المهرولون إلى منصب الرئيس

<img src=http://www.babnet.net/images/6/harwel.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم عبد الرزاق قيراط



الساسة مثل حفّاضات الأطفال، يجب تغييرهم بكثرة ولنفس الأسباب ، حكمة يتعلّمها المشاهدون من فيلم أمريكيّ بعنوان رجل العام (man of the year) بطولة النجم الكوميدي روبن ويليامز. وبهذه المناسبة نشكر mbc2، قناة الفقراء، لعرضها ذلك الفيلم الحديث، إذ لم يمض على إنتاجه إلاّ سنوات قليلة. ومشاهدة الأفلام الجديدة لا تتيسّر إلاّ بمقابل يدفعه الأغنياء لقنوات مشفّرة، وقد لا يدفعونه بفضل القرصنة التي تجبر تلك الباقات على إنفاق مبالغ ضخمة لتطوير أنظمة التشفير لديها... وتدور أحداث الفيلم الطريف حول مذيع كوميدي يسخر من رجال السياسة وينتقد تصريحاتهم الجوفاء، ثمّ يفاجئ الجميع بإعلان ترشّحه للانتخابات الرئاسية. وتكون الصاعقة بإعلان فوزه ليصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية. وقد نجح بفضل خروجه عن المألوف والعمل بنصيحة مدير حملته الانتخابيّة: عليك بالاختلاف، إذا أردت الحديث عن قضية جادّة ستفقد انتباه الناس . وهكذا خلط الجدّ بالهزل حتّى لا يكون مثل ساسة اليوم الذين يبدون كالتماثيل المعارة من متحف الشمع، إنّهم في بزّاتهم ينتظرون الدفن ، هكذا وصفهم كاتب الفيلم ومخرجه باري لفينسون قبل أن يقرّر إنهاء عمله بمراوغة الجمهور المتحمّس لذلك الرئيس المختلف الذي قدّم مثالا ناصعا للصدق والأمانة. فنهاية الفيلم تبدّد أحلام الذين يناصرون فوز المختلفـين أو الصادقين الأمناء بأعلى المناصب. لقد تخلّى توم دوبز عن الرئاسة التي فاز بها خطئا بسبب خلل تقنيّ في نظام فرز الأصوات. ولكنّه تُـــوّج بلقب رجل العام بعد أن ملأ الدنيا وشغل الناس ...




في تونس أراد السيّد الباجي قايد السبسي أن يملأ الدنيا ويشغل الناس، فترشّح للانتخابات الرئاسيّة قبل الأوان. وقد برع صاحبنا مرارا في التعبير عن رغبته في ذلك المنصب. وهو على الأرجح لم يشاهد الفيلم الأمريكيّ المذكور حتّى يستفيد من الدروس التي حفل بها، ومنها بالخصوص ما جاء في توجيهات مدير الحملة الانتخابيّة للمرشّح الساخر دوبز عندما نصحه قائلا: لا تحاول لعب دور الرئيس وإلاّ صرت مثلهم ميّتا يرتدي بزّة ... ومع ذلك، لا نرى مانعا في أن يترشّح صاحبنا ذو البزّة، ولا مانع من وصوله إلى الرئاسة مادام المكتب البيضاويّ جلس عليه العظماء وغير العظماء ، حسب ما قيل في الفيلم، وصدّقه الماضي القريب من خلال بوش الابن على الأقلّ. وعلى هذا الأساس، تجوز المقارنة بيننا وبينهم. والغريب أنّ (دراما الانتخابات الرئاسيّة في عالمنا العربي) لا تختلف في شيء عن الأفلام الأمريكيّة الكوميديّة، ولكنّها تفتقر قطعا إلى الكثير من العِبَرِ التي يكتبها المبدعون الأمريكيوّن في سيناريوهاتهم، وعلى رأسها، مسألة الحفّاضات وواجب تغييرها باستمرار احتراما لمبدأ التداول على الحكم. وفي غياب إنتاج أعمال دراميّة ذات مضامين سياسيّة محترمة، يتكفّل الواقع الجديد الذي جاء به الربيع العربيّ بملء الفراغ. ولنا في تونس شواهد كثيرة آخرها تهافت المترشّحين للرئاسة قبل أن نعرف تاريخ الانتخابات وقبل أن يجهز الدستور حيث يعمل النوّاب على تشفير نصوصه وفصوله بما يعفي الشيوخ الذين رُدّوا إلى أرذل العمر من دخول ذلك السباق. (والأمر لا يخلو من حكمة تجنّبنا مكاره على علاقة بالحفّاضات). ولكنّ قراصنة السياسة والإعلام بالمرصاد لمن يريد التضييق على بعض الراغبين في ذلك المنصب خدمة للبلاد . وأكثرهم رغبة في تلك الخدمة الهاشمي الحامدي من لندن، وقايد السبسي الذي ظهر على قناة نسمة كعادته وعادتها ليعلن ترشّحه أكثر من مرّة. وقد أريد لمبادرته الأخيرة أن تأخذ حجما إعلاميّا من الوزن الثقيل، فاحتفلت به نسمة الحمراء التي تحوّلت إلى باقة من ثلاثة ألوان (الحمراء والخضراء والزرقاء)، والباقة غير مشفّرة للأسف الشديد، لذلك ننصح القائمين عليها بفعل ذلك، ونطمئنهم أنّ القراصنة لن يفكّروا في فكّ شفرتها لأسباب معلومة... وتشفير نسمة لن يحرم نداء تونس ورئيسه من خدمات جليلة تقدّمها قنوات أخرى على رأسها التونسيّة التي خفضت لأبينا الحنون جناح الذلّ من الرحمة، عندما استضافته في برنامج التاسعة مساء فطلب بحزمه المعروف من الصحفي معز بن غربيّة أن يسكت ويسمع ، فأطاع على غير عادته بكلّ أدب وخضوع. ولم نعرف سرّ ذلك الخضوع إلاّ في حلقة لاحقة من ذلك البرنامج عندما طفق المحلّل السياسيّ المتأدّب صلاح الدين الجورشي ينظّر عن حاجة التونسيّين إلى أب حنون يحكمهم، مؤكّدا أنّ تلك الصفة لا تتوفّر إلاّ في السيّد قايد السبسي. وعملا بقوله تعالى فضحكت فبشّرناها ، ترشّح الرجل ذو البزّة بعد أيّام من ذلك التحليل العميق الخاضع لمخلّفات الدولة العميقة. ولعلّ التونسيّين فهموا الدرس من كثرة التلقين، ليقولوا: ما أحوجنا إلى حاكم يعاملنا بسلطة الأب الحنون العارف بمصلحة أبنائه، ونعامله بقواعد برّ الوالدين، ووصّينا الإنسان بوالديه حسنا .. أو هكذا يتوهّم المحلّلون المبشّرون في قنوات كثرت فيها الحماقات.
وفي انتظار ظهور الحقيقة، يتواصل فيلم الرعب في منطقة الشعانبي، وقد هرول الرئيس المرزوقي للقيام بحملة سريعة في المنطقة وألقى كلمة خاطب بها الإرهابيّين قائلا : لن تمرّوا !. وذكّرهم أنّ الشعب التونسيّ لا يخاف، وأنّ له حكومة شرعيّة. وبهذه اللهجة الحازمة، يصعب التكهّن بملامح الرئيس القادم، فليس كلّ المرشّحين مؤهّلين للمرور. واعتقاد البعض بأنّ الرئاسة أقرب إليه من غيره، قد يضعه في مأزق كوميديّ لا يحسد عليه، وفي أقصى الحالات، يقع ترضيته بلقب معنويّ فيتوّج برجل العام، man of the year. وتذهب الرئاسة إلى من يستحقّها ولو على وجه الخطأ.









Comments


11 de 11 commentaires pour l'article 64828

Momo1  (Tunisia)  |Mercredi 8 Mai 2013 à 20:48           
الرؤية واضحة أمام كل ناخب أكثرمن أي وقت مضى؛؛؛فتحول الأحزاب إلى تكتلات سهل الأمر وطول الفترة الفاصلة بين الإنتخابات وكثرة امتحانات الساسة؛وآداءهم أثناءها؟؟يؤكد أن لفوز سيكون للأجدر؛؛وارادة الصندوق قد تحمل مفاجآت؛الواجب إحترامها؟؟

Wildelbled  (United States)  |Mercredi 8 Mai 2013 à 17:55           
اعتراف لا مناص منه، إن كتابات السيد قيراط تشدي أكثر من غيرها للمستوى العالي لها سواءا أدبيا أوأخلاقيا أو سياسيا أودينيا زد على ذلك خفتها ولعمق تحليلها

Langdevip  (France)  |Mercredi 8 Mai 2013 à 17:50           
@zarboutt
bien dit
حتى إلي كان يكرهو صبح يحترمو بشكل غريب
و لالهم سبع الشيخ

Masmous78  (Tunisia)  |Mercredi 8 Mai 2013 à 14:45           
à mon avis, il n y a pas beaucoup de gens qui aiment vraiment la momie de "ytet tounes". ceux qui parlent de lui en bien sont des lèches-bottes qui n'on d'autre recours que de s'allier au diable pour ne pas disparaître du paysage politico-médiatique. des zéros-zéros-zéros ...à l'infini. pour le reste, c'est une caste a part de nostalgiques du temps béni des colonies...pardon... de ben ali. une mafia d'hommes d'affaires corrompus et de
faux bourgeois, résidus d'orphelins de la france colonialiste et qui mangeaient goulûment dans la main de leur mentor zaba-bac moins trois et de sa dulcinée la vipère des trabelsi. si c'est bajboub qui remplace le duo zine-leila, ils vont tous avoir affaire aux tunisiens, échaudés par le psd de bourguiba et le rcd de l'ère nouvelle et qui leur botteront tous le derrière lors des prochaines échéances eléctorales.

MOUSALIM  (Tunisia)  |Mercredi 8 Mai 2013 à 12:25           
فعلا فآذان المرزوقي في الجبال الخالية -خسئتم -لن تمروا ثلاثا -ليست موجهة لارهابيين لا وجود لهم بل كلمات مشفرة لمن يفكر في مزاحمته في منصب الرئاسة ....

Fikou  (Tunisia)  |Mercredi 8 Mai 2013 à 12:13           
تحليل محترم ولكنه لا يصمد للنقاش لأن أغلب الظن أن السبسي ومن ورائه ليسوا بأغبياء لهاته الدرجة وأن ما يقومون به هو مجرد مناورات للبقاء في الواجهة الإعلامية

Benzarti_tn  (Tunisia)  |Mercredi 8 Mai 2013 à 12:06           
نداء الى الباجي
جماعة نداء تونس الكلهم تجمعيون و انت تمثل الملجا الاخير و الوحيد باش يحاولوا يرجعوا عن طريقه للساحة السياسية و من بعد يطيشوك كيما طيشو بورقيبة القدوة متاعك... وقتها نرجعو عاد لسياسة التماسيح و التمسيح و الفاهم يفهم

Hemida  (Tunisia)  |Mercredi 8 Mai 2013 à 11:50           
السبسي ظهر انه مهرج سياسي من الحجم الثقيل و هو ثقيل ظل و سوف تكشف الأيام انه متورط في عديد القضايا و آخرها شيخ شارل نيكول

Zoulel  (Tunisia)  |Mercredi 8 Mai 2013 à 10:13           
هل تعلمون لماذا استبق السبسي الاحداث واعلن نيته الترشح......الجواب لسببين اثنين اولهما التشويش على كتابة الدستور لتنقيحه قبل صدوره وثانيهما قطع الطريق على بقية من ينوي الترشح عن الاتحاد من اجل تونس. واعتقد انه لن يترشح في النهاية لان تهريجه وتضليله قد صارا مفضوحين

Kroling  (Tunisia)  |Mercredi 8 Mai 2013 à 09:36           
برافو ، تحليل عميق وجدّي و لكن لمن يفهم معانيه ويستوعب رموزه . المهم أن الرسالة وصلت والصندوق هو الفيصل و الأجدر هو الذي سيقع انتخابه بلا شك و ليس المهرولين على الرئاسة

Zarboutt  (Norway)  |Mercredi 8 Mai 2013 à 09:22 | Par           
Beji c. Sebsi va vous rendre fou et malade hhh. Il est peut etre tres populaire en Tunisie c'est pour ca que vous parlez de lui tout le temps. Cela me rappelle le scenario de denigrement d'ennahdha avant les elections de la constituante; plus vous en parlez plus il y a des gens qui voteront pour lui, effet boomerang hhhhh :D


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female