السّياسة و التّياسة

بقلم / منجي بــــاكير
لامني بعض الأصدقاء و المتابعين عن غيابي الفائت في مجال الكتابة و إعمال القلم ، كذلك نفس ما لاحظته من كثير من الأقلام المعنيّة بالشأن العام التي انكفأت و قلّ حرفها و
ندر إلاّ من بعض الفلتات هنا و هناك ،،، و هذا أمر طبيعي و نتيجة حتميّة للفراغ الذي أصبح يلفّ المشهد السياسي هذه الأيّام و خواء الحراك الجدّي في التعاطي مع الشؤون الدّاخليّة و الخارجيّة للبلاد ، بل إنّ انعدام الفعْل السياسي هو السّمة المسيطرة ، كانّما توقّفت كلّ دواليب السياسة في هذه البلاد و اختفى كلّ من أوكل لهم أدارتها و تسييرها . فعن أيّ شيء ستكون الكتابة و أيّ جدوى ستحمله وسط و إزاء هذه السّفسطة بل هذا الفراغ ...
لامني بعض الأصدقاء و المتابعين عن غيابي الفائت في مجال الكتابة و إعمال القلم ، كذلك نفس ما لاحظته من كثير من الأقلام المعنيّة بالشأن العام التي انكفأت و قلّ حرفها و

لم يبق إلاّ تحرّكات إعتباطيّة استعراضيّة لبعض مسميات الوظائف العليا هنا و هناك أجبرتها بعض الظروف المناخيّة أو ذروة الإحتجات الشعبيّة فهبّت مكرهة على عين المكان لذرّ الرماد في العيون و بيع الأوهام لتطييب الخواطر و تأجيل الحلول الجذريّة لعبًا على عامل الزّمن أو احتمال تغييرات في التشكيلة القائمة لترحيلٍ مجدّد و تأجيل مجدّد و انتظارات مجدّدة ....
مجلس نوّاب أضاع الشّعب من أمواله و ووقته الكثير لتنصيبه بُغية التعويل عليه في صنع آماله و خدمة مصالحه ،غير أنّه آثر أن ينخرط في مجادلات بيزنطيّة تنمّ عن تخلّف في التعاطي مع الشؤون العامّة و انحدار في ماهيّة و مفهوم العمل النيابي لديه لتحلّ عند جلّ شاغلي قبّة البرلمان رغبات جامحة في البحث عن مصالح شخصيّة ضيّقة و السعي إلى تملّك السيطرة المطلقة على القرارات لتحويلها من صالح الشّعب إلى أجندات خاصّة أو حزبيّة أو لتعزيز نرجسيّة واهية .
مشهد سياسي غوغائي لم يحافظ إلاّ على المسمّى ،، يشغله خليط من الشّخوص لا يتقنون الفعل السياسي على أصوله و بمقتضياته ، إضافة إلى ارتهانهم لأحزابهم و ولاءاتهم و كذلك لمصالحهم الذّاتيّة ممّا يجعلهم قاصرين عن الحركة الفعليّة و إحداث التغيير فضلا عن عدم تقديم الإضافة و التحرّك بالبلاد و العباد إلى مستويات أفضل إقتصاديّا ، إجتماعيا و حتّى سياسيّا.
بالموزاة تشهد البلاد ركودا واضحا لمختلف تشكيلات المجتمع المدني ، و لم يظهر من القائمين عليها و لا الناشطين فيها أيّة بوادر و لا مؤشّرات على تحمّل مسؤولياتها الإستثنائيّة بل إنّها لم تتوصّل بعد إلى اتّخاذ أمكنتها المفروضة في دورة الحياة الإجتماعيّة و لم تبد أيّ نيّة (واضحة ) في تبيان معالم أنشطتها و مسار اشتغالها ممّا خلق شبه أزمة ثقة بينها و بين مواطنيها و ربّما حتّى يأسا من جدوى و فاعليّة تواجدها و تأثيرها إيجابا في الحياة العامّة ....
نحن نمرّ بزمن التوافقات المشبوهة و الصفقات المصلحيّة و تنفيذ الأجندات و الضغوطات و الإنحناء للإملاءات و لم نصل بعد إلى استراتيجيّة واضحة تقوم على الإخلاص لهذا الوطن و تنبني على أسس علميّة و عمليّة تعمل على زحزحة و حلحلة الواقع الرّاهن للدّفع نحو الأفضل و لو بعد حين ،،، و لهذا كان المشهد السّياسي و ما يتّصل به مشهدا مشوّها غوغائيّا و اعتباطيّا ، وسيضلّ كذلك إلى أن يفيء الجميع إلى العنوان الأكبر و الأوحد وهو المصلحة العليا للوطن التي يجب أن تنتفي معها كلّ شذوذات الترضيات و التوافقات و الصفقات . سيضلّ كذلك إلى أن يبتعد الحراك السياسي عن شغل التياسة و يحترف عيْنَ السّياسة .
Comments
3 de 3 commentaires pour l'article 101007