عدول التنفيذ يُحذّرون من تغييب التوازن التشريعي ويُطالبون بحماية خصوصيات المجتمع في قانون عدول الإشهاد

عبّر كريم بن عربية، عميد الهيئة الوطنية لعدول التنفيذ، عن تحفّظات مبدئية وجوهرية إزاء عدد من فصول مشروع القانون الأساسي المتعلّق بتنظيم مهنة عدول الإشهاد، المعروض على لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب، مشيرًا إلى ضرورة إخراج النقاش من التجاذب القطاعي نحو المصلحة العامة والمرفق العدلي الوطني.
الموقف الرسمي: لسنا ضد التنقيح… ولكن
الموقف الرسمي: لسنا ضد التنقيح… ولكن
وأوضح كريم بن عربية أنّ الهيئة لا تعارض من حيث المبدأ إصدار قانون جديد يُنظّم مهنة عدول الإشهاد، بل إنها تدعو إلى أن يكون هذا المشروع مبنيًا على معايير علمية وتشريعية دقيقة، ويأخذ في الاعتبار خصوصية المجتمع التونسي، وتوازن المنظومة القضائية، بعيدًا عن الاستنساخ الأعمى لتجارب مقارنة.
وأضاف أنّ الهيئة راسلت رسميًا مجلس نواب الشعب وقدّمت رأيًا مكتوبًا مدعومًا بتحليل قانوني ومؤسساتي عبر مجلسها الوطني ومركز دراساتها.
رفض مبدأ “الاختصاصات الحصرية” لعدل الإشهاد
أبرز عميد عدول التنفيذ أنّ من بين النقاط الخلافية الأساسية في مشروع القانون، ما جاء في الفصل 26، والذي يمنح عدل الإشهاد اختصاصات حصرية في تحرير عدد من العقود وتوثيق جلسات الجمعيات والنقابات والشركات. واعتبر أنّ احتكار هذه المهام يمثّل مساسًا بمبادئ مجلة الالتزامات والعقود، ويُلغي دور الكاتب الخطي ويُثقل كاهل المواطن.كما أشار إلى أن القانون المقترح يمسّ من التوازن بين المهن القضائية، ويجب أن تتم صياغته في إطار تشاوري عادل بين مختلف المتدخلين في المرفق العدلي، مع استحضار البعد الاجتماعي والاقتصادي.
التحفّظ الأكبر: الطلاق الرضائي لدى عدل الإشهاد
عبّر بن عربية عن معارضة الهيئة الصريحة لما جاء في القانون من تمكين عدل الإشهاد من إبرام الطلاق بالتراضي خارج المحكمة. واعتبر أن في ذلك إلغاءً للدور القضائي والحكمي في حماية الأسرة والطفولة والمرأة، مؤكدًا أن مؤسسة القضاء تبقى الضامن الأساسي لتماسك العائلة وحماية حقوق الأطراف الضعيفة في علاقة الطلاق.وأضاف أن هذا الفصل لا ينسجم مع طبيعة المجتمع التونسي، داعيًا إلى عدم استيراد نماذج قانونية أجنبية دون مراعاة الخصوصية الوطنية.
إجراءات ردعية مُقلقة للمواطن
توقّف بن عربية عند الفصل 66 من مشروع القانون، والذي ينصّ على إلزام المواطن الذي يرغب في التظلّم من عدل إشهاد بدفع ضمان مالي قدره 10 آلاف دينار، لا يُسترجع إلا في صورة الإدانة القضائية. واعتبر أن هذا الإجراء يُمثّل حاجزًا أمام الحق في التقاضي ويخالف مبدأ العدالة والشفافية.دعوة لتشريع متوازن يخدم المتقاضي
وشدّد ضيف جوهرة على أن الهيئة لا تقف ضد تطوير مهنة عدول الإشهاد، لكنها تدعو إلى قانون منصف، يُكرّس مبدأ المرفق العدلي المتكامل، ويحترم خصوصية كل مهنة قضائية. وأكّد أن الهدف الأسمى هو خدمة المواطن والمتقاضي، وليس التنازع حول الصلاحيات.وفي رسالة موجهة إلى النواب والرأي العام، دعا كريم بن عربية إلى سن تشريعات متوازنة ومسؤولة، تنأى عن التجاذبات وتُكرّس المصلحة العامة وتحصين المؤسسات، مذكّرًا بأن أي إصلاح يجب أن يتم في إطار الاحترام المتبادل بين المهن القضائية، وبمشاركة كل الفاعلين في منظومة العدالة.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 308563