راضية الجربي: "علاش نطلقو عند عدول الإشهاد؟ نكتبو اتفاق ونمضيو عليه في البلدية بدينار!

عبرت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، راضية الجربي، في تصريح لإذاعة أكسبريس أف أم، عن رفضها الشديد لمقترح مشروع القانون الذي تقدّم به عدد من النواب والمتعلق بإمكانية إجراء الطلاق بالتراضي دون المرور عبر القضاء، معتبرة أن هذا المقترح يضرب مؤسّسة الأسرة ومجلة الأحوال الشخصية في عمقها، ويمثّل تمييعاً خطيراً لقيمة الزواج.
وفي إطار فقرة "الشارع التونسي"، وصفت الجربي المقترح بـ"النكسة القانونية"، وقالت إن المشروع الذي يُخوّل لعدول الإشهاد تولّي مهام القاضي في توثيق الطلاق يتغاضى تماماً عن مسؤولية الدولة في حماية المرأة والأسرة والطفل، مضيفة:
وفي إطار فقرة "الشارع التونسي"، وصفت الجربي المقترح بـ"النكسة القانونية"، وقالت إن المشروع الذي يُخوّل لعدول الإشهاد تولّي مهام القاضي في توثيق الطلاق يتغاضى تماماً عن مسؤولية الدولة في حماية المرأة والأسرة والطفل، مضيفة:
"ما يحدث هو تكريس لعقليّة تُسهّل فكّ رابط الزواج كما لو كان عقد بيع أو كراء، دون أي اعتبار لتداعيات الطلاق على الزوجين، وخاصة على الأطفال".
نسب الطلاق تكشف الواقع
أشارت الجربي إلى أن الطلاق بالتراضي يُمثّل اليوم أعلى نسب الطلاق في تونس، وفق آخر أرقام وزارة العدل لسنة 2022، وهو ما يعكس وفق قولها إمّا وعياً من الأزواج بعدم جدوى الاستمرار، أو إكراهاً اقتصادياً واجتماعياً يقع على كاهل النساء يدفعهنّ للقبول بشروط مجحفة في سبيل الطلاق دون معركة قضائية مرهقة.وأضافت:
"في عديد الحالات، يُجبر الزوج زوجته على الطلاق بالتراضي مقابل تنازلات مالية أو اجتماعية... المرأة هي الحلقة الأضعف، وغالباً ما تُدفع للتنازل للحفاظ على الحد الأدنى من الكرامة أو من أجل أبنائها".
ضرب لمجلة الأحوال الشخصية والدستور
رأت رئيسة الاتحاد أنّ المشروع يهدد ما وصفتها بـ"منجزات تاريخية" لتونس مثل مجلة الأحوال الشخصية التي ناضلت من أجلها أجيال من النساء والرجال على حد سواء.وقالت:
"المبادرة هذه لا دستورية... وتُقصي دور القاضي الذي يضطلع بمهام الصلح والتأمل قبل النطق بالطلاق... وهي تتجاهل أيضاً مصلحة الطفل الفضلى، المنصوص عليها في مجلة الطفولة".
المرأة في تونس مازالت هشّة
انتقدت الجربي بشدّة استمرار الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين الجنسين، معتبرة أن الوضع الاقتصادي للنساء في تونس، خاصة في الوسط الريفي، لا يزال "هشاً إلى درجة مخيفة"، مشيرة إلى أن:* أكثر من 70% من العاملات في الفلاحة من النساء.
* نسبة تملّك النساء للعقارات لا تتجاوز 0.5%.
* نسبة امتلاك المصانع لا تتجاوز 1.5%.
وأضافت:
"في ظل هذا التفاوت، من غير المنطقي الحديث عن مساواة كاملة في اتخاذ قرار الطلاق... لأن الكفّة غير متوازنة أصلاً".
"
وأعربت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، راضية الجربي، عن رفضها القاطع لمقترح مشروع القانون المتعلق بإجراء الطلاق بالتراضي خارج أروقة القضاء، وتحديدًا عن طريق عدول الإشهاد.
وفي لهجة نقدية واضحة، قالت الجربي:
"علاش نطلقو عند عدول الإشهاد؟ نكتبو اتفاق ونمضيو عليه في البلدية بدينار!"في إشارة ساخرة إلى ما اعتبرته تبسيطًا مفرطًا وإفراغًا لمؤسسة الزواج من مضمونها القانوني والاجتماعي.
وأضافت أن هذا التوجّه القانوني المقترح يُعدّ ضربًا لمؤسسة الزواج، وللدستور، ولمجلة الأحوال الشخصية التي تُعدّ مكسبًا وطنياً ناضلت من أجله أجيال من النساء والرجال في تونس.
وأكدت أن القضاء يضطلع بدور حاسم في حماية الأسرة عبر محاولات الصلح ومراعاة مصلحة الأطفال، مشيرة إلى أن نقل هذا الملف إلى عدول الإشهاد يفتح الباب أمام التسرّع، التمييع، والظلم، خاصة في حق النساء.
وختمت بالتأكيد أن الاتحاد الوطني للمرأة سيتصدى بكل الوسائل القانونية والمدنية لهذا المقترح، قائلة:
"الزواج مش عقد تجاري نلغيه باتفاق طرفين... بل مؤسسة اجتماعية تستوجب حماية قانونية حقيقية".
دعوة للتريث
ختمت الجربي بالتأكيد على أن الاتحاد الوطني للمرأة التونسية سيتصدى لهذا المقترح، قائلة:"مشروع الطلاق خارج المحاكم خطوة خطيرة... وسنقوم بكل الجهود القانونية والمدنية لوقفه. القضاء هو الإطار الطبيعي لأي عملية طلاق، حماية للمرأة والطفل والأسرة بأسرها".
وأعربت في النهاية عن دعوتها إلى فتح حوار وطني حول أسباب ارتفاع نسب الطلاق في تونس، منبهة إلى أن الأسباب المادية والنفسية والثقافية مازالت تلعب دوراً رئيسياً في تفكك الأسر.
وكان مشروع قانون جديد لتنظيم مهنة عدول الإشهاد أثار جدلًا واسعًا في الأوساط القانونية، بين مطالب بتحديث الإطار القانوني للمهنة ورفض من قبل هيئة المحامين التي عبّرت عن تخوفات من تداخل في الاختصاصات.
وفي هذا السياق، أكد كمال بن منصور، رئيس اللجنة الوطنية لمتابعة القوانين المتعلقة بعدالة الإشهاد، خلال استضافته في برنامج Eco Mag على إذاعة إكسبريس أف أم، أن المشروع يهدف إلى تحيين الإطار القانوني المنظم للمهنة، والذي يعود إلى سنة 1994، بما يواكب التطورات المجتمعية والاقتصادية والقانونية في البلاد.
وأوضح بن منصور أن القانون الجديد يسعى إلى:
* تعزيز دور عدول الإشهاد في توثيق العقود الرضائية كعقود الزواج والتوكيلات والهبات والطلاق بالتراضي.
* ترسيخ مفهوم العقد الرسمي كوسيلة لحماية الإرادة الحرة للمتعاقدين وضمان الأمن القانوني.
* تطوير مؤسسة العقد في تونس، بما يساهم في تدعيم مناخ الاستثمار وتحسين تصنيف البلاد في مؤشرات الحوكمة القانونية.
في المقابل، أعربت هيئة المحامين عن تحفظها الشديد على مشروع القانون، واعتبرته "عبثًا قانونيًا"، محذرة من أنه قد يؤدي إلى المساس باختصاصات المحامين، خاصة في ما يتعلق بإبرام عقود الطلاق بالتراضي.
وترى الهيئة أن بعض الصلاحيات التي يُفترض أن يمنحها القانون الجديد لعدول الإشهاد تتداخل مع المهام التي يقوم بها المحامون، وقد تفتح المجال لتجاوزات تمسّ بمكانة المرأة أو بحقوق المتقاضين، وهو ما دفعها إلى المطالبة بسحب المشروع.
ردّ عدول الإشهاد: لا وصاية قانونية ولا تداخل في الاختصاص
وفي رده على هذه الانتقادات، شدد بن منصور على أن مهنة عدول الإشهاد مستقلة ومتميزة عن مهنة المحاماة، وأن الحديث عن تداخل بين الاختصاصات "مجرد مغالطات".وقال إن عدول الإشهاد لا يمارسون مهام المرافعة أو الدفاع أمام المحاكم، بل يقتصر دورهم على توثيق العقود الرسمية بشكل حيادي، وفق ما هو معمول به في الأنظمة القانونية المقارنة.
ودعا بن منصور إلى احترام مبدأ التعدد والتكامل بين المهن القانونية، مؤكدًا أن الهدف من مشروع القانون هو تعزيز الثقة في التعاقدات الرسمية، وليس الدخول في منافسة مع المحامين.
وختم بتأكيد أن اللجنة الوطنية مستعدة للنقاش الجدي مع جميع الأطراف، شرط أن يكون الحوار في إطار احترام المهن القانونية وعدم فرض الوصاية على مهنة عدول الإشهاد.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 308158