قوى الثورة المضادة... و الانقلاب البنفسجي الثالث

بقلم: توفيق بن رمضان
كان يوم 14 جانفي 2011 يوم المحاولة الأولى للانقلاب على الثورة، و باستقدام السبسي بعد إسقاط حكومة الغنّوشي، كانت المحاولة الثانية، و قد جاؤوا بعجوزهم
من أجل إنقاذهم و إنقاذ نظامهم المتهاوي، و قد تكرّرت المحاولات الانقلابية عدّة مرّات، و يمكن القول في عملية اغتيال شكري بلعيد أنّها الانقلاب الرابع أو الخامس و ربّما السادس، و لكن لنسلّم و نقول أنّه الانقلاب الثالث، و لا شكّ أنّ بعض الرموز الإجرامية المتّصلة بالنظام السابق من مختلف الأطراف… الخاسرة لسطوتها و مصالحها انطلقوا منذ مدّة في تنفيذ تصفيّات جسدية للصقور من الذين يتزعّمون التصدّي لهم، و ربّما طارق المكّي كان الأوّل على القائمة، و أمّا حادثة اغتيال شكري بلعيد فالهدف منها ضرب عدّة عصافير بحجر واحد، التخلص من زعيم سياسي لم يهادنهم، و إشعال الفتنة و التناحر بين أنصار التيّار اليساري و الإسلامي حتّى لا تستقر الأوضاع، و بالتالي إرباك الحكومة و العمل على إسقاطها، و قد تجاوز الأمر هذا الحدّ، حيث طالب زعيم الثورة المضادة بالتدخل الفرنسي و حل المجلس التأسيسي.
كان يوم 14 جانفي 2011 يوم المحاولة الأولى للانقلاب على الثورة، و باستقدام السبسي بعد إسقاط حكومة الغنّوشي، كانت المحاولة الثانية، و قد جاؤوا بعجوزهم

و من الأخطاء التي ارتكبها رئيس الحكومة، الاستعانة بمهندس الانقلابات البيضاء و الترقيعات الدستورية، فهل لا توجد كفاءات في تونس إلا هو، أين الأستاذ قيس سعيد الرجل الوطني الفاضل، الذي لا ارتباطات سياسية له بأي طرف، فلا يمكن الشكّ في وطنيّته و إخلاصه و صدقه و كفاءته، لماذا إقصاء الشرفاء و الاستعانة بمن هم مشكوك في نزاهتهم و الواضح انحيازهم لقوى الثورة المضادة، فالسيد معروف من هو و ما هو الدور الذي قام به في الهيئة العليا لتحقيق أهداف البلدية و الالتفاف على أهداف الثورة حيث جيء به مع السبسي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من نظامهم المتهاوي، و الحمد لله فقد خيّب مساعيهم و أفشل مخطّطاتهم و برامجهم رغم المحاولات المتعدّدة و الإمكانيات الجبّارة و الانحياز بل التآمر الإعلامي الفاضح و المدمّر.
و ما دعوة السبسي لحل المجلس التأسيسي إلا انقلابا على الشرعية كما انقلب هو و قريبه المبزع على الدستور الذي هو مصدر شرعيته و الذي ليس من حقّه كرئيس مؤقّت تنقيحه و تعطيله فما بالك بإلغائه، و قد قالوا أنّ الدستور تجاوزه التاريخ، و لكن في الحقيقة هم .... الذين حكموا مع بورقيبة و بن علي من تجاوزهم التاريخ، و هم من يجب عليهم أن يذهبوا إلى مزبلة التاريخ و ليس البروز من جديد و المواصلة في التآمر و التلاعب بالشعب و الوطن.
و بعد إلغائهم للدستور من أجل الانقلاب على الشرعية الدستورية و تجاوزهم للقانون و حل مجلس النواب و لنقل على الأقل تعسفهم على النواب الشرفاء من المعارضة، فلا يمكن القبول بوضع نواب المعارضة و نواب التجمع في نفس السلة فهذا تجني و ظلم، فقد كانوا يناضلون قبل الثورة و يتكلمون تحت القبة، و كل شيء مدون و مسجل، كما يمكن القول أن السلطة التشريعية عموما لا تتحمل ما فعله النظام السابق فهي لم تكن متورطة في سحق و ظلم الشعب، بل مسؤولية ما حدث لا تتحمله إلا السلطة التنفيذية المسيطر عليها رئيس الجمهورية و المتمركزة في وزارة الداخلية التي كانت متغولة على الشعب و كانت تمثل العصا الغليظة التي تمكن الطغاة من سحق و محق الشعب، و المسؤولية يشترك فيها بالطبع الحزب و القضاء و الإدارة التي كانت تخدم الطاغية عبر المسئولون التجمعيون المنصبون و المشرفون على تسييرها.
و اليوم رغم أن المجلس التأسيسي يعتبر أقوى سلطة، نراه يقف عاجزا أمام السلطة التنفيذية رغم أنّها ضعيفة، حيث أن رئيس الحكومة يروج لتعديل وزاري دون الرجوع إليه مستغلا ثغرة قانونية بتدبير من فقيه التآمر الدستوري، فأين المجلس التأسيسي الذي يقال عنه أنه مصدر كل الشرعيات و السلطات و لمذا اللوم على مجلس النواب السابق الذي كان تحت جبروت و تسلّط بن علي و حزب التجمع و الذي كان مكبّل و دوره ضعيف و محصور في المصادقة على القوانين التي تتقدم بها السلطة التنفيذية في أغلب الحالات، بل لنقل في كل الحالات فالمبادرة التشريعية كانت محصورة و محتكرة عند رئيس السلطة التنفيذية أي في يد الرئيس المخلوع.
و بعد أن خسروا الرهان الأخير يوم 23 أكتوبر 2011 من أجل العودة بالطرق الشرعية، و بعد ما أفلتت الأمور من أياديهم يوم التصريح بنتائج انتخابات المجلس التأسيسي، تجندوا مع الخاسرين الذين اختاروا المعارضة و عملوا على تأجيج الأمور و افتعال الأزمات و دعم الإضرابات و الإعتصامات و تمادوا في تعطيل دواليب الدولة و الاقتصاد و الإضرار بالشعب و مصالحه و الوطن و أمنه، و باغتيال شكري بلعيد دعا زعيم الثورة المضادة إلى إسقاط الشرعية و من قبله طالب بعض الدستوريين الجيش من أجل التدخل و استلام الأمور، لأنه في تصورهم هو الملاذ و الأمل الأخير الذي بقي لهم من أجل الخلاص و الإفلات من المحاسبة و العقاب.
Comments
18 de 18 commentaires pour l'article 60373