النّهضة تقوّيها المعارضة و لكن تُربكها السّلفيّة

<img src=http://www.babnet.net/images/6/salafi4.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم / منجي باكير



برغم إنتفاء سابقيّة ممارسة السّياسة عند حركة النّهضة إلاّ إنّها تثبت كل يوم من خلال الواقع انّها تتقن إلى حدّ مّا فنون اللّعبة السّياسيّة و أنّها تمتلك من الأبجديّات ما يسمح لها للأخذ بأسباب إدارة المشهد السّياسي التونسي على الأقلّ داخليّا ، أمّا خارجيّا فإنّها تتلمّس طريقها بتعثّر و بصعوبة كبيرة وسط بحر لجيّ من التدافعات و المصالح و الضغوطات الغربيّة و الشرقيّة ،،،



بداهة لم تكن النّهضة تلك الحركة المتغلغلة شعبيّا إلى درجة أن كان لها ثقلا ً هامّا في الإنتخابات السّابقة و لكن ربّما هو الحظّ الذي جفاها سابقا لعقود تصالح معها و أدار لها وجهه الصّبوح لتحوز أغلبيّة أصوات تأتّت أكثرها من شعب أرهقته سنوات التغريب و إقصاء الدّين و رأى في التوجّه العام الإنتخابي للنّهضة أنّها قد تكون الأقرب إلى مطامحه لاسترجاع دينه و هويّته وسط مترشّحين لم يوفّقوا إلى الإنطلاق من القاعدة الشعبيّة و اكتفوا بتنزيل تنظيراتهم الإعتباطيّة من أبراجهم العاجيّة فقادتهم إلى الأصفار لتكسب النّهضة أكثر الأصوات و كانت هذه هي ضربة البداية ...هذه المعارضة و على النّحو الذي ظهرت عليه على الأقل إلى حدّ السّاعة أثبتت و تزيد إثباتا يوما بعد يوم أنّها لا تمتلك أدوات العمل الصّحيح فسقطت في دائرة الغباء السّياسي و لم تقدر على تشخيص أمّهات القضايا و لم تطرح بديلا واضح المعالم لأنّها تفتقر إلى أدبيّات و مرجعيّات أصلا ، زد على ذلك أنّ التلهّف على إيجاد مكان في الخارطة السّياسيّة جعلها مشتّتة مفرّقة لا يُقام لها وزن و لا يراعى لها اعتبار بل ربّما كانت وهي مفرّقة لعبة تتقاذفها النّهضة ذات اليمين و ذات الشّمال إمّا مباشرة أو عن طريق تكتيكات و مراوغات لا تجني منها المعارضة إلاّ سرابا ...
نذكر ايضا أن المعارضة حوت أشخاصا قذفوا بأنفسهم في أتون العمليّة السّياسيّة ليدّعوا باطلا إحترافهم لها و تخفّوا بقناع المعارضة و لكنّهم في حقيقة الأمرهم جنود مجنّدة من قوى خارجيّة تبحث عن التموقع داخل البلاد أو من رأس مال محلّي يجتهد في رسم معالم الثورة المضادّة و الإنقضاض على رأس قاطرة البناء الجديد فهم قد انخرطوا في تنفيذ مخطّطات ظاهرها تقدّمي حداثي و باطنها عمل تخريبي صامت يتفنّن في إرباك العمل الحكومي و تقويض السلم الإجتماعي و خرق الصّفو العام بُغية التنكيل بالحكومة و- قصْدا النّهضة - بغرض جلب النّقمة الشعبيّة عليها و إحداث مسبّبات مختلفة و بوتيرة صاخبة لإحداث الهرج و البلبلة لصرْف الطاقات و إهدارها عبثا .
لكن مقابل كلّ هذا بدت النّهضة حزبا سياسيّا طويل الصّبر بعيد النّظر يحسب إستباقا الكثير من المطبّات و يُحدث لها المعالجة الملائمة نوعيّا و توقيتا بتنفيذ قيادات يجمعها إنضباط حركي و توجّهها ضوابط حزبيّة تتحكّم فيها مركزيّة قويّة ، محيّنة و متابعة لدقائق الأحداث قبل كبيرها و تفصل مطبخها الدّاخلي عن خارجها لتمتصّ كل خلافاتها و تسعى لتمويه و تكذيب ما فرط منها للعلن أو تقاذفته الأخبار ،،
كما يُحسب للنّهضة أيضا أنّها كانت دوما قادرة على إمتصاص آثار إخفاقاتها و التخفيف من وطئها ، و تداركت وصمة ( إزدواجيّة الخطاب ) التي إلتصقت بها لتسحب الكثير من النّاطقين و تحجر على ظهور بعض قياداتها و تغيّب البعض الآخر مرحليّا .
و بين هذا و ذاك يُلاحظ أنّ النّهضة من وقت الإنتخابات و حملاتها ومن بعد تولّيها دفّة الحكم و إلى يومنا هذا أفلحت في ترصّد أخطاء المعارضة في استراتيجيّة ذكيّة لتوظّفها و تستفيد منها ،ممّا أكسبها ودّا و تعاطفا شعبيّا يعلو و ينخفض تضيفه إلى مستقبل رصيدها الإنتخابي بلا عناء و لا شقاء .
مقابل هذا فإنّ حركة النّهضة لم تفلح و ربّما لن تفلح في تعاملها مع التيّار السّلفي الذي حاولت سابقا غضّ النّظرعنه و عدم تناوله علنا ، بل كانت في مواقف متعدّدة سابقة تظهر بمظهر اللّين و خطْب الودّ ، هذا الصّفاء الذي كان في وقت ضعف الحكومة و تعدّد الجبهات أمامها لم يدم طويلا ، إذ نراها اليوم وبعد أن توصّلت إلى ما يشبه الهدنة الإجتماعيّة و لمّ صفوف الأمن و استرجاع هيبتهم و سطوتهم ، نراها قد اتّجهت إلى مجابهة التيّار السّلفي و محاصرته و إعلان المواقف الصّريحة بأن هذا التيّار في مُجمله يحمل وصمة الإرهاب و يتعاطاه و هي في حلّ ممّا يتبنّى من فكر بل هي تستهجنه و ترفضه رفضا قاطعا ،،، يُذكر أنّ بعض المتابعين للشّأن السياسي لمّح إلى أنّ هذا التصعيد قصْدٌ تمليه الظروف المرحليّة و هذا ما يؤيّده تصريح قيادي بارز في حركة النّهضة من أنّ ما يجري الآن من تصعيد ضدّ أنصار الشريعة هو مرتبط بالمفاوضات الجارية بخصوص قروض طلبتها البلاد التونسيّة و أنّ هذا من جملة شروط الموافقة على إسداء القروض ..!
أضف إلى هذا الضغوطات المحلّيّة من طرف الأحزاب العلمانيّة التي تعتنق اليسار المتطرّف –فهي تعتبر السّلفيّة عدوّها الألدّ -و التيّ دأبت بلا هوادة في اتّهام الحكومة بالتّساهل مع النّشاط السّلفي ،فالسّلفيّة هي الرّقم الصّعب لهؤلاء اليساريين الذي لا يقبل المهادنة و يقف حجر العثرة أمام البضاعة التي يروّجوها و ثقافة الإنحلال و التغريب ...
كما أنّه من المهمّ ذكر أنّ المشروع النّهضوي الذي يرفع راية الإعتدال و التدرّج في تشخيص و طرح و معالجة القضايا و لا يرى مانعا في التنازلات مقابل التمكّن السّلطوي يرى في التيّار السّلفي المنافس الشعبي القويّ في كثير من الأوساط المحلّيّة ، هذه المنافسة التي قد تخطف من النّهضة الأضواء و تصرف عنها إهتمام كثير من المحبّين و الأنصار و هذا تؤيّده حقيقة التنامي السّريع لتيّار أنصار الشريعة و مدّ جذوره في العمق و الإلتفات لمتابعة أدبيّاته بعد أن كانت مغمورة و ضبابيّة .
كلّ ما سبق ذكره يجعل من المعقول القول إستخلاصا بأنّ حركة النّهضة بعد مغامرتها باعتلاء سدّة الحكم في تلك الظروف الإستثنائيّة و على الحال الذي هي عليه تنظيميّا و بالظروف المحليّة الغير ناضجة سياسيّا و ما يتحكّم في خيوط اللعبة السياسيّة يُلاحظ أنّ النّهضة ربّما نجحت نسبيّا في إيجاد طرف المعادلة مع من يتزعّم المعارضة في البلاد لكنّها لم تستطع إيجاد سبيل تعايش مع السّلفيّة خصوصا في ظلّ مناخ عالمي يعلن الحرب عليها و يطاردها و يقصي وجودها ، بل يجعل التعاون مع مخطّطاته تلك شرطا من شروط الرضا عن الحكومات و رعايتها إقتصاديّا وربّما حتّى مؤازرتها أمنيّا وعسكريّا ..




Comments


7 de 7 commentaires pour l'article 65767

Mandhouj  (France)  |Dimanche 26 Mai 2013 à 18:12 | Par           
Moi je ne pense pas qu'il y a eu un divorce entre ennahda et les salafistes, pour la simple raison qu'il n y a jamais eu de mariage ni copinage. Ennahda est un parti politique avec un projet politique qui ne fait pas rupture avec le grand socle commun des valeurs sociétales des tunisiens, même si ce projet porte une certaine moralisation au niveau des individus. Et puis son projet social et économique est de nature social libéral qui ne dérange pas trop l'économie ouverte. Politiquement ennahda est un parti démocrate. Les salafistes c'est tout à fait autre chose qui ne fait pas société moderne et développée. Si ennahda réussit dans la gestion des affaires du pays, loin des mécanismes de la corruption... Alors on pourra dire qu'on est devant un parti qui pourra réussir à la Tunisie dans le sens d'en finir avec la dictature du parti unique et de la pensée unique. Reste le volet du développement et de la justice sociale, là il faut tout le temps se battre et apprendre à innover dans le combat social et pour une meilleure distribution des richesses et de pouvoir entre les territoires. Ce dernier combat ne pourra prendre forme qu''à travers une décentralisation par la cohérence et la liberté d'union entre les différentes communes. Vouloir, c'est pouvoir, et pouvoir, c'est se donner les moyens. Ben Ali harab. Mandhouj tarek.

Adamistiyor  (Tunisia)  |Dimanche 26 Mai 2013 à 17:35           
مثل كل العائلات يربكهم ابناؤهم لا ابناء الجيران

Marcos7  (Switzerland)  |Dimanche 26 Mai 2013 à 17:03           
Est ce que la tunisie est toujours dans un processus democratique? ou sont les elections???

MSHben1  (Tunisia)  |Dimanche 26 Mai 2013 à 15:40           
الشريعة جاية جاية بارادة شعبية عارمة و في كل دول الربيع العربي .هذا شيء لا بد من حدوثه و النهضة اضحت ضعيفة جدا امام السلفيين و غيرهم لتنازلاتها المتتالية و لتركها الشريعة التي هي اساس الاسلام فبماذا اتيتمونا اذا خاصة و انكم تدعون الاسلام ؟ انا خبير الاستراتيجيين لست سلفيا و لا قائدا سلفيا و الا لأمرت السلفيين ان يكونوا احزابهم و ياخذوا تاشيراتهم و ينتخبوا بكثافة و حتما سيحكمون على طول لان الشعب يبحث عن الشريعة بعد استفحال الجريمة و قطع العمل و
الطرق و المصانع و المخدرات و الاغتصاب و التهريب حتى انه يمكن ان نقول انه مجتمع جاهل و متخلف كان لم ير الاسلام يوما في حياته .

انا خبير الاستراتيجيين لا مشكلة لي مع النهضة و لا مع الوهابيين سوى اني ادعو الى الشريعة دستورا و الى المدنية و التحضر و العلم و العمل مظهرا عاما للاسلام الديمقراطي الحق و ما عدى هذا فانه تخلف على غرار تخلف النهضة و الجهاديين . انا العبقري mshben1 ابشر با بالانتشار القريب للشريعة في بلدان الربيع العربي و ابشر بتحرير فلسطين القريب على شاكلة الربيع العربي بعد تكوين جبهات شعبية من لدن دول الجوار لفلسطين لا دخل فيها للحكام العرب المتخلفين بقيادة سوريا
و حزب الله و ايران و كل الوطنين الاحرار في كل بلاد العرب و المسلمين متحدين اسلاميين لا سنيين و لا شيعيين بل فقط اسلاميين و كفى .

Zarboutt  (Norway)  |Dimanche 26 Mai 2013 à 15:30           
La nekba est déjà programmée pour s'auto-détruire car elle n'attire que les clochards comme rikouba, les arrivistes comme jerraya, les vendeurs d'alcool comme esso3louk dghij, les lèches-botte comme samir el wafi et ben 7adid etc

Laabed  (Tunisia)  |Dimanche 26 Mai 2013 à 14:54           
طلاق حركة النهضة المؤقت مع الجركة السلفية هو طلاق ظرفي أملته ضغوط داخلية و خارجية و ليس نتاج مراجعات فكرية و خيارات سياسية ،و أعتقد ان زواج المتعة بينهما سيعود حالما خفَت الضغوط لمواجهة اعداء الاسلام

Bouabellah  (Tunisia)  |Dimanche 26 Mai 2013 à 12:34           
الاحزاب السياسية في لعبة تحالفات دائمة والسياسة لعبة قذرة وكما تحالف حمة الهمامي والشابي وغيره مع اعداء الامس التجمعيين ضد النهضة ربما تتحالف هذه الاخيرة معهم ضد السلفيين.


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female