الارهاب المزدوج

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/charliehebdoooxxx2.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

لا يمكن بحال القبول بازهاق نفس بشرية دون حق فالشرائع السماوية والقوانين ومواثيق حقوق الانسان لا تقبل بالعدوان.. وما حدث اليوم بفرنسا ببشاعته وهوله مرفوض تحت كل المسميات.. بما فيها الاسلامية.. بل اساسا الاسلامية..





الرسول الاكرم تعرض طيلة حياته من الاعداء لشتى انواع الاساءة والاعتداء والشتم والتشويه ولكنه واجهها كلها برفعة الادب وعظمة الخلق والمقارعة بالحجة والفكر والتهكم ان لزم الامر والتحدي في حالات وفي اخرى بالهجاء عن طريق شاعر الاسلام بشار بن ثابت.. ولم يسقط بحال في الانتقام وردات الفعل الساذجة..

الحقيقة ان ما تعمدت جريدة شارلي هبدو نشره كان بالغ الاساءة لرسول الاسلام ومقدساتنا.. وزيادة وهو الاغلب ان كان يصب في خانة اثارة الفتنة والتحريض على الحقد والكراهية والعداوة بين الاديان والاعراق.. والوجع كان عميقا لكل من شاهد الصور المستفزة..

ان لا يرد المسلمون ولا تهزهم الغيرة على دينهم وعلى رسولهم الاعظم فهذا عين السلبية وهو غير ممكن اصلا.. اما ان يقع الاندفاع الى حد التهديد والانتقال الى تنفيذ تصفيات دموية وحشية فتلك الخطيئة الكبرى.. الانفعال والعنف لا ينفع في شيء ولا هو يوقف الاساءة لمقدساتنا الاسلامية.. هذا فضلا عن انعكاساته السلبية عن حقوق المسلمين في فرنسا والعالم.. وكلنا يتذكر موجة المعاداة للمسلمين في العالم بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر..زيادة عن الاساءة للاسلام الذي يظهر من خلال ردة الفعل الدموية بفاقد الحجة والعاجز عن تحمل النقد والرد بالطرق السلمية الفكرية..

من نطق كلمات الله اكبر و انتقمنا للرسول وهو يقتل بلا تمييز لا اظن فعلا انه انتقم للرسول وسلك مسلك الله اكبر الذي سطره القرآن وسنة النبي.. الاسلام بالعكس هو دين قوة الحجة والمقارعة والمناظرة..

الرسول اتهم بالكذب والدجل والسحر والقرآن عرض الاتهامات كاملة بتفاصيلها ولم يخش ورد وافحم وفصّل وتحدى.. ورب العزة عصاه مخلوقه ابليس ولم ينفذ امره بالسجود لآدم ولكنه لم يصدر فيه حكمه حتى مكنه من حق الرد وحاوره اطول حوار حتى اثبت عليه الحجة..

وحرية التعبير كان القرآن اول مؤسس لها والحوارات والمجادلات القرآنية كانت عبر التاريخ الاعمق والاوسع والاطول والاصلب.. حرية التعبير لم تكن يوما مطلقة وهي محدودة بحدود مختلفة حسب المقاربات ولكن تبقى كل المقاربات لا تسمح باطلاق الحرية.. ثم انها فعليا غير ممكنة اصلا..

ليس هذا المهم هنا.. الاشكال هو في ازدواجية المعايير خاصة لما يتعلق الامر بمعاداة السامية وبالاخص التشكيك في الهولوكوست.. حيث حرية التعبير تقع تحت طائلة العقاب والقانون.. وادعياء حرية التعبير من انصار الفرنكوفيلية لدينا تفننوا اليوم في الادانات والاستنكار وصنوف التضامن..

والدماء الفرنسية اليوم ظهرت من نوع مميز لدى العديدين.. والتزيد والتشدد في الادانة كان عاليا.. من اصوات لم نر لها وقعا في دعم فرنسا التاريخي بل ومشاركتها العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني الاعزل وآخرها الاعتداء على غزة الذي غرق هولوند في تبريره بتبريرات واهية..

والادانات هنا كما الارهاب يظهر بالوان مختلفة.. والاعين يبدو ان تركيباتها مختلفة بل متناقضة..

فرنسا.. نعم حقوق الانسان والتسامح والانفتاح على الاديان.. ولكن لا ننسى ان فرنسا تاريخيا هي الاستعمار والامبريالية والغطرسة والحروب والقتل ونهب ثروات الدول وزرع الفقر ونشر الجهل والهيمنة ومصادرة سيادة الشعوب ودعم الدكتاتوريات.. وزرع الصراعات الطائفية.. وطمس الثقافات الاصيلة للشعوب.. والنهج لازال قائما..

في افريقيا وغير بعيد منا في ليبيا الايادي الفرنسية عبثت ولازالت تعبث.. بسيادة الشعوب وثرواتها ومصائرها ونهضتها وتقدمها..

التهميش وسحق الشعوب والقهر والتمييز هو مصدر الارهاب.. الكراهية والحقد يصنعه الغبن والحرمان والاستغلال.. والجهل.. والارهاب اليوم تتنوع وتتزايد ضحاياه.. ولكن مقاربة العدالة والحقوق والقانون تظل هي منطلق الحل.. ورفع الظلم والغبن وخاصة رفع الحواجز امام العلم والمعرفة لتنوير العقول.. وكذلك كسر حصون السلطة امام الشعوب للمشاركة في الحكم وتقرير مصائرها.. والتمتع بثرواتها الوطنية.. هي اصل المعالجة..

لا تبحثوا في العوارض كثيرا.. الحل الناجع في النفاذ لجذور الآفة واجتثاثها من المصدر..!

(*) قانوني وناشط حقوقي




Comments


12 de 12 commentaires pour l'article 97846

Mandhouj  (France)  |Jeudi 8 Janvier 2015 à 22:04           
نريد حريتنا كاملة و مستكملة

Matouchi  (Tunisia)  |Jeudi 8 Janvier 2015 à 17:41           
ما أخافه هو حربا عالمية جديدة ضد المسلمين.
المسيحيون ابتعدوا عن دينهم من يوم أن كالوا الصاع صاعين لمن يلطمهم
والمسلمون ابتعدوا عن دينهم من يوم أن أسالوا الدماء ونحروا كل من شاتمهم
و الاديان من هذا و من ذاك براء.
---
الدليل على انتظار المسلمين لحرب المسيحيين: اليوم في اذاعة موازاييك سأل بن بريك المنشطة هل أنت مع الفلسطينيين؟ فمهمهت المسكينة و قالت لااجيب...
بسيط هو الخوف من الحرب الذي ألجمها (طبعا الحرب حروب) و أفقدها الكلام.

Scyff55  (Tunisia)  |Jeudi 8 Janvier 2015 à 14:02           
المصيبة هم هؤلاء الحقوقيين والقانونيين إلي كل مرة يطلع واحد بطلعة الأول قالك ماتقولوش عندنا داعش على خاطر يتضر قطاع السياحة والآخر داردار ووجد تبريرا لما حدث في شارلي هبد وقالك بما يفيد البادي أظلم والله مصيبة

ANTIREVE  (Tunisia)  |Jeudi 8 Janvier 2015 à 10:36           
C'est le gouvernement de la Troîka qui est à l'origine de l'apparition du terrorisme en France, c'est à quoi peuvent conclure les médias et politiciens en Tunisie.

Edges  (Tunisia)  |Jeudi 8 Janvier 2015 à 10:33           
"Ka'b ibn al-Ashraf"

c'est "CharlieHebdo" dans le temps de Prophète...

Edges  (Tunisia)  |Jeudi 8 Janvier 2015 à 10:32           
@les gens qui continuent à pleurer:
merci de se documenter sur "Ka'b ibn al-Ashraf" avant de se référer au Prophète

Edges  (Tunisia)  |Jeudi 8 Janvier 2015 à 10:31           
Ka'b ibn al-Ashraf

MSHben1  (Tunisia)  |Jeudi 8 Janvier 2015 à 08:54           
الارهابيون الذين قاموا بالمهمة القذرة هم مجرمين اغبياء و متخلفين . هذه العملة اضافة الى انها قتلت فرنسيين فيهم كثر مؤمنين بالله و ملائكتة و اليوم الآخر فأن فيهم شرطي مسلم و كما يقال اسمه احمد أضافة الى هذا فأنها ستزيد من البغضاء تجاه الجالية المسلمة و كثر منها قد يذهبون ضحايا في اروبا في ردات فعل عنصرية تجاههم . هلك الله الفاعلين الارهابيين كما هلك اصحاب الرسومات المسيئة فهم ايضا ارهابيين و من الديانات و من الانبياء و من الرسل ساخرين .
الارهابيون و القتلة مجرمين و كفرة و الساخرين من الرسل و من النبيين كذلك مجرمين و كفرة هلكهم الله بعض ببعض و بذلك يرسي الله العدل و الميزان . " فبأي آلاء ربكما تكذبان "

انا خبير الاستراتيجيين mshben1 و تقني التقنيين و عالم الحياة و الدين .


Labrados  (Tunisia)  |Jeudi 8 Janvier 2015 à 08:48           
مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا

Wildelbled  ()  |Jeudi 8 Janvier 2015 à 04:18           
كان من الأحرى والأجدى والأحسن أن يقوم سلمو فرنسا بوقفات احتجاج وتنديد وإرسال رساله خطيه للرئيس الفرنسي وأخرى للمنظمه الأوروبيه وثالثه لمنظمة الأمم المتحده
أما أن نذهب إلى التصفيات الجسده فهاذا غير مقبول ثم يظر سمعة لدين الإسلامي ولا ينفعه وسيظر كثيرا من المسلمين من جراء عقليات متحجره

Ahmedmabrouk  (Luxembourg)  |Jeudi 8 Janvier 2015 à 00:40 | Par           
؟؟؟؟؟؟؟

Joujoudjo  (France)  |Mercredi 7 Janvier 2015 à 23:18           
مسرحية سيئة الإخراج ! وهكذا أصبح لفرنسا الضوء الأخضر و التفويض الكامل من شعبها لإعلان الحرب "ضد الإرهاب" أو بلأحرى ضد الإسلام و المسلمين !


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female