الطبوبي: نرفض المسار الحالي.. وأصبحنا نخشى على تونس من المجهول

قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي في كلمته خلال إحياء الذكرى 70 لاغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد بقصر المؤتمرات اليوم السبت 3 ديسمبر 2022 إنّ المنظمة لم تخطئ عندما اعتبرت مسار 25 جويلية كان خطوة حاسمة على درب تصحيح المسار الديمقراطي وإعادة الاعتبار لأهداف ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي، مضيفا "لم نخطئ عندما طلبنا ضمانات تمنع أيّ انحراف أو انزلاق.. ولكنّنا اليوم أصبحنا نخشى على بلادنا من المجهول، ولا يستطيع أيّ كان أن يُطَمئِننا في ظلّ استمرار التفرّد والتخبّط وغياب التشاركية والتفاعل مع القوى السياسية والاجتماعية الوطنية، ولسنا مرتاحين لما يجري في تونس".
وتابع "فلا القضاء تمّ إصلاحه ولا الفساد تمّ تفكيك منظومته ولا الاحتكار والتهريب جوبها بسياسة واضحة ولا ملفّات التسفير والإرهاب والاغتيالات السياسية تمّ الكشف عنها ولا الإفلات من العقاب أنهي من الوجود ولا الاقتصاد نهض ولا الوضع الاجتماعي عرف استقرارا ولا الفقراء رُفِع عنهم الحيف والظلم والخصاصة" وفق تعبيره.
وتابع "فلا القضاء تمّ إصلاحه ولا الفساد تمّ تفكيك منظومته ولا الاحتكار والتهريب جوبها بسياسة واضحة ولا ملفّات التسفير والإرهاب والاغتيالات السياسية تمّ الكشف عنها ولا الإفلات من العقاب أنهي من الوجود ولا الاقتصاد نهض ولا الوضع الاجتماعي عرف استقرارا ولا الفقراء رُفِع عنهم الحيف والظلم والخصاصة" وفق تعبيره.
وأضاف الطبوبي "إنّ في الاتحاد العام التونسي للشغل، كأغلب التونسيات والتونسيين نرفض العودة إلى ما قبل 25 جويلية ونرفض أيّ مقاربة تهدف إلى استعادة الحكم عبر الاستقواء بالخارج وعبر تزيين حقبة فاشلة وعبر تنكّر أصحابها من مسؤوليتهم فيما آلت إليه البلاد وهم في الأصل جديرون بالمحاسبة، لكنّنا في نفس الوقت لم نعد نقبل بالمسار الحالي لما اعتراه من غموض وتفرّد ولما يمكن أن يخبّئه في قادم الأيام والأشهر من مفاجآت غير سارّة ولا مطمئنة على مصير البلاد ومستقبل الأجيال فضلا عن مستقبل الديمقراطية في بلادنا".
وشدّد أمين عام اتحاد الشغل على أنّ بناء الديمقراطية واستكمال مسارها لا يتمّ بمجرّد تطمينات شفوية، مشيرا إلى أنّه لا يمكن الحديث عن الحريات المضمونة دون وسائل ديمقراطية ومن دون تطوير ثقافة الحرية والمواطنة.
وقال في هذا السياق "لقد كانت لنا في ذلك نظرة استباقية لمّا اشترطنا الضمانات فيما يتعلّق بالحريات والحقوق وبالضوابط الحافّة بالتدابير الاستثنائية وها أنّ تحذيراتنا لم تسفّه ولم تكن من باب الرجم بالغيب، ولذا فلن نتردّد في الدفاع عن الحقوق والحرّيات كلّفنا ذلك ما كلّفنا، وسنناصر كلّ صوت حرّ يصدح بموقفه ويحتجّ من أجل حريته وحقوقه".
سنُناضل دائما ضدّ اختراق القضاء وتسخيره لتصفية الحسابات
وقال نور الدين الطبوبي ''إنّ إيمان الاتحاد كان عميقا وصادقا بحاجة تونس إلى قضاء مستقلّ وعادل يشكّل رُكنا أساسيا للاستقرار ولثقة الداخل والخارج في تونس ولذلك لم يتردّد في نقد انحراف البعض بهذا المرفق الحيوي وإخضاعه إلى التعليمات والضغوطات والأطماع''، وفق تعبيره.
وأضاف ''لكن الاتحاد عبّر في نفس الوقت عن رفضه لما تعرّض له عدد من القضاة من تنكيل وتشويه وتدمير لمسيرتهم القضائية وحتّى العائلية وقال في إبّانها لا يمكن أن نحمّل قطاعا جرم قلّة قليلة وأنّ المذنب يؤخذ بجرمه دون سواه ووفق القانون والمحاكمة العادلة، ولذلك فإن الاتحاد سيظلّ يناضل دائما ضدّ اختراق القضاء، وضدّ تسخيره لتصفية الحسابات، وضدّ انحرافه عن العدالة''.
وذكّر الطبوبي في كلمته بما عناه ''النقابيون في محطّات عديدة عندما تمّ توظيف القضاء ضدّهم في محاكمات مفبركة، وبإنصافهم أيضا في مناسبات عديدة ومنها الحكم الاستئنافي العادل الأخير الذي نقض حكم البداية وأقرّ بشرعية المؤتمر الأخير للاتحاد واعتبار القرار النقابي مستقلاّ في تنقيح قوانينه وأنظمته الداخلية رغم تواصل رغبة البعض من ضعاف النفوس إقحام القضاء والتشكيك في قرارات قواعده.
تونس تتكالب عليها قوى من الدّاخل والخارج والطّامعون والسماسرة وأردأُ السّاسة
وقال نور الدين الطبوبي إنّه ولأول مرة يشعر الاتحاد بأنه غير متفائل بما ينتظر تونس خاصّة وقد تكالبت عليها القوى من الدّاخل والخارج واجتمع عليها الطّامعون والسماسرة والدّائنون وأردأُ السّاسة ليحوّلوها إلى غنيمة مستباحة وهم يسعون بلا هوادة إلى مزيد تفكيك الدولة والمجتمع وتشتيت أواصره حتّى يسهل السيطرة عليها''،حسب تعبيره.
وتابع: ''عدم تفاؤلنا لا يعني بالمرّة يأسا من التغيير والإصلاح ونفضا لليد من إمكانية الإنقاذ، فالأمل يحدونا دوما وهو مصدر طاقتنا واستمرارنا، أمل نستمدّه من شعبنا الذي ناهض الحيف والظلم في جميع الأحقاب وناضل ضدّه وقدّم التضحيات الجسام لأجل دحره، حتّى أصبحت المقاومة عنوانا له، وأن جذوة الاحتجاج والانتصار للحقّ لن تخبوَ فيه مهما غلا القهر وتعاظم الاستبداد''، وفق قوله.
وأضاف: ''أمل لا ينقطع ناتج عن قناعة أنّ حلول مشاكلنا لا يمكن إلاّ أن تكون تونسية تونسية وقد علّمنا التاريخ أنّ التعويل على الخارج والتحريض على الوطن عواقبه التبعية والهيمنة وخسران القرار الوطني واستنزاف المقدَّرات وأنّ الأجيال المتعاقبة قد ضحّت لبناء تونس متطوّرة عصرية متفتّحة تعوّل بالأساس على مواردها الذّاتية وجهود بناتها وأبنائها الذين تركوا لنا مكاسب تشريعية لا يستهان بها ويمكن تطويرها وإنجازات على أرض الواقع يمكن إنقاذها وإعادة بنائها من بنية تحتية ومؤسّسات عمومية ومرافق عامّة يحاول كثيرون تدميرها وترذيلها والتفويت فيها وأنّ ما تزخر به بلادنا من تنوّع طبيعي ومخزون بيئي وثقافي وحضاري جدير بالاعتزاز به وتثمينه والمحافظة عليه''.
ويرى نور الدين الطبوبي أنّ ''الظلم والحيف زائلان لا محالة وأنّ المحتكرين والمهرّبين والمتهرّبين والفاسدين لا مستقبل لهم في تونس وبين شعبها النابض ثورة وتوقا للحرية والعدالة والكرامة والرافض لخطاب الكراهية والشحن والتجييش وبثّ الإشاعات وزرع بذور الفتنة ونشر ثقافة العنف والتخوين، وفق تعبيره مضيفا في الإطار ذاته: ''أمل نرجو ألاّ يحطّ منه الإصرار على التفرّد والرغبة في فرض الرأي الواحد والقرار الأوحد الذي لن يكون إلاّ تعبيدا للطريق لعودة المنظومة الفاشلة ولانتشار الفوضى والدخول على ظلمات المجهول... نقول ذلك لا تهويلا ولا شماتة وإنّما تحذيرا وخوفا على بلادنا وتوجّسا من إهدار فرصة تاريخية أخيرة''.
آن الأوان لتعديل حكومي ينقذ ما تبقّى من الدولة
وقال نور الدين الطبوبي إنّ ''التعيينات المتتالية على رأس الجهات والعديد من المؤسّسات أدّت إلى تعميم الفشل والارتجال مركزيا وجهويا وقطاعيا وقد آن الأوان لتعديل حكومي "ينقذ ما تبقّى ويعيد لعديد الوزارات نشاطها ويخرجها من الركود والعطالة، متابعا: ''لم نجد مرّة أخرى غير الصمت والإصرار على الخطأ.
وأضاف الطبوبي أنّ من بين المؤشّرات التي نبّها اتحاد الشغل هي تواصل تدنّي نسبةُ النموّ بشكل غير مسبوق، وارتفاع شاهق للمديونية تنذر بانهيار وشيك للمالية العمومية وتزايد نسب الفقر واتساع رقعته ليشمل الطبقة الوسطى.
كما تحدث الأمين العام لاتحاد الشغل عن ظاهرة ''الحرقة، معتبرا أنّ الارتفاع المستمرّ للبطالة لم تخفّض أرقامها غير هجرة قسرية نظامية أو غير نظامية لعشرات الآلاف من الشباب الذين يرمي بنفسه وبعائلته في قوارب الموت كلّ يوم لتعيش مناطق بأكملها الثّكل واليُتم والحزن كما حدث مؤخّرا في جرجيس''.
ومن بين المؤشرات الأخرى التي نبه اليها الاتحاد هي ركود شبه المطلق للاستثمار العمومي والخاص، وتزايد الاحتكار والتلاعب بقوت المواطنين، مقابل التهاب الأسعار وتدنّي القدرةٌ الشرائية التي أنهكتها الزيادات الجنونية فأفقدت الاتفاق الأخير في الزيادة في الأجور قيمته وأهدافه، علاوة على النقص الملحوظ والمتواصل في تزويد السوق ببعض المواد الأساسية وارتهانها لدى أباطرة الاحتكار والتهريب وعمّقتها سياسات الحكومة الهادفة إلى رفع الدعم عبر الطرق الملتوية وغير المشروعة، حسب قوله.
''تدهور الخدمات العمومية وتردّيها ومفاقمتها لمعاناة المواطن في التعليم والصحّة والنقل وفي سائر المرافق العمومية الحياتية صاحبها تهالك البُنَى التحتية وتعفّن البيئة والمحيط تقودها سياساتٌ بيئيّة مُكَرِّسة للقتل البطيء في أكثر من مدينة'' يقول الطبوبي ويضيف: ''هذه بعض المؤشّرات، وربّما ليس المجال لتعداد غيرها فقد دوّناه في مبادئ لبرنامج اقتصادي واجتماعي متكامل، وهي مؤشّرات لمشهد مخيف تعيشه بلادنا اليوم وأفرزته عشريّة غلب عليها التخبّط واللاّ مبالاة وفاقمته سياسة التشبّث بالرأي الواحد التي تكرّس اليوم''
كنّا نأمل خيرا بعد 25 جويلية...
وتابع: ''كنّا نأمل خيرا بعد 25 جويلية 2021 بالخروج من النفق وإيجاد الحلول لتجاوز فشل العشرية السابقة ولكننا، على ما نشهد ونتابع، قد فقدنا الثقة وصرنا أكثر خوفا على بلادنا وعلى ما يتربّص بها... وأمام هذا الوضع المتردّي فلن نتخلّف عن مجابهة الانهيار الذي تعيشه بلادنا ويعاني منه شعبنا ويرزح تحته ملايين الأجراء والمفقّرين والمهمّشين وستكون، كما تعوّدتم منّا، المسألة الاجتماعية من أولى أولويّاتنا وفي مقدّمتها حقوق الجهات والقطاعات وتحسين القدرة الشرائية للأجراء ومراجعة الجدول الضريبي بإصلاح المنظومة الجبائية الحالية غير العادلة ومحاربة للتشغيل الهشّ والتمسّك بحقّ المفاوضة وتطبيق جميع الاتفاقيات المبرمة وإلغاء المنشور عدد 21 الذي واصل تكريس ضرب الحقّ النقابي وحقّ المفاوضة الجماعية الحرّة والطوعية وفي مراجعة دورية لتحسين مقدرتنا الشرائية وفي حقّنا في تحسين شروط وظروف عملنا''.
حكومة بودن اكتفت باستنساخ مناويل بالية وفاشلة
وأكّد الطبوبي أنّ البلاد تَعيش وضعا خانقا وتدهورا على جميع الأصعدة، مضيفا "نحن مُقدمون على انتخابات بلا لَوْن وبلا طعم، جاءت وليدة دستور لم يكن تشاركيا ولا محلّ إجماع أو موافقة الأغلبية وصِيغَتْ على قانون مُسقَطٍ أثبت يوما بعد يوم ما حَوَاهُ من ثغرات وخللٍ وهو ما نبّهنا إليه منذ الوهلة الأولى ولا مجيب".
وتابع "بالتأكيد مسار كهذا سيولّد نتائج لا أحد يتوقّع حجم ضعفه وما يستبطنه من تفكّك وتفتيت... وجدنا بلادَنا اليوم مَعطوبة مُقسّمة مُشتّتة فاقدة للطريق ليس بين مكوّناتها، أفرادا وجماعات وكيانات، غير العداء والتخوين والتشكيك".
وأشار الطبوبي إلى أنّ الاتحاد كان قد حذّر منذ السنة الماضية من "المؤشّرات التي تُومِضُ بالأحمر مُنذِرَةً بخطر داهم"، معتبرا أنّ المنظمة الشغيلة قامت بدورها كقوّة اقتراح وتعديل بالدعوة إلى العمل المشترك والإنصات إلى النقد وإلى آراء أطياف كثيرة من المجتمع غير متورّطة في عشرية غلب عليها الفشل "لكن لم نجد صدى لنقدنا ولمحاولات التصويب والتعديل، بل وجدنا هجوما وتشكيكا وحملات تشويه ومحاولات ضرب تستهدف الاتحاد باعتباره القوّة الأجدر للتصدّي إلى كلّ اعوجاج أو ارتداد إلى مربّع الانفراد والاستبداد"، وفق تعبيره.
كما لفت أمين عام اتحاد الشغل إلى أنّ منظمته نبّهت من عدم امتلاك الحكومة لرؤية أو برنامج ويغلب عليها الارتجال والغموض وانعدام الانسجام، مضيفا "الحكومة تتحرّك بنفس آليات الحكومات السابقة: غياب الشفافية وازدواجية الخطاب ويتلبّسها نمط الفعل والرؤية ذاتها التي قادت الحكومات المتعاقبة وهي اللجوء إلى الحلول السهلة والاكتفاء باستنساخ مناويل بالية وفاشلة ولعلّ تشبّثها المستميت بالاقتراض الخارجي سبيلا وحيدا للخروج من الأزمة خير دليل على ضيق الأفق وعلى محدودية الإبداع والتصوّرات علاوة على ما اتّسمت به سياساتها من ضرب للحوار الاجتماعي وتنكّر للتعهدات".
نرفض رفع الدعم واتفاقات الحكومة السريّة مع صندوق النقد
وشدّد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أنّ الدفاع عن المؤسّسات العمومية سيظلّ أولويّة الاتحاد وكذلك الدفاع عن المرفق العمومي من تعليم وصحّة ونقل وحماية اجتماعية وغيرها.
وقال "التونسيون جديرون بتعليم راق وصحّة ذات جودة عالية ونقل مريح ومتوفّر وتأمين تغطية اجتماعية متكاملة تضمن الحياة الكريمة والخدمات المتطوّرة للمضمونين الاجتماعيين وفي مقدّمتهم المتقاعدون وذوي الاحتياجات الخصوصية والإعاقات".
وجدّد الطبوبي موقف المنظمة الشغيلة الرافض لرفع الدعم والداعي إلى مراجعة تشاركية لمنظومته ونحذّر الحكومة من أيّ إجراء يستهدف المواد الأساسية ويدفع إلى تجويع الشعب، معتبرا الاتفاقات السرية التي أبرمتها الحكومة مع صندوق النقد الدولي غير ملزمة للأجراء وسيتصدّون إليها بكلّ الطرق المشروعة، وفق تعبيره.
وأضاف "لا يفوتنا أن نجدّد مطالبتنا بضمان حقّ جميع التونسيات والتونسيين في العيش في بيئة سليمة وفي محيط نظيف غير متعفّن وفق سياسات بيئية تحترم الحقّ في الحياة بعيدا عن التصريحات الرنّانة والوعود الجوفاء التي أصبحت جزءا من المشكل عوض أن تأتي بالحلّ".
المصدر موزاييك
Comments
1 de 1 commentaires pour l'article 257809