مواطن في حضرة طبيب نفسي

<img src=http://www.babnet.net/images/5/yellowface.jpg width=100 align=left border=0>


دخل المواطن أخيرا الى حجرة الطبيب النفسي..جلس منقبض النفس لسببين اثنين..عشر راتبه الذي سيضعه في يد السكرتيرة اثر انتهاء هذه الحصة والسبب الثاني خوفه أن ينتشر خبر توجهه الى معالج نفسي ليفتضح أمره ويصبح في عداد "المجانين" في نظر محيطه الذي قد يتبرأ منه اذا اشتم خبر هذه الزيارة خاصة وان زوجته تنتظر أي فرصة سانحة للانفصال عنه ولن تجد أحسن من ادعاء جنونه للوصول الى مبتغاها
ارتبك المواطن قليلا في البداية فهو لم يتعود طيلة حياته التعيسة ان يعطيه أحدهم من وقته لينصت الى مشاكله ومصائبه..شجعته ابتسامة الطبيب وحلاوة كلامه على الارتياح قليلا ثم ومن دون ادنى تمهيد انخرط في وصلة بكائية عنيفة انهمرت خلالها دموعه مدرارا ليضطر الطبيب الى محاولة تهدئته فالحالة الثانية تنتظر في الخارج ولا وقت يضيعه مع هذا، وبعد حوالي نصف ساعة سكت المواطن وحاول لملمة شتات افكاره ليخبر الطبيب بماجاء به اليه
"أشعر دائما بالعزة والكرامة والاحترام ولا تبارح السعادة قلبي " بدأ المواطن فضفضته بهذه الكلمات ثم استطرد "أستيقظ صباحا وشعور بالسعادة يغمرني خاصة واني أمارس الحب مع زوجتي كل ليلة واحتضنها فيما بعد وننام سوية.." لم يكمل جملته وانخرط في نوبة جديدة من البكاء ليتم حديثه بعد ربع ساعة أخرى "أستيقظ متلهفا للذهاب الى عملي ورؤية تقاسيم وجه رئيسي في العمل اللي دائما ما ينعتني ب"المخلص" و"المثالي" ولا يمر شهر دون ان يأمر بزيادة راتبي ..

..ألبس أغلى ما لدي من ثياب وأخرج الى الشارع سعيدا منشرحا يملأ التفاؤل قلبي لأصل الى محطة الحافلات الواقعة في منتزه طبيعي يطل على مؤسسة عمومية يتدافع موظفوها كل صباح للدخول إليها ثم أصعد الحافلة التي تتواتر رحلاتها كل خمس دقائق..أجد فتاة تدلني على المقعد الذي سأجلس فيه وتعطيني صحيفة تونسية أجد فيها كل ما يهم حال البلاد والعباد وسط أنغام يضعها السائق لبيتهوفن أحيانا وشتراوس أحيانا أخرى..



أنتشي بالأخبار التي أجدها على الصفحة الأولى فهذه أسعار المواد الغذائية تشهد انخفاضا بالنصف وأسعار المحروقات صارت شبه مجانية والبطالة أصبحت في حدود 1 في المائة إضافة إلى مقالات رأي تتحدث عن حالتنا مواطن في حضرة طبيب نفسي المزدهرة وترتيبنا العالمي المحترم في شتى المجالات وحالات الطلاق التي لا تتجاوز الحالة شهريا ولاعبينا المحترفين في اعتى فرق العالم ووو لأغلق الجريدة وقد أخذت نصيبي وزيادة من الانتشاء
سكت المواطن وأطلق تنهيدة طويلة تبعها بوصلة بكائية جديدة أطلق خلالها ألفاظا غير مفهومة تبين منها الطبيب أن المواطن يعبر عن ملله من هذه السعادة واختناقه بها..تابع قائلا "تطالعني وأنا في الحافلة مناظر طبيعية رائعة ووجوه بشرية سعيدة يكاد السرور ينفجر منها إضافة إلى سيارات تشق الطريق بانتظام ولا تسمع إلا تحيات صباحية يتفنن قائلوها في تنويعها والتعبير بها عن ما يخالج صدورهم من تفاؤل صباحي..
أدخل مكتبي تحت وابل من التحيات الصباحية لأجد زوجتي هناك..فنحن نتسابق على الوصول الى المكتب الذي شهد ولادة قصة حب عنيفة كحال جميع مكاتب اداراتنا..اقبلها وأبدأ عملي في خدمة المواطنين الذيم يتوافدون علي بابتسامة عريضة يحمل كل واحد فيهم باقة أزهار كتعبير منهم على مايجدونه من حفاوة استقبال وتسهيل لمعاملاتهم..أنهي يومي وأتأبط يد زوجتي التي تمانع في الانجاب كي لا تترك الفرصة لقلبها ان يحب غيري..أصل الى المنزل ونشاهد برامجنا التلفزيونية التي تجبرك ان ترسم الف ابتسامة على شفاهك وتزرع فيك الأمل بغد مشرق
دون مقدمات ضرب المواطن بيده على الطاولة "لقد مللت لقد اختنقت من السعادة والاحترام أمعقول بربك أن اشعر كامل اليوم بالنخوة والكرامة وان الكل يحترمني ويقدرني اليس من الجنون ان لا اتمتع يوما ببعض الحزن او الاكتئاب او حتى بشتيمة يطلقها احدهم في وجهي..أليس من الكفر أن أن يمر يومي بهذه الصورة الوردية..ألن تجد لي حلا يقيني هذه النشوة التي تخنقني"
استغرب الطبيب كلام جليسه..فهذا السيد التعيس الجالس امامه جاء ليشكو سعادة وهمية خاصة وأن شكله لا يكاد يوحي بأنه عرف طعمها أصلا..فجأة مسك المواطن بقميص الطبيب وجذبه اليه صارخا بقوة "حل حل أريد حلا والا قتلتك..السعادة..الفرحة..الجمال..الكرامة..ااااااااه يا رأسي لن أتركك قبل أن تريحني من هذا الكابوس.." أفلت الطبيب من قبضة المواطن وخرج هاربا من مكتبه يطلب النجدة..
انتابت المواطن نوبة هستيرية امتزج فيها الضحك بالبكاء بالصراخ..جــــــن مواطن وكان كلامه عن السعادة تخاريفا لم تكن الا أول غيث جنونه..جــن المواطن وبقي وحيدا يضحك ويبكي ويصرخ ثم صمت فجأة وتسمرت عينيه في الباب..ليظل ساكتا لا ينبس بشفة وعينيه لا تكاد تفارقان الباب..الذي دخل منه منهكا نفسيا ليخرج منه فيما بعد مجنونا..ولترتاح منه زوجته..الى الأبد


حمدي مسيهلي




Comments


12 de 12 commentaires pour l'article 29985

Deep purple  (Germany)  |Vendredi 8 Octobre 2010 à 22:09           
A partir de ce soir,ce sera desormais "monsieur"hamdi!!!! vous etes un artiste!quelle maitrise du second et meme du 3 eme degré! je dis bravo monsieur!

Mazmazel Amira  (Tunisia)  |Vendredi 8 Octobre 2010 à 21:20           
بربي الناس الي تنقد و مش عاجبها المقال مش لازم تقلق روحها و تقرى تحبوه يحكي بلغة كل شئ لاباس و العصافير تزقزق؟وتحبوه يحكي مباشرة و دون ايحاء؟ تعرفوه عمار؟موجود هنا زادا و على الاقل هو عامل مجهود و قاعد يحاول يعبر على افكاره قدر المستظاع و على قد المسموخ بيه مش كيما الصحافيين الي يبندرو و يكذبو الكذبة و يصدقوها سي بتي لو فيبالك الي اغلبية البطالة عندهم شهائد؟ و بالتالي قراو على رواحهم يظهرلي ما تغطتيوش عين الشمس بالغربال و برافو حمدي تبرد على القلب

Alifa  (Tunisia)  |Vendredi 8 Octobre 2010 à 19:54           
J'espère que tu dépasseras les critiques de qq lecteurs qui n'ont rien à faire que mettre les bâtons ds les roues ... bravo hamdi fais de ton mieux pr progresser et évoluer

Tounsia  (Tunisia)  |Vendredi 8 Octobre 2010 à 17:51           
سبق لهذا الصحفي أن كتب مقالا مشابها لهذا المقال و كانت النهاية موت البطل

Amir  (Tunisia)  |Vendredi 8 Octobre 2010 à 12:39           
إلى السيد الصحافي يا أخي لقد سئمنا هذا الأسلوب في الكتابة الروائية لست بموضع مؤلف كليلة و دمنة و لا ببراعته و لذالك الرجاء طرح الأمور بأسلوب مباشر و علمي و مدعم بالمراجع و الدراسات كن حرفيا

Klam ellil  (Tunisia)  |Vendredi 8 Octobre 2010 à 11:51           
Je crois que tu as choisi ce style d'écriture par peur d'être arrêté et jugé. c'est donc toujours le même problème "la peur" qui nous accablent tous. on ne peut jamais décoller sauf si on se débarrasse de cette "5ouuuuffffff"

P'tit lou  (Tunisia)  |Vendredi 8 Octobre 2010 à 11:34           
Hamdi ne cesse de reprendre les mêmes sujets parlez nous de la politique, de l'économie, que nos débats soient à l'a hauteur du 21 ème siècle !

Tatta  (Tunisia)  |Vendredi 8 Octobre 2010 à 11:15           
Bravo hamdi msihli j'adore tes articles ... elli fi 9loub twensa t9oulou enti

DALI FEDERATOR  (Tunisia)  |Vendredi 8 Octobre 2010 à 10:00           
Mr.msihli , arretez vos conneries. tout individu est maitre de son destin.vous pouvez imposez le respect à votre égard de la part de votre femme, de votre entourage de vos amis et de vos collegues de travail.ensuite vous auriez du prendre soin de vos etudes pour pouvoir deccrocher un job qui vous evitera la pauvreté.après tout la pauvreté n'est pas aussi mal.notre prophète mohammed était pauvre et il aimait les pauvres gens. enfin, le chomage , la pauvreté et les conditions de vie difficiles elles sont partout dans le monde donc arretez de vous plaindre et essayez d'apporter un changement bénéfique à commencer par avoir une pensée bien meilleure que celle que vous présentez à travers votre article.

Alba  (Tunisia)  |Vendredi 8 Octobre 2010 à 09:46           

بــــــــــرافو  (Tunisia)  |Vendredi 8 Octobre 2010 à 09:41           
المقال هذا عاودت قريتو اكثر من 3 مرات وكل مرة نلقى فيه فكرة جديدة مبطنة...برافوووووو حمدي مسيهلي اقسم اني لم اتفائل يوما بقراءة مقال كهذا في صحيفة تونسية..كن مقتنع انو الكثير سينتقدك تصفية لحسابات المقال اللي فات ..يعجبني فيك انك ديما تتحمل اي نقد عنيف وترجع بمقال أقوى وأعنف ومحير ولكن بأسلوب أكثر من رائع نادر وين تلقى انسان يكتب بيه..بصراحة مقالك دخلني بعضي على الصباح...أظنني ساتوجه الى اقرب طبيب نفسي فالسعادة أرهقتني..ومقالك استفز ارهاقي..الله يهديك حيرتلي مواجعي هذا المقال غير مخصص لعشاق الصحف التونسية

Adachrm  (Tunisia)  |Vendredi 8 Octobre 2010 à 08:59           
الله يحفظ علينا العقل والدين


babnet
All Radio in One    
*.*.*
French Female