حمل الاسرائيليون معهم الي مؤتمر ديربان حاييم وادنا

حمل الاسرائيليون معهم الي مؤتمر ديربان حاييم وادنا ابراهام، والدي الجندي بيني الذي خطفه حزب الله مع جنديين آخرين. وحمل الفلسطينيون معهم جمال الدرة، والد الطفل محمد الذي قتل برصاص الجنود الإسرائيليين امام كاميرا التلفزيون وهو يحاول الاختباء وراء أبيه. ولعل الفرق بين جندي مخطوف وطفل قتيل هو الفرق بين إدانة إسرائيل والانتصار للفلسطينيين في المؤتمر المناهض للعنصرية.
مع ذلك، فقد قرأت الصحف الإسرائيلية يوماً بعد يوم، ولم اقرأ حرفاً واحداً يشير الي هذا الفرق، فالإسرائيليون اختاروا العودة الي معزوفة ممجوجة عن ان العالم يكرههم لأنهم يهود، لا لأنهم يقتلون الأطفال، أو لأن إسرائيل دولة استعمارية محتلة.
هناك عدد كبير من الإسرائيليين الأذكياء جداً أو المثقفين ثقافة عالية، ومع ذلك فهم اختاروا مجرماً ليقودهم. وقد اعتبرت ذلك في حينه نوعاً من الجنون الجماعي، فالألمان اختاروا هتلر يوماً. غير انني أكتب وقد انتهيت من قراءة نقاش أدارته جريدة يديعوت اخرونوت ، بين ستة من ابرز العقول الإسرائيلية. ووجدت ان اخطاء الغالبية الإسرائيلية تتكرر مع أفراد، كل منهم استاذ جامعي كبير، وخبير معروف في حقله المختار. وهم تراوحوا بين الصواب والخطأ، وعرضوا اسبابهم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، إلا ان أحدهم لم يملك الشجاعة الأدبية والأخلاق ليقول بوضوح ان السبب الأول والأخير للعنف هو الاحتلال المستمر. بل لم يفهموا وهم يحذرون من الاستعلاء والفوقية في التعامل مع الفلسطينيين، ان كلامهم عن الجزرة والعصا للتعامل مع شعب تحت الاحتلال هو الغطرسة النازية خالصة كاملة، فمثل الجزرة والعصا هو لحمار راكبه يدلي امامه جزرة علي طرف خشبة، ويلهب ظهره من خلف بعصا، ليحثه علي السير، إما ليأكل الجزرة، أو لينجو من الضرب.
علي كل حال، سأختار من كلام الأساتذة عبارات ارجو ألا تكون مبتسرة وخارج السياق، وسأترك بعضها من دون تعليق، وأعلق علي بعض آخر. وهكذا يقول الأساتذة:
- بعد ان اطلعت علي الموضوع (اغتيال ابو علي مصطفي) قررت ان إسرائيل لم ترتكب جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، بل علي العكس فإجراؤها يضمنه التعريف القانوني للدفاع عن النفس .
وأقول: إن البروفسور صاحب هذا الكلام متهم مع حكومته، ولا يستطيع ان يكون القاضي في قضية هو المتهم فيها، لذلك افضّل قبول رأي عشرات من الخبراء العالميين، الذين دانوا إسرائيل.
- (الرئيس ياسر) عرفات اخطأ عندما اعتقد ان أي رئيس اميركي بعد كلينتون، خصوصاً بوش، سيكون ميالاً الي الفلسطينيين. المسألة ليست فلوريدا، بل ايديولوجية .
وأقول: إنها مالية. والرئيس الأميركي، سواء كان كلينتون او بوش أو غيرهما، ميال الي مال اليهود الأميركيين ونفوذهم.
- عرفات اخطأ مرتين عندما اعتقد ان عزيمتنا اقل بعد الانسحاب من لبنان، وعندما اعتقد انه سيستثير العالم كما حدث مع افعال ميلوشيفيتش في كوسوفو .
وأقول: إن العالم ثار علي جرائم اسرائيل كما أثبت مؤتمر ديربان، اما العزيمة فننتظر ان نري من سيتراجع اولاً.
- بالنسبة الي السؤال من هو عرفات وإلي أية درجة مسؤول عن العنف؟ نجد انه مضطرب ومختل عقلياً .
وتعليقي: إنه لو سلم القدس والمسجد الأقصي لأصبح اينشتاين زمانه في نظر الأستاذ.
- نحن نواجه صراع حضارات .
- أفضل ان اتحدث عن ثقافتين مختلفتين. نحن في إسرائيل نسأل انفسنا باستمرار اذا كنا الملومين في هذا الوضع. اما الفلسطينيون فليس عندهم مثل هذه القدرة، وهم لا يعتبرون انهم مسؤولون عن شيء .
وأقول: إنه لم يبق سوي ان يحملوا مسؤولية الاحتلال الإسرائيلي وتبعاته.
- كيف تفاوض رجلاً لا يعرف الفرق بين الحقائق والأكاذيب؟ عرفات يوزع الأكاذيب يميناً ويساراً .
وأقول: ان آرييل شارون اكذب منه، وبشهادة بن غوريون فيه، وهي شهادة مسجلة.
- عرفات ديكتاتور سيجلب المصائب علي شعبه، والقيادة الفلسطينية حوله تتبعه، وهو عقبة في سبيل التفاوض مع الفلسطينيين .
وأقول: إنه حتي لو كان هذا صحيحاً فالعقبة تبقي الاحتلال، ثم ان عرفات يريد التفاوض إلا ان شارون يضع شروطاً تعجيزية له.
- إذا لم نتفاوض مع عرفات فسيأتي واحد أسوأ منه .
- هناك مثل اميركا واليابان في الحرب العالمية الثانية، فبعد ان هزمت اليابان تحولت الي دولة صناعية حديثة تريد السلام .
- الأميركيون اعادوا تثقيف الشعوب التي هزموها في اليابان وألمانيا والثقافة السابقة محيت .
وأقول: ان هذا ما يريده الإسرائيليون فعلاً، فهم يريدون ان يهزمونا ثم يغسلون ادمغتنا لقبولهم اسياداً في المنطقة.
- هناك هوة تفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فنحن مجتمع يريد التعايش بسلام، وهم يتحدثون عن العدالة فقط .
وأقول: ان من الواضح ان كلاً يطلب ما ليس عنده.
أتوقف لأقول انني ارجو ان أكون قدمت صورة واضحة عن تفكير النخب الإسرائيلية، وأزيد أن الأساتذة الكبار رأوا كل شيء في الماضي والمستقبل ولم يروا جبل الاحتلال الجاثم علي صدور الفلسطينيين اليوم، ولم يدخلوه بالتالي في افكارهم عن ماضي المشكلة وحاضرها ومستقبلها.
إذا كان هذا رأي الأساتذة فإنني اتفق معهم علي ان المشكلة من دون حل.
جهاد الخازن
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 932