عماد أولاد جبريل: قابس ليست عبئًا على تونس… بل ثروة وطنية أهملتها الحكومات وحان وقت الإنقاذ الجذري

في مداخلة مطولة استغرقت 15 دقيقة، قدّم النائب عماد أولاد جبريل مداخلة في الجلسة العامة المخصصة للحوار مع الحكومة بشأن الوضع البيئي والاجتماعي بولاية قابس، معتبرًا أن قابس ليست مجرد جهة متضررة، بل ركيزة وطنية وثروة طبيعية فريدة “أُسيء استغلالها وتم التضحية بها على مدى عقود من أجل عائدات اقتصادية آنية على حساب صحة الإنسان”.
استهل النائب كلمته بالتأكيد على القيمة البيئية والاستراتيجية لولاية قابس، قائلاً:
“هي المدينة الوحيدة في العالم التي تجمع بين الواحة والبحر، وبوابة الصحراء، وممر استراتيجي يربط الشمال بالجنوب… وكان من المفروض أن تكون رمزًا للسياحة البيئية العالمية لا منطقة موت بيئي.”
وأشار إلى أن المجمع الكيميائي الذي كان يمول ميزانية الدولة لسنوات لم يعد اليوم موردًا اقتصاديًا فعّالاً، في حين أصبحت المخاطر الصحية والتلوث أكبر بكثير من المنافع المالية.
انتقاد غياب وزيرة البيئة ووزيرة الصناعة
وجّه النائب انتقادًا لاذعًا لتغيّب الوزارات المسؤولة مباشرة عن الملف، مؤكدًا:“تونس لم تعد تملك وزارة للبيئة… بل وزارة لتخريب البيئة. لا مشروع واحد واضح، لا رؤية استراتيجية، ولا احترام لأبسط مقاييس النظافة.”
كما أكد أن الحل يتجاوز “الترقيع” و “التبرير” إلى ضرورة اتخاذ قرارات شجاعة في مستوى دولة مسؤولة أمام مواطنيها والتاريخ.
تحميل الحكومة المسؤولية السياسية والأخلاقية
أوضح النائب أن البرلمان ليس خصمًا للحكومة، لكنه شريك في الحل وصوت الشعب، مضيفًا:“إذا كانت الدولة تطلب منا التضامن، فعليها أولاً أن تتحمل مسؤوليتها. الشعب لا ينتظر الشعارات بل ينتظر قرارات تنقذ حياته.”
وأضاف أن تعطيل المشاريع البيئية الحيوية وتعطيل البنية التحتية في قابس وغيرها من الولايات يعود إلى غياب التنسيق داخل الحكومة نفسها:
“الحكومة تعطل نفسها بنفسها… وزارات تمنع وزارات أخرى من تنفيذ مشاريع جاهزة.”
دعوة إلى حل جذري وفق تجارب دولية ناجحة
قدّم النائب تصورًا شاملًا، مستلهمًا من تجارب المغرب وفرنسا وبلجيكا في الحد من التلوث وتثمين الفوسفوجيبس، مؤكدًا أن تفكيك الوحدات الملوثة هو الحل الوحيد القادر على إعادة الاعتبار للجهة، مشددًا:“الحياة البشرية ليست ثمناً يقبل التعويض المالي. يجب إيقاف الإنتاج الملوث فورًا والانتقال إلى تكنولوجيا نظيفة بشراكات دولية حقيقية.”
واختتم أولاد جبريل مداخلته بالتأكيد على ضرورة تحديد جدول زمني واضح للانتقال البيئي والاقتصادي في قابس، قائلًا:
“قابس يمكن أن تكون أول نموذج تونسي لمدينة اقتصادية خضراء… لكن فقط إذا اتخذت الدولة قرارًا وطنيًا استراتيجيًا شجاعًا، ينقلنا من منطق التبرير إلى منطق البناء.”
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 316984