مشروع قانون المالية 2026: رضا الشكندالي يحذّر من "شرخ خطير" بين الأهداف والسياسات ويعتبر لجوء الدولة للبنك المركزي "مغامرة مالية"

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/669784d3f1a788.24986403_ghifkmeqnojlp.jpg width=100 align=left border=0>


في قراءة معمّقة لمشروع قانون المالية لسنة 2026، حذّر أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي من خطورة التوجهات المالية والاقتصادية التي تضمنتها النسخة الأولية للقانون، مؤكّدًا أنّها تكشف عن «غياب رؤية واضحة، وانفصام بين الأهداف المعلنة والسياسات المقترحة»، بما ينذر – حسب تقديره – بتعميق الأزمة الاقتصادية وتآكل الدور الاجتماعي للدولة.

جاء هذا الموقف خلال مداخلة الشكندالي في برنامج Eco Mag على إذاعة إكسبراس أف أم، وضمن تدوينة مطوّلة نشرها على صفحته الرسمية، اعتبر فيها أن النسخة الإعلامية لمشروع قانون المالية، إن كانت مطابقة للنص الموجّه إلى مجلس النواب، فإن «الوضع يدعو إلى القلق الجدي».






تكتم غير مسبوق على الفرضيات والأسس الاقتصادية

أكّد الشكندالي أن القراءة الأولية تكشف «تكتّمًا كبيرًا» على الفرضيات الأساسية التي بُني عليها مشروع القانون، خاصة في ما يتعلق بنسبة النمو، العجز، التضخم، سعر الصرف، وكلفة خدمة الدين. وأشار إلى أن الأرقام المتاحة لا تتجاوز شهر مارس 2025، رغم أننا في أكتوبر، وهو ما يجعل مناقشة النواب للميزانية «أمرًا شبه مستحيل من الناحية المنهجية».
«إذا كانت هذه النسخة هي نفسها التي وصلت إلى النواب، فعلى الدنيا السلام. لا يمكن مناقشة سياسات اقتصادية واجتماعية دون فرضيات واضحة ولا نتائج تنفيذية إلى غاية سبتمبر على الأقل»، وفق تعبيره.



غياب التناغم بين وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط

أشار الشكندالي إلى أن سنة 2026 تُعد السنة الأولى لتنفيذ المخطط الاقتصادي والاجتماعي 2026-2030، غير أن مشروع قانون المالية «جاء منفصلاً بالكامل» عن هذا المخطط وعن وثيقة الميزان الاقتصادي، مما يعكس غياب التنسيق بين وزارتي المالية والتخطيط، وهو ما يتحمّل مسؤوليته المباشرة رئاسة الحكومة.
«المتتبّع للوثائق الثلاث (المخطط، الميزان الاقتصادي، مشروع قانون المالية) يلاحظ انفصالًا كليًا، وكأن كل وزارة تعمل بمعزل عن الأخرى».

شرخ بين الأهداف والسياسات: شعارات عليا مقابل آليات ضعيفة

اعتبر الشكندالي أن القانون يرفع شعارات السيادة الوطنية والاعتماد على الذات، لكنه يقدم سياسات لا تنسجم مع هذه الأهداف، بل تعمّق التبعية وتزيد من الضغط على المالية العمومية.
«من يريد بلوغ القمر لا يمكن أن يقترح لذلك وسيلة بدائية… الأهداف في مستوى مرتفع جدًا، والسياسات ضعيفة ولا تمكّن حتى من بلوغ الحد الأدنى».



اختزال الدور الاجتماعي للدولة

انتقد الشكندالي حصر المشروع للدور الاجتماعي للدولة في ثلاثة محاور فقط:

* الانتدابات بالوظيفة العمومية.
* الترفيع في الأجور لثلاث سنوات دون مفاوضات اجتماعية.
* فرض إتاوات إضافية على المواطنين والشركات لتمويل الصناديق الاجتماعية.

واعتبر أن هذا التمشي يؤكد فقدان الدولة لرؤية اجتماعية متكاملة، مشيرًا إلى أن تحسين المقدرة الشرائية لا يتم فقط عبر الأجور، بل من خلال:

* تخفيض كلفة الصحة والتعليم والنقل
* ضمان خدمات عمومية ذات جودة عالية



مخاطر لجوء الدولة إلى تمويل مباشر من البنك المركزي

وصف الشكندالي منح البنك المركزي قرضًا مباشرًا بقيمة 11 مليار دينار لتمويل الميزانية بـ«المغامرة غير المحسوبة»، قائلاً:
«هذا التوجه سيعمّق أزمة السيولة ويقصي القطاع الخاص من التمويل، ويخلق تناقضًا صارخًا مع السياسة النقدية للبنك المركزي التي تهدف إلى تقليص السيولة عبر رفع نسبة الفائدة».

وأضاف أن هذا التمشي يشبه «إطفاء النار بيد وصب الزيت عليها باليد الأخرى»، حيث تسعى الدولة لضخ السيولة عبر البنك المركزي، في حين يعمل البنك نفسه على امتصاصها عبر أدوات السياسة النقدية.


سوء فهم لمحركات النمو الاقتصادي

يرى الشكندالي أن مشروع القانون يختزل تحفيز النمو في منح امتيازات للشركات الأهلية وبعض خطوط التمويل المحدودة، معتبرًا ذلك «سوء فهم عميق لمحددات النمو»، ومشدّدًا على أن:

* الاستثمار الخاص
* الاستقرار الجبائي
* وضوح الرؤية السياسية
هي عناصر جوهرية لاستعادة النمو، لا التمويلات الظرفية.


دعوة إلى مصارحة الشعب والنواب

اختتم الشكندالي تحليله بالتأكيد على أن مشروع قانون المالية في صيغته الحالية «لا يعكس إرادة إصلاح حقيقية»، وأنه استمرار في نفس النهج الذي أدى إلى الأزمة الحالية، داعيًا البرلمان إلى «تحمّل مسؤوليته التاريخية في تعديل المسار، وفرض الشفافية والمصارحة، لا المصادقة الشكلية».
«القانون في نسخته الحالية لا يترجم شعار الاعتماد على الذات، بل يعمّق الأزمة ويهدد الأمن الاقتصادي والاجتماعي لتونس».





   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 316843


babnet
*.*.*
All Radio in One