صداع النهضة المزمن

بقلم الأستاذ بولبابة سالم
يبدو أنّ الحنين إلى بن علي و نظامه الدكتاتوري قد أصبح حلما يراود عتاة التطرّف العلماني , إنّهم يتمنّون و يحلمون باليوم الذي يساق فيه فصيل سياسي تونسي – مهما اختلفنا معه – إلى المحرقة من جديد كما حصل في تسعينات القرن الماضي . هؤلاء الموتورين لم نسمع لهم صوتا في سنوات الجمر بل كانوا منبطحين و على الأقل ساكتين على أكبر مظلمة و محرقة تحدّث عنها أحد منظّري العهد السابق {برهان بسيس} في برنامج الصراحة راحة الذي يقدمه سمير الوافي .
يبدو أنّ الحنين إلى بن علي و نظامه الدكتاتوري قد أصبح حلما يراود عتاة التطرّف العلماني , إنّهم يتمنّون و يحلمون باليوم الذي يساق فيه فصيل سياسي تونسي – مهما اختلفنا معه – إلى المحرقة من جديد كما حصل في تسعينات القرن الماضي . هؤلاء الموتورين لم نسمع لهم صوتا في سنوات الجمر بل كانوا منبطحين و على الأقل ساكتين على أكبر مظلمة و محرقة تحدّث عنها أحد منظّري العهد السابق {برهان بسيس} في برنامج الصراحة راحة الذي يقدمه سمير الوافي .

لقد عاد غلاة اليسار و الفوضويون و التيار الإستئصالي في نداء تونس إلى خطاب بداية التسعينات من تحريض و هرسلة اعلامية و تشويه و نشر الأكاذيب لضرب خصمهم السياسي بل بعضهم دعا بكل صلف ووقاحة و دون حياء رغم تاريخهم العفن الى حل المجلس الوطني التأسيسي وهو يناقش الدستور و إسقاط الحكومة بالعنف و الفوضى دون احترام لأدنى آليات العمل الديمقراطي وهم الذين صدعوا رؤسنا بالتنظير للديمقراطية و سيادة الشعب , و عندما اختارالشعب غيرهم و مارس اختياره الحرّ اتّهموه بالجهل و حقّروه وهو الذي أهداهم الحرية بعدما كانوا يعيشون كالأرانب , هم لا يدركون أنّ ذلك الشعب سيكنسهم لو تطاولوا على اختياره و صدق الرئيس المناضل المنصف المرزوقي عندما قال بأنّهم سيجابهون بثورة جديدة تنصب لهم فيها المشانق . لقد احترمت في السيد سمير بالطيب موقفه الرافض لفكرة حل المجلس الوطني التأسيسي وقال بكل وضوح : كيف تقع الدعوة إلى حل المجلس و قد بدأ في مناقشة الدستور لكني أؤيّد وضع سقف زمني معقول لإنهاء عمله وهو كلام معقول .
لو تحدّث هؤلاء عن اخفاقات النهضة وهي عديدة و اعتبروها منافسا سياسيا له عيوبه و عوراته الكثيرة خاصة مع وجودها في السلطة بحجم التحدّيات التي يعلمها الجميع لقلنا أن ذلك جائز في العمل السياسي فدور المعارضة هو الإشارة إلى مواطن الخلل و التنبيه لها بل يحق لها تضخيمها و فضح أي تجاوزات . لكن مصيبة بعض المعارضين أنّهم لا يعتبرون النهضة منافسا سياسيّا بل عدوّا يجب استئصاله و محاربته و إسقاطه و لو أدّى ذلك إلى خراب الوطن , إنّهم لا يهتمّون مطلقا لحال المواطن المسكين و لا لمآل بلدهم فتلك آخر اهتماماتهم فهم يعيشون في رغد العيش بعد أن امتلأت جيوبهم في العهد البائد و غنموا الأموال من الخارج فلا هدف لهم سوى السلطة . لقد وجدوا في ما حصل بمصر من انقلاب عسكري فرصة لتسويق الأمر في تونس بل سمعنا بعض من كانوا كالعبيد و يتقاضون الأموال من قطر و يوفّر لهم بن علي منحا يتحدّثون عن ثورة جديدة وهم الذين لم ينطقوا هذه العبارة مرّة واحدة في حياتهم , و الغريب أنّهم يبشّرون بالسيناريو المصري رغم غزارة الدماء التي تسيل في هذا البلد . إنّهم لا يستحون من البقاء فوق الجروح النازفة و الجثث المتعفّنة بسبب تعطّشهم للسلطة بل هم يحرّضون الجيش الوطني الذي حمى الثورة على التدخل و القيام بانقلاب عسكري و يدعون القيادات الأمنية على التمرّد , لقد صدق من قال : إنّ هذه الحثالة لا تعيش إلا في ظل الإستبداد و لها قبول لأن تلعق حذاء العسكر .
لقد فضح السيد نجيب الشابي هؤلاء الديمقراطيين المزيّفين الذين صفّقوا للانقلاب العسكري في مصر و رفض بشدّة الدعوات لاسقاط الحكومة بدون آليات الديمقراطية المعروفة و قال بأنّ ذلك يتعارض مع جوهر الديمقراطية , من الغباء أن نقارن بين التاريخ النضالي للأستاذ نجيب الشابي وهو الذي كرّس حياته من أجل تونس ديمقراطية و تحدّى بن علي في أكثر من مناسبة , و هذه الحفنة من الإنتهازيين و الوصوليين و المتملّقين و المتعطّشين للسلطة بأي ثمن .
نسي هؤلاء و من يريد استنساخ الحالة المصرية بأنّ تاريخ الثورات في تونس يخبرنا أنّها تندلع من الدّاخل و المناطق المهمّشة لأسباب اجتماعية اقتصادية , و لم نسمع بثورات يتمّ التحضير لها في نزل الخمسة نجوم و الصالونات الفخمة على نخب المشروبات الروحية الثمينة بتدبير ممّن يعانون تشوّهات فكرية و يعانون صداعا مزمنا منذ 14 جانفي 2011 اسمه النهضة أو الاسلام السياسي , و لا أريد تفويت الفرصة لأهنّئ النهضة و حلفائها بمعارضين كمثل هؤلاء المراهقين السياسيين .
كاتب و محلل سياسي
Comments
79 de 79 commentaires pour l'article 68621