط المواطن فيها، وتم لذلك الاعتماد على استبيان لتشخيص واقع الحكومة المفتوحة في تونس خلال سنة 2021


وقد تباين التشخيص واختلفت لمواقف بشأن اقع الحكومة المفتوحة ومدى الالتزام بالتعهدات التي قطعتها تونس ضمن خطط العمل الوطنية في المجال وآثار ذلك على علاقة الادارة والأعوان بالمواطن ومدى مساهمتها في إشراك المواطن وممثلي المجتمع المدني في وضع السياسات العامة، وتجلى ذلك في الحوارات المباشرة التي أجرتها معدة التحقيق مع عدد من المسؤولين الحكوميين بكل من وزارة المالية، وهيئة النفاذ للمعلومة، وممثلي المجتمع المدني الناشط في مجال الصناعات الاستخراجية كعينة للبحث. مبادرة معزولة عن محيطها المجتمعي

رغم الآمال التي علّقت على مسار الحكومة المفتوحة في تونس، وأهدافه الطموحة، كشفت نتائج الاستبيان الذي أنجزته معدة التحقيق، على عينة عشوائية من 100 مشارك من مختلف الفئات الاجتماعية والجهات، أن 82.2 من المستجوبين يرون أن هذا المسار، متعثّر وضعيف، في حين اعتبره 16.7 بالمائة متوسطا، ليذهب أغلبهم إلى الجزم بأن تنفيذ التعهدات في المجال يسوده نوع من البطء و"عدم الجدية"، وغياب الدعم السياسي والحكومي بسبب عدم الاستقرار الحكومي الناتج عن تعاقب الوزراء  ما انجر عنه ترحيل بعض الالتزامات من خطة عمل إلى أخرى في ظل غياب التناول الإعلامي لهذه الالتزامات للتعريف بها بين مختلف الأوساط الإجتماعية.

ولم يسجّل أثر أوصدى لهذه المبادرة من حيث الالتزام بها والمشاركة فيها سوى لدى فئة قليلة لم تتجاوز 7.9 بالمائة ممن لهم مصلحة ما في المجال كانت لهم تجربة خاصة مع المبادرة، حسب نتائج الاستبيان، التي أرجعتها، بالخصوص إلى ضعف التناول الإعلامي لهذه المبادرة ونقص التعريف بها وبما تحمله من آفاق لتغيير واقع العلاقة بين المواطن والادارة، حيث اقترح 60.4 بالمائة من المشاركين تكثيف الومضات التوعوية ومزيد ربط الصلة مع وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمكتوبة لتسليط الضوء على مستجدّات المبادرة.

المستجوبون اعتبروا من الضرورة بمكان تغيير الخطة الاتصالية المتبعة ومزيد العمل على تشريك الإعلام في مجال التعريف ووضع "ورقة مفاهيم" تشرح معنى الحكومة المفتوحة وتعرّف بمبادئها ومكوّناتها على أوسع نطاق لتحقيق تحوّل تونس نحوها وتعزيز عناصر الانفتاح والشفافية والتشاركية. 


أمّا بخصوص تمثّل مسألة التشاركية في وضع السياسات العمومية والتي تهم المواطن مباشرة وتستجيب لمطالبه وتطلعاته في مجال الحكومة المفتوحة، لم ير سوى 24.5 بالمائة من المستجوبين، أن هذا المبدأ من أولوياتهم ضمن محاور برنامج الحكومة المفتوحة ما يعكس إخلالات الخطة الاتصالية للبرنامج على مستوى تقديمه وشرح أهدافه ومبادئه والتوعية به.


وفي المقابل استأثرت القطاعات اللصيقة بالحياة اليومية للمواطنين على غرار الصحة والتربية والفلاحة باهتمام المستجوبين الذين طالبوا على اختلاف مشاربهم وبنسبة 85 بالمائة بفتح البيانات الخاصة بقطاعات الصحة والتربية، فالفلاحة بنسبة 77 بالمائة ثم الطاقة والمناجم بنسبة 74 بالمائة والبلديات بنسبة 69 بالمائة من المشاركين، وبدرجة أقل طالب 48 بالمائة بتوفير المعطيات المتعلقة بقطاع الأمن فالدفاع بنسبة 44 بالمائة، معتبرين أنها ستمكنهم من الإطلاع على هذه القطاعات وتقديم مقترحاتهم لبناء السياسات الوطنية في المجال.

الحكومة المفتوحة في تونس بخطى متعثّرة مقابل ضعف إلمام المواطنين بالحكومة المفتوحة، وفقا لمخرجات الاستبيان، تكسرت الطموحات المعلقة عليها على عتبة الاجراءات الإدارية المعقدة وغياب الإرادة السياسية وانعدام الاستقرار السياسي، رغم التجربة الثرية والمتقدمة التي سجّلتها وزارة المالية على سبيل المثال في مجال الحكومة المفتوحة على الصعيد الوطني والعالمي، والتي كانت سبّاقة على مستوى الشفافية المالية وتشريك المجتمع المدني لاسيما من خلال إحداث اللجنة المشتركة للشفافية المالية والحوكمة المفتوحة منذ مارس 2013 الرامية إلى تكريس مبدأ النفاذ إلى المعلومة ودعم الشفافية المالية وإرساء الحكومة المفتوحة، حسب ما أفاد به مدير عام في الهيئة العامة للتصرف في ميزانية الدولة بوزارة المالية ومدير عام الادارة العامة لحوصلة وتحليل النفقات، أسد الخليل.


وفي إطار تنفيذ تعهداتها ضمن شراكة الحكومة المفتوحة ولتيسير نفاذ المواطن إلى المعلومة المتعلقة بالميزانية، قامت الوزارة بإنشاء بوابة الميزانية المفتوحة "ميزانيتنا"، التي يتم العمل حاليا على تطوير نسخة جديدة منها ستكون جاهزة خلال السداسي الأول من سنة 2022. وهي تتضمن معطيات ومؤشرات مالية تخص ميزانية الدولة مبوبة حسب التقسيم الإداري (القطاع) وطبيعة النفقات ومجموعة من الرسوم البيانية، فضلا عن معطيات مفصلة لموارد ونفقات الدولة وحسابات الخزينة والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية، منذ سنة 2008، حسب ما أوضحه أسد الخليل.وشدد محدّث (وات) على أن الترخيص بنشر المعطيات والمعلومات بخصوص المالية العمومية والشفافية المالية، التي من اليسير العمل عليها وتوفيرها، هو بالأساس قرار سياسي وليس إداري ويبقى من مهام وزير المالية وحده، لافتا إلى أن الاستقرار السياسي وتواتر الوزراء وكبار المسؤولين بالوزارة يظل من أبرز العوائق التي تحول دون التقدم في مجال الشفافية والحوكمة وفقا للأهداف المرسومة لها مسبقا.

وفي ما يتعلق بحقّ النفاذ إلى المعلومة، كمكوّن من المكونات الأساسية للحكومة المفتوحة، أفاد رئيس هيئة النفاذ الى المعلومة بالنيابة، عدنان الأسود، بأنه كانت للهيئة تعهدات في خطط العمل الوطنية السابقة لشراكة الحكومة المفتوحة أنجز العديد منها ولازال بعضها طور الانجاز، مُرجعًا هذا التأخير الذي وصفه ب"البسيط"  لقلة الموارد البشرية حيث أنه لا يتفرّغ للعمل بالهيئة سوى رئيسها ونائبه، فيما يقتصر حضور بقية الأعضاء على يوم الاجتماع، وهي من الإشكاليات التي تلقي بظلالها على مستوى الإيفاء بتعهّدات الهيئة، حسب تقديره.

وشدّد على التزام الهيئة بالإيفاء بمختلف تعهداتها في أفق سنة 2023، ولن يتمّ ترحيل أيًّ منها إلى خطة العمل الوطنية الخامسة التي ستشهد تعهدات جديدة.  
من جهتها، أفادت ممثلة منظمة "أنا يقظ" عضو مجلس أصحاب المصلحة في مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية ، منذ 2018، منال بن عاشور، أن قطاع الصناعات الاستخراجية في تونس يشوبه انعدام الثّقة لاسيما بخصوص نشر المعطيات والمؤشرات، غير أن انضمام تونس إلى مبادرة شراكة الحكومة المفتوحة وما تضمنته خطة العمل الوطنية الأولى من تعهدات في هذا المجال كللت سنة 2016 بنشر عدد هام من عقود النفط ضمن قاعدة البيانات المفتوحة لوزارة الطاقة والمناجم، كانت حسب تقديرها، من الخطوات الهامة نحو تكريس مزيد من الشفافية في القطاع.

أما باقي التعهدات، فلا زالت ترحّل، حسب قولها، من خطة إلى أخرى ولا سيما تعهد الانضمام إلى المبادرة العالمية للشفافية في الصناعات الاستخراجية، الذي تسعى إليه تونس منذ سنة 2012 لما فيها من ايجابيات أهمها تعزيز التشاركية بين المواطن والإدارة على مستوى توفير الأرقام والمعطيات التي ستنشر ضمن هذه المبادرة بمشاركة الحكومة والشركات الخاصة، وممثلي المجتمع المدني الناشط في المجال، والذي سيوكل له تبسيط هذه المعطيات وتقديمها للمواطن وخاصة المجتمع المحلّي، فضلا عن توفير بيئة استثمارية مشجعة تساعد في تحسين الأوضاع الاقتصادية والتنموية بالبلاد وخلق مواطن الشغل.
 وعزت بن عاشور تعطّل انضمام تونس إلى هذه المبادرة إلى انعدام الدعم السّياسي اللازم، وإلى تراخي الحكومات المتتالية والشركات الناشطة في المجال، رغم التعهدات التي قطعتها الحكومة التونسية على المستوى العالمي، والتي ظلت حسب قولها " مجرّد وعود زائفة لم تجد طريقا للتنزيل على أرض الواقع "، مذكّرة بجهود المجتمع المدني خلال الفترة بين 2012 و 2018 في الضّغط من أجل تعيين سلطة الاشراف والشركات الناشطة في المجال ممثليهم لإحداث مجلس أصحاب المصلحة.

ولفتت إلى أنّه بسبب عدم تكليف الأعضاء بشكل رسمي من قبل الحكومة لعدم إدراجهم بالرائد الرسمي أو بقانون أساسي لم يسجّل أي تقدّم في الملف، داعية، في هذا السّياق، إلى ضرورة تعيين مسؤول رفيع المستوى لقيادة ملف الانضمام إلى مبادرة الشّفافية في الصناعات الإستخراجية لتثمين ما تحقّق في هذا المجال وحتى لا يبقى هذا الملف محل تجاذب.
هذا التعثر على مستوى الإيفاء بالتعهدات التي قطعتها الحكومات المتعاقبة في مجال الحكومة المفتوحة، لقي صداه في تقييم ممثلة الجمعية التونسية للمراقبين العموميين، منى مكي، التي شددت على تباين نسق تقدم تنفيذ مختلف التعهدات، مقدّرة أن الإرادة الجماعية تتجه نحو توفير مختلف الظروف الملائمة والإمكانيات المتاحة لإنجاح هذا البرنامج، لما فيه من آثار إيجابية على المستويين الوطني والمحلي ولما تكرسه خطط العمل من مبادئ الإنشاء والخلق المشترك.
تعثّر وبعد لقد سجّل جميع المستجوبين في هذا التحقيق، تعثّر مسار الحكومة المفتوحة، وأعادوه لأسباب عدّة أهمها غياب الإرادة وعدم الاستقرار الحكومي الذي جعل من تواتر الوزراء عائقا لتقدمه في عديد القطاعات، إذ اعتبرت رئيسة الجمعية التونسية للحوكمة المحلية، عائشة قرافي، أن الإشكال الأكبر في مسار الحكومة المفتوحة في تونس، غياب الدعم والالتزام الحكومي بخطط العمل الوطنية ضمن المبادرة المذكورة لانعدام استقرار الحكومات التي تتالت منذ الثورة وتقطع فترة عملها بما لايسمح للوزراء بالإطلاع على سير عمل الوزارة وإداراتها وخطط عملها بما يسمح لهم بدعم ومتابعة فرقهم العاملة على انجاز التعهدات التي التزموا بها ضمن خطط العمل الوطنية.  ويضاف إلى ذلك غياب الموارد المالية، الذي يجعل من الإدارات التونسية، حسب قولها، رهينة توفر دعم مالي لإنجاز عملها، في الوقت الذي تخصّص بلدان أخرى ميزانية لتنفيذ المبادرة ومتابعة نسقها، فضلا عن نقص الموارد البشرية ( عدم تفرغ العناصر العاملة في المجال). وإضافة إلى غياب الدعم الحكومي والسياسي وتعدد الحكومات، ساهم عدم الاستقرار الهيكلي لوزارة الطاقة وتتابع المسؤولين وجمع الوزارات وفصلها لأكثر من مرة، وخاصة غياب الدعم المادي والبشري لخلية الادارة الالكترونية برئاسة الحكومة المكلفة بمتابعة تنفيذ تعهدات الحكومة التونسية ضمن خطط العمل الوطنية الثانية والثالثة لشراكة الحكومة المفتوحة، في تعثر المسار على مستوى مراجعة مجلتي المناجم والمحروقات بالاعتماد على معيار التعاقد المفتوح، مثلا، وفق ما أفاد به رئيس مكتب معهد حوكمة الموارد الطبيعية، مكتب بتونس، وسام الهاني.

 وأكد الهاني أن بطء نسق الإنجاز وعدم الجدية في تنفيذ التعهدات من شأنه أن يمسّ من مصداقية تونس ويتسبب في خسارة موقعها ضمن المبادرة، ما قد يحدّ من آفاق الاستثمار، مقترحا، في هذا الخصوص، تكليف شخصية برتبة وزير لمتابعة هذه المبادرة والتنسيق بين مختلف مكوناتها ، ومراجعة النصوص القانونية وتشجيع الادارات والوزارات المتبقية للانضمام لهذه المبادرة، والحرص على الالتزام بتنفيذ التعهدات في خطوة لدعم مسار الحكومة المفتوحة في تونس وتشريك المواطن والمجتمع المدني في اقتراح تصورات وإصلاحات حسب الاحتياجات والانتظارات المستقبلية من الادارة التونسية. ولتجاوز الاشكاليات المطروحة في مسار التحول نحو الحكومة المفتوحة، على مستوى وزارة  المالية، اقترح أسد خليل، ضرورة العناية بالنظام المعلوماتي للوزارة وتخصيص فريق إداري قار يتكون من ممثلين عن الإدارت المعنية، تعهد له مسألة الإشراف على إعداد كل المعطيات والمعلومات التي تهم المالية العمومية لنشرها على موقع الميزانية المفتوحة "ميزانيتنا" ووضعها على ذمة كل طالب للمعلومة للإطلاع عليها وإعادة استغلالها كل في مجال تخصصه حسب ما تقتضيه مبادئ الحكومة المفتوحة،  مشددا على ضرورة استبدال هذا النظام المعلوماتي، بآخر يعتمد على تكنولوجيات متطورة ويتضمن كافة عناصر المنظومات التي تعنى بموارد ونفقات الدولة والنظام المعلوماتي. ومن جهته، دعا رئيس هيئة النفاذ للمعلومة بالنيابة، عدنان الأسود،  إلى ضرورة التسريع في استكمال الإطار التنظيمي للهيئة وإصدار الأوامر الترتيبية التي نصّ عليها القانون بما من شأنه أن يعزّز مواردها البشرية واللوجستية لمواجهة الكم الهائل من العمل. وخلص مدير البرامج في الجامعة الوطنية للبلديات التونسية وممثّلها في فريق القيادة بشراكة الحكومة المفتوحة خطة العمل الرابعة (2021-2023)، بلال المناعي، إلى أن الخطوات الهامة المحققة في مبادرة شراكة الحكومة المفتوحة في تونس لا سيما على المستوى التشريعي والقانوني، لم يصاحبها تقدم في مستوى التطبيق، مسجّلا عديد الهنات والصعوبات على غرار عدم جاهزية الإدارات العمومية للرقمنة والانفتاح والحوكمة الرشيدة، وضعف أو عدم تطبيق بعض القوانين ذات الصلة ( مثل النص القانوني المتعلق بالبيانات المفتوحة) في عديد الإدارات والوزارات، بالإضافة إلى محدودية فاعلية المنصات التشاركية على غرار ء-مواطن  وبوابة المشاركة العمومية و الشكاوى لارتباطها بثقافة استعمالات المواطن للتكنولوجيا وبثقته الضعيفة في المؤسسات العمومية بصفة عامة وانعدامها في الوسائل الالكترونية للسلطات العمومية بصفة خاصة.
 
وأبرز، في هذا السياق، أهمية أن تحظى الحكومة المفتوحة بدعم سياسي وحكومي أكبر وإيلائها العناية والأولوية اللازمة من أعلى هرم السلطة، الى جانب تحديث المنظومات المعلوماتية التي تجاوزها الزمن، وتعزيز منظومات الترابط والتقاطع بين مؤسسات الدولة بما من شأنه تطوير المنظومات الادارية وحسن تصرف المؤسسات العمومية                                                        . 
ورغم تقاطع مقاصد الحكومة المفتوحة مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة من حيث قدرتها على تسريع الجهود المبذولة للقضاء على الفقر وتحسين الخدمات الصحية وتحقيق الرفاه، على اعتبار أن الانفتاح والشفافية، كأهمّ ركائز للحكومة المفتوحة، يمكنان من الرقابة على إنفاق المال العام خاصة في المشاريع التنموية الوطنية الرامية إلى تحسين حياة المواطنين، إلا أن اندماج المجتمع المدني والمواطنين بقي دون المنشود وظلت هذه المبادرة مجهولة تقريبا بين مختلف الفئات الاجتماعية.

 أنجز هذا التحقيق في إطار دعم صحافة البيانات  في تونس وهو جزء من مشروع برنامج دعم الحكومات الفرنكوفونية المفتوحة بالشراكة مع الوكالة الفرنسية لتنمية وسائط الإعلام وبدعم من الوكالة الفرنسية للتنمية والوكالة الفرنسية للخبرة الفنية الدولية .


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 241164


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female