البرلمان السّابق و هذا التأسيسي؟؟؟

<img src=http://www.babnet.net/images/9/parlementbenalix.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: توفيق بن رمضان

حقيقة إذا قيّمنا البرلمان السّابق مع هذا التأسيسي فلن نجد فارقا كبيرا في الأداء و الفعل فالسّلطة التّنفيذيّة هي المسيطرة دائما، و يمكن القول أيضا أنّ الأشخاص الذين في التأسيسي ليسوا بأحسن حالا من الذين كانوا في البرلمان السابق بالطّبع إذا استثنينا الرّجال و النساء الذين ناضلوا و سجنوا و ذاقوا الأمرّين من نظام بن علي و حتّى و إن كان أداؤهم ضعيفا فقد تشفع لهم سنوات العذاب و الجمر التّي تحمّلوها تحت نظام بن علي و بورقيبة.





و يقولون عن البرلمان السّابق أنّه برلمان بنو وي وي و هل هذا التأسيسي ليس تأسيسي بنو وي وي فعندما تتحقّق الأغلبيّة للحزب الحاكم يمكن للحكومة أن تمرّر ما تريد من قوانين بسهولة و إن صاحت المعارضة و زمجرت و انتفضت، و قد حصل هذا في التّأسيسي و كذلك في البرلمان السابق وهو يحصل أيضا في جميع برلمانات العالم و هذه من مقتضيات الأنظمة الديمقراطية و بديهيّات التعدّدية الحزبيّة.

كما أنّ حركة النّهضة بتحالفها مع الأحزاب التي شكّلت الترويكا ضمنت لها الأغلبيّة المريحة مثلما كانت الأغلبيّة الساحقة و المريحة عند حزب التجمّع، حيث أنّ نواب المعارضة في البرلمان السابق كانوا يتكلّمون و يعارضون و لكنّ المشكلة كانت في الإعلام، فقد كان إعلاما مسيطرا عليه و كان انتقائيا في بثّ ما يقوله نواب المعارضة و لم يكن يمكّنهم من إيصال أصواتهم للشعب، كما أنّ الشّعب كان غير مهتمّا بالسياسة و سلبيّا و لم يكن يعير اهتماما لما يدور تحت قبّة البرلمان و قد كنت شخصيّا أشبع النّواب سبّا أثناء بثّ الحياة البرلمانيّة تحت حكم بن علي، و بعد دخولي البرلمان تفاجأت عندما شاهدت النّقاشات التي تحتدّ في بعض الأحيان بين نوّاب المعارضة و نوّاب الحزب الحاكم، و لكن المشكلة لم يكن صوتنا يصل للشّعب كما أنّ الشّعب لم يكن يساندنا في مواجهاتنا مع الحزب الحاكم حزب التّجمّع المنحل.

و لعلم الجميع أنّه في كلّ حكومات العالم بما فيها أعتا و أعرق الدّيمقراطيّات، إذا كان لحكومة الحزب الحاكم الأغلبيّة الساحقة تحت قبّة البرلمان فهي تمرّر ما تشاء من برامج و قوانين و قد كان نصيب المعارض في البرلمان السابق الربع أما الحزب الحاكم فقد كانت له كتلة تشكّل ثلاثة أرباع المجلس و قد كان نظاما تسلطيا تسيطر فيه السّلطة التنفيذية على كل مفاصل و أركان الدولة.

و لنطرح سؤال، هل حكم بن علي بالبرلمان؟ بالطّبع لا بل حكم بوزارة الداخلية التي يجب أن تقسم لوزارتين بسبب تضخّم حجمها و دورها و من خلالها استعان بالقضاء الفاسد و الإعلام المطبّل و المزوّر للحقائق و الذي مازال منفلتا و جزءا هاما منه يعربد و يحرّض على الفوضى و الدمار و يعمل جاهدا لدعم و تنفيذ أجندات رموز المنظومة السّابقة و قوى الثّورة المضادّة.

و أقول لكم بكل صدق و يمكنكم التأكّد من ذلك، فقد تفطّن النّظام أنّه ترهّل و إهترأ و تشلّك و نخر من الدّاخل و ضعف، فقد اختار النّظام للانتخابات التشريعية سنة 2009 الكثير من الأشخاص الطّيّبين و غير الأشرار و ليسوا بالخبثاء و قد أزاح الصّقور و الأنذال ليرمّم أموره و يلمّع صورته، و للتذكير فقد فعلوا هذا سابقا في الانتخابات التشريعية 1989، و قد كنّا نسمع نوّاب التّجمّع يقولون أنّ النّظام مقبلا على إصلاحات سياسيّة مهمّة في بداية سنة 2011 و قد كان حديثا يتداول في أروقة البرلمان بين نواب السلطة و نواب المعارضة، و لكنّ الله نفّذ وعده قبل أن يتمكّنوا من تنفيذ تلك الإصلاحات، و للتّاريخ أعيد و أكرّر و أقول: لقد اختار النّظام السابق أشخاص طيّبين و شرفاء لعضوية مجلس النواب سنة 2009، و لا أبالغ عندما أقول أنّ أكثر من نصفهم رجال ناجحون و ممتازون و جزءا هاما منهم رجال أعمال و جامعيّون، أمّا التّأسيسي اليوم يمكننا قول الكثير فيه و مثله البرلمانات الأخرى منذ الاستقلال إلى 14 جانفي 2011 كانوا غير فاعلين و تلك هو المشهد و تلك هو الطرح السياسي فقد كان الشّعب سلبيّا و مرعوبا و عازفا عن ممارسة السياسة و الاهتمام بالشأن العام، و الحمد لله أنّ الثّورة المعجزة من عنده و التي لا فضل لأحد فيها و لا يمكن لأحد أن يدّعي أنّه هو صانعها قد حرّرت الجميع من تسلّط الفرد الواحد و من منظومة الاستبداد و الاستعباد التّي كان يعتمد عليها، و يمكن القول أنّها حرّرت أيضا جماعة الحزب الحاكم المنحل، فحريّ بالسواد الأعظم منهم أن يبتهجوا بالثّورة فقد حرّرت الجميع دون استثناء، فهل كان بالإمكان أو من السّهل لأي مسئول أو مواطن أن يقول لا للطّاغية بما في ذلك التجمّعيّين، فعلى الجميع أن يشكروا الله و يحمدوه على هاته النّعمة، نعمة الحرّية و التّحرّر التي تحقّقت للجميع المشارك في الحكم و المحكوم.

أمّا عن الذين كانوا يزعمون أنّهم زعماء أي الزعامات المزعومة و النخب الغير منتخبة أقول لهم لو لا الدّعم الخارجي و خاصة المادي لما تمكّنتم من أن تقفوا في وجه بن علي، و هذه حقيقة لا يمكنكم إنكارها، و يمكن القول في بن علي ما يقال في جحا حي يكوي و ميّت يكوي فقد كان الكثير يتمعّش من نظام بن علي كلّ على طريقته، المشارك و الموالي و المعارض المتصادم، فالعديد من الرّموز في المعارضة الموالية و المتصادمة مع بن علي تمعّشت من النّظام، فالبعض كانوا يتمعّشون من الداخل بالموالاة و التطبيل و الآخرون من الخارج بالتصادم مع النّظام و السبّ و الشّتم و استغلال عذابات المسحوقين من النّاشطين في المعارضة، فقد كان هناك من بين رموز النّاشطين السّياسيّين في المعارضة من كان يتاجر بعذابات المناضلين الصّغار و البسطاء ليتحصّل على مساعدات و جرايات من منظّمات حقوقيّة و منظّمات مجتمع مدني غربيّة، و هناك نوع آخر من الأذكياء و الدّهاة و البعض منهم اليوم هم في التأسيسي كانوا يعارضون من أجل الحصول على لجوء سياسي ليتمكّنوا من الحرقة بضخامة دون عناء و مخاطرة، و البعض منهم كان يطمح لمواصلة دراسته بالخارج و قد حصل و هذا مؤكّد فالبعض لم يتصادم مع النّظام بل مع أمناء الموالاة ليتمكّن من الحصول على اللّجوء السياسي في الدّول الأوروبية.

و اليوم بعد هروب بن علي و انهيار نظام التجمّع تحوّل الكثير من النّعاج و الزّعامات المزعومة إلى أبطال و أسود و عناتر، و لكنّ الذين كانوا ينشطون في المعارضة و المجتمع المدني قبل 14 جانفي 2011 يعرفون أنّ الكثير من الانتهازيين كانوا يحسبوا فيها و هم إلى اليوم مازالوا يمارسون نفس الممارسات و هم معروفون و مفضوحون فهم دائما يلهثون وراء المصالح و الامتيازات و الكراسي و ما التّنقّل من حزب إلى حزب إلا دليلا قاطعا على ما نقول، فما أحوجنا اليوم إلى رجال سياسة صادقين و مخلصين للشعب و الوطن لنتمكّم من الخروج من الورطة و الهاوية بأسرع ما يكون.

أما ما حصل هاته الأيام فهو يعتبر فضيحة كبرى حيث أن جزءا هاما من نواب حركة النهضة صوّتوا مع تنقيح القانون الدّاخلي و بعد أقلّ من شهر تراجعوا و صوّتوا ضد ما صوّتوا عليه و هذا لم يحصل في البرلمانات السّابقة و لم يفعله نواب حزب بن علي و بورقيبة.



Comments


10 de 10 commentaires pour l'article 75896

Pepe001  (France)  |Dimanche 8 Decembre 2013 à 16:51           
@Fredj1 (Tunisia) Je vous corriges: le peuple a souffert de 50ans de dictature et de corruption et non de 30ans comme vous le dites.

TOUTOU  (Tunisia)  |Vendredi 6 Decembre 2013 à 07:41           
هذا الكاتب هو شاهد على العصر و قد كان ينشط في المعارضة و قد كان نائبا وهو يتكلم على ما شاهده و ما عاشه و بكل إيجاز هو يتكلم عن تجربته

Faycel  (Tunisia)  |Vendredi 6 Decembre 2013 à 07:19           
Merci
NOURMAHMOUD, ENISSAH, Chebbonatome, Abou_akil, Fredj1, AFreeTunisian
Vous m'aviez épargné le temps de répondre et surtout l'effort de relire au moins certains passages.
De toute façon je ne l'aurais jamais fait aussi bien
Je partage complètement vos avis sur le sujet

NOURMAHMOUD  (Tunisia)  |Jeudi 5 Decembre 2013 à 21:44           
هنلك فرق هام جدا بين البرلمانين قد تكون نسيته أو تناسيته وهو أن التأسيسي موثوق بانتخابه و تمثيله لإرادة الشعب.

ENISSAH  (Tunisia)  |Jeudi 5 Decembre 2013 à 19:11           
استنتاج يا أستاذ توفيق :
اذا النهضة تمسكت موش باهي واذا تراجعت موش با هي ؟؟ هكة ماو ؟؟
دبر عليها يا أستاذ توفيق ، انت خدمت في المجالس سابقا وعندك خبرة : آشنوة يلزمها تعمل النهضة ؟؟
الكلام للكلام مضيعة لوقت اللي يتكلم ووقت اللي يسمع وانت استاذ وأدرى بهذا .
حاصيلو ، ربي يهديك ويوفقك ياسي توفيق .

Chebbonatome  (Tunisia)  |Jeudi 5 Decembre 2013 à 18:11           
محاولة إنشائية فاشلة لا تستحق التعليق لخروجها عن الموضوع
رصيدكم غير كاف لنشر هذا النّص ننصحكم بإعادة شحن أفكاركم

Abou_akil  (Tunisia)  |Jeudi 5 Decembre 2013 à 17:09           
مقال محدود التحليل كان الافضل ان تقارن القابل للمقارنة مجلس بنفسجسي ومعارضة لاطعم ولالون لها اما الان اكثرية لها حق التعطيل واكثرية صفيرية ليس لها قرار ومعارضة بنفسجية 'تضرب الحمار وتتخبي بالبردعة' البردعة = الاتحاد. وهذا كله في خظم الثورة

Chabanda99  (Tunisia)  |Jeudi 5 Decembre 2013 à 17:04           
دليل آخر على أنَهم لا يحتملون الصَدغ بالحقيقة على منوال سابقيهم في الحكم.

Fredj1  (Tunisia)  |Jeudi 5 Decembre 2013 à 16:25           
يا سي توفيق ربي يهديك وينورك ليكن في علمك ان هاته الفترة ليست فترة حكم بل فترة تكوين للحكم لانه اقوى حكام العالم لا يستطيعون حكم تونس في هاته الفترة الانتقالية هدا زيادة على ان الشعب التونسي تربى لمدة تقارب الثلاثون سنة على المادية والانانية .
الله يبارك لك يا سيد توفيق مهما كانت قوة اي حزب في تونس لا يستطيع فعل اي شيء في هاته الفترة ولهدا السبب لم توافق اغلبية الاحزاب في المشاركة في الحكم. وانا احيي التروكا على شجاعتها في هاته الفترة لتحملها المسؤولية التاريخية لقيادة تونس في احلك فترات تاريخها رغم شعورها واحساسها انها سوف تخسر الكثير حزبيا وهدا عكس ما يروج له الكثير من المتحزبين المعارضين الجهلة والدين سيأتي اليوم ويحاسبهم الشرفاء

AFreeTunisian  (Germany)  |Jeudi 5 Decembre 2013 à 15:55           
ماشي تقارن في تراجع بعض من نواب النهضة في التأسيسي عن التنقيحات ... تقارن فيهم ببرلمانات أخرى ... معناها تقارن في بلاد مزالت كيف خارجة من ثورة بعد ستين سنة دكتاتورية ... تقارن فيها و في برلمان إنتقال ديمقراطي ببرلمانات عالمية لبلدان عندها مئات السنين و هي تمارس في الديمقرطية ..


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female